تُعد المطارات عنصرًا أساسيًا في دعم التنمية الوطنية حيث تسهم في تعزيز الحركة الاقتصادية وربط المدن والمناطق المختلفة إضافة إلى دورها المحوري في تسهيل التجارة وجذب الاستثمارات كما تلعب المطارات السعودية دورًا حيويًا في دعم قطاعي السياحة والحج والعمرة مما يجعلها جزءًا رئيسًا من البنية التحتية الاستراتيجية للمملكة ومع تسارع وتيرة التطور في قطاع الطيران أصبحت مطارات المملكة مراكز لوجستية متكاملة تدعم تحقيق رؤية 2030 التي تهدف إلى تعزيز مكانة السعودية كمحور عالمي للنقل الجوي شهد قطاع الطيران المدني في المملكة تحولات جذرية على مدى العقود الماضية حيث انتقل من تشغيل مدارج صغيرة مخصصة لرحلات محدودة إلى شبكة واسعة تضم أكثر من 30 مطارًا دوليًا وإقليميًا ومحليًا ويعود هذا التطور إلى جهود مستمرة في تحديث البنية التحتية واعتماد أحدث التقنيات والخدمات الذكية مما جعل الطيران السعودي عنصرًا رئيسًا في التنمية الاقتصادية المستدامة. البدايات الأولى شهدت المملكة العربية السعودية منذ بدايات القرن العشرين تطورات كبيرة في مختلف القطاعات وكان دخول الطيران المدني أحد أبرز التحولات التي أسهمت في تسهيل التنقل وتعزيز التجارة ودعم الاقتصاد الوطني فمنذ اللحظات الأولى التي حطت فيها الطائرات في أجواء المملكة بدأ عهد جديد في مجال النقل الجوي مما ساهم في ربط المدن السعودية بالعالم الخارجي وسهل حركة الحجاج والمعتمرين القادمين من مختلف الدول أولى الرحلات الجوية تعود بداية الطيران المدني في المملكة إلى ثلاثينات القرن الماضي، عندما أدرك الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مؤسس المملكة، أهمية الطيران كوسيلة حديثة للتنقل والتواصل مع بقية الدول، وكانت أول رحلة جوية مسجلة في تاريخ المملكة عام 1926م عندما استقل الملك عبد العزيز طائرة من نوع فوكر F.VII خلال زيارته إلى جدة، وهي الرحلة التي دشنت بداية اهتمام الدولة بهذا القطاع الاستراتيجي وفي عام 1945م قدم الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت طائرة من طراز داكوتا DC-3 كهدية للملك عبد العزيز وهو الحدث الذي شكل نقطة تحول في تاريخ الطيران السعودي، حيث تم لاحقًا شراء عدد من الطائرات المماثلة مما أدى إلى إنشاء أولى شركات الطيران المحلية والتي أصبحت فيما بعد نواة الخطوط الجوية العربية السعودية ومع تنامي الحاجة إلى بنية تحتية للطيران تم إنشاء أول مطار رسمي في المملكة عام 1946م وهو مطار جدة القديم (مطار الملك عبد العزيز لاحقًا) الذي كان بمثابة البوابة الجوية الأولى للمملكة خاصة للحجاج والمعتمرين، كما تم إنشاء مطار الظهران الدولي عام 1950م ليكون أول مطار دولي في المملكة، وأسهم بشكل كبير في تعزيز الحركة الجوية وربط السعودية بالدول المجاورة والعالم وأحدث دخول الطيران المدني إلى السعودية نقلة نوعية في وسائل النقل، حيث قلص المسافات الطويلة التي كان يستغرقها السفر عبر الطرق البرية أو البحرية، فقد أصبح من الممكن التنقل بين المدن الرئيسة في وقت قياسي ما ساعد على تسريع عمليات التجارة ونقل البضائع بين المناطق المختلفة، وساهم في نمو الأسواق المحلية خاصة في مدن مثل جدة والرياض والدمام، كما لعب الطيران دورًا رئيسًا في تسهيل وصول الحجاج والمعتمرين إلى المملكة، حيث أصبح بإمكان المسلمين من مختلف أنحاء العالم السفر جوًا إلى مكة والمدينة بدلاً من قضاء أسابيع طويلة في الرحلات البحرية أو البرية، وكان لهذا التطور أثر اقتصادي كبير حيث عزز قطاع الخدمات المرتبط بالحج والعمرة وساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي. مراحل تطور شهد قطاع الطيران في المملكة العربية السعودية قفزات نوعية خلال العقود الماضية حيث انتقل من مرحلة التأسيس إلى شبكة متطورة تضم مطارات إقليمية ودولية تلبي احتياجات النمو المتزايد في حركة السفر وساهمت الطفرة النفطية في تسريع هذا التطور، إذ وفرت الموارد اللازمة للاستثمار في البنية التحتية وتعزيز قدرات النقل الجوي إلى جانب التركيز على تحسين الخدمات لضمان تجربة سفر متكاملة وفقًا للمعايير العالمية ومع ارتفاع أعداد المسافرين وزيادة الطلب على الرحلات الجوية توسعت المملكة في إنشاء المطارات لتشمل مختلف المناطق بهدف تعزيز الترابط بين المدن وتسهيل حركة التنقل فبعد تأسيس مطار جدة القديم ومطار الظهران الدولي كأول مطارين رئيسين انطلقت خطط تطوير المطارات الإقليمية مما أدى إلى إنشاء مطارات أبها والطائف والقصيم وغيرها لتلبية احتياجات سكان المناطق المختلفة وتحفيز التنمية المحلية وعلى المستوى الدولي افتتحت المملكة مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة عام 1981 ليكون البوابة الرئيسة لاستقبال الحجاج والمعتمرين تلاه مطار الملك خالد الدولي بالرياض عام 1983 الذي يعد أحد أكبر مطارات المنطقة ثم مطار الملك فهد الدولي بالدمام الذي يُصنف كأكبر مطار في العالم من حيث المساحة، وأسهمت هذه المطارات في جعل المملكة مركزًا حيويًا لحركة السفر في الشرق الأوسط وأدى اكتشاف النفط وتصديره إلى توفير إيرادات ضخمة عززت قدرة المملكة على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية وكان لقطاع الطيران نصيب كبير من هذا الدعم حيث تم تمويل إنشاء وتطوير المطارات وشراء أساطيل حديثة من الطائرات مما أسهم في نمو قطاع النقل الجوي بشكل غير مسبوق وقد ساهمت هذه الطفرة الاقتصادية في تأسيس الخطوط الجوية العربية السعودية (الخطوط السعودية) التي توسعت بشكل سريع لتصبح من أبرز شركات الطيران في المنطقة حيث زادت عدد رحلاتها، وأضافت وجهات دولية جديدة في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا، مما عزز من حضور المملكة على خارطة الطيران العالمية، وإلى جانب ذلك كان لازدهار الاقتصاد النفطي دور في تنشيط حركة السفر التجاري بين المملكة ودول العالم مما جعل المطارات السعودية مراكز رئيسة للشحن الجوي والتجارة الدولية ودفع إلى تطوير مرافق الشحن والخدمات اللوجستية في المطارات الكبرى ولم يتوقف التطور عند التوسع في البنية التحتية بل امتد ليشمل تحسين الخدمات الجوية وتطوير تجربة المسافرين، فقد تم إدخال أنظمة متقدمة لإدارة الحركة الجوية وتوسيع صالات الركاب وإنشاء صالة الحجاج بمطار الملك عبد العزيز الدولي التي تُعد واحدة من أكبر صالات السفر المخصصة للحجاج في العالم مما ساعد على تسهيل إجراءات السفر وتقليل أوقات الانتظار وكما شهد القطاع تحولًا رقميًا كبيرًا حيث تم اعتماد أنظمة الحجز الإلكتروني والخدمات الذاتية والبوابات الذكية مما عزز كفاءة العمليات التشغيلية ورفع مستوى الراحة للمسافرين وفي إطار رؤية السعودية 2030 تسارعت خطط تحديث قطاع الطيران حيث تم الإعلان عن مشاريع لخصخصة بعض المطارات واستقطاب شركات طيران جديدة لتعزيز التنافسية إلى جانب التوسع في الرحلات الدولية وهو ما يعزز مكانة المملكة كمحور عالمي للنقل الجوي. مر قطاع الطيران السعودي بتحولات كبيرة حيث انتقل من بداياته المتواضعة إلى شبكة متطورة من المطارات والمرافق الحديثة مدفوعًا بطفرة اقتصادية ساهمت في تسريع وتيرة النمو ومع استمرار المملكة في تطوير بنيتها التحتية وتعزيز خدماتها الجوية يتجه القطاع نحو مستقبل أكثر ازدهارًا ليصبح أحد الأعمدة الرئيسة في تحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز موقع المملكة كمركز عالمي في مجال النقل الجوي.