أعلنت حكومة المملكة العربية السعودية الثلاثاء الماضي عن اضخم ميزانية في تاريخها للعام المالي القادم (2018) بمستوى إنفاق يتجاوز تريليون ريال رغم تراجع أسعار النفط العالمية عما كانت مستوياتها قبل عدة سنوات. ارتكز إنفاق الميزانية الجديدة على ثلاثة محاور رئيسية؛ وهي المبالغ المخصصة بالميزانية للإنفاق التشغيلي والرأسمالي بإجمالي نفقات قدرت بمبلغ 978 مليار ريال، وصندوق التنمية الاجتماعية (الذي يضم تحت مظلته عدة صناديق تنموية)، وصندوق الاستثمارات العامة بإجمالي إنفاق على هيئة دعم واستثمارات بمبلغ قدر بنحو 133 مليار ريال. إن اللافت للانتباه بميزانية العام المالي القادم، تأكيدها على التزام الدولة بتحسين المستوى المعيشي للمواطنين من خلال تنفيذ العديد من المبادرات والبرامج التنموية، إضافة إلى تحفيز القطاع الخاص، حتى يكون له دوراً فاعلاً ومؤثراً في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية وبما يسهم في توليد المزيد من فرص العمل للمواطنين، وأيضاً زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 40 في المئة إلى 65 في المئة خلال عمر رؤية المملكة 2030. كما وقد كشفت أرقام الميزانية عن إحراز الحكومة السعودية تقدماً ملحوظاً في قدرتها على التحسين من مستوى كفاءة الإنفاق العام وبما لا يضر بمستوى الخدمات العامة التي تقدم للمواطن في شتى مجالات الحياة، هذا بالإضافة إلى نجاح برامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي استهدفت زيادة الإيرادات غير النفطية، والتطوير المستمر لإستراتيجية إدارة الدين العام، في الوقت الذي تواصل فيه حكومة المملكة تطبيق المزيد من الإصلاحات الاقتصادية ضمن إطار برنامج التوازن المالي المنبثق من رؤية المملكة 2030. إن ما ستشهده ميزانية العام المالي القادم من إنفاق توسعي، ما هو الا امتداد لما شهده العام المالي الحالي (2017) من مستوى إنفاق توسعي أيضاً رغم انخفاض أسعار النفط العالمية، حيث يتوقع للإنفاق الفعلي لهذا العام أن يفوق الميزانية المعتمدة بنحو 4 في المئة؛ وذلك بسبب زيادة وتيرة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية وعلى تطوير أهم القطاعات التي تخدم المواطنين والتي من أهمها: الصحة والتنمية الاجتماعية، والتعليم التي ارتفع الإنفاق عليهما بنسبة 11 و14 في المئة على التوالي. خلاصة القول؛ إن أرقام الميزانية العامة للدولة للعام المالي القادم (2018) كشفت عن عزم الدولة على الدفع بعجلة الإصلاح الاقتصادي والمالي في المملكة، من خلال تنفيذ مجموعة من التدابير المالية والاقتصادية للتحسين من كفاءة الإنفاق الحكومي، وإيجاد مصادر جديدة للدخل غير النفطي ودعم القطاع الخاص، والإسهام في توليد فرص العمل للمواطنين بما في ذلك تحسين مستوى الخدمات الأساسية المقدمة لهم.