حرصت المملكة منذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- على تمكين المواطن السعودي من رسم مستقبل بلاده، واعتنى ملوك السعودية وقادتها بتطوير الكفاءات المحلية والاستثمار في الإنسان السعودي، وتطوير قدراته، وصقل مهاراته، وفي هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- تضاعف ذلك التوجه وتعزز الاهتمام بالاستثمار في الكفاءات السعودية، ولا أبلغ للدلالة على ذلك من سرور الملك سلمان -يحفظه الله- عقب تدشينه في الرياض، أحد البرامج الخاصة بالتنمية الريفية الزراعية المستدامة بوجود كفاءات قادرة وواعدة تزخر بها بلاده، وقوله «يشرفني كما يشرف أي واحد من الأسرة أو من أبناء وطننا أن نكون خداماً للحرمين الشريفين، الحمد لله رب العالمين، نسأل الله عز وجل، أن يرزقنا شكر نعمته، والحمد لله، بلدنا الآن في كل مجالاته فيه من أبناء البلد مع إخوانهم الذين قبلهم من البلاد العربية وغيرها، خدموا مع الدولة، لكن ولله الحمد الآن ممكن نصدر ما نستورد، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا شكر نعمته قبل كل شيء، ويحمي بلادنا من كل من أراد بها سوءاً، والحمد لله رب العالمين». وأكدت رؤية 2030 على لسان عرابها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- أن «المواطن السعودي هو أعظم ما تملكه المملكة العربية السعودية للنجاح، فدور المواطن محوري في التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، ويسهم بشكل مباشر في تحقيق الإنجازات والمضي قدماً في مختلف المجالات والقطاعات الواعدة»، كما اعتمدت رؤية السعودية 2030، التي من صميم أولوياتها تمكين المواطنين، وتنويع الاقتصاد، وتعزيز ريادة المملكة العالمية برنامجا طموحا لتنمية القدرات البشرية يرأسه سمو ولي العهد -يحفظه الله- كواحد من أدواتها لتحقيق تطوير وتمكين شامل للمواطن السعودي ولتعزيز إسهاماته في بناء المستقبل، كما أطلقت الدولة «استراتيجية التنمية الشبابية»؛ الهادفة إلى تمكين الشباب ودعمهم؛ لتحقيق التطلعات الوطنية عبر تنمية الفرص والخيارات الشبابية، بما يتلاءم مع اهتماماتهم العلمية والعملية في المجالات كافة، إضافة إلى منظومة متكاملة من البرامج والمبادرات الهادفة إلى رفع وتنمية قدرات الكفاءات الوطنية، وتعزيز مهاراتها لمواكبة المتطلبات المستقبلية لسوق العمل، وتوفير المزيد من فرص العمل، وتمكين ريادة الأعمال. برنامج تنمية القدرات البشرية وشكل برنامج تنمية القدرات البشرية عند إطلاقه في 15 سبتمبر 2021، استراتيجية وطنية شاملة هدفها تعزيز تنافسية القدرات البشرية الوطنية محليًا وعالميا وجعل المواطن مستعداً لسوق العمل الحالي والمستقبلي بقدرات وطموح ينافس العالم، عبر تعزيز القيم، وتطوير المهارات الأساسية ومهارات المستقبل، وتنمية المعرفة"، وتم العمل على تطوير هذا البرنامج ليلبي احتياجات وطموح جميع شرائح المجتمع، من خلال تطوير رحلة تنمية القدرات البشرية بداية بمرحلة الطفولة، مروراً بالجامعات والكليات والمعاهد التقنية والمهنية، وصولاً إلى سوق العمل، لإعداد مواطن طموح يمتلك المهارات والمعرفة، ويواكب المتغيرات المتجددة لسوق العمل ليسهم في بناء اقتصاد متين قائم على المهارات والمعرفة وأساسه رأس المال البشري". وتضمنت خطة البرنامج حينها 89 مُبادرة بهدف تحقيق 16 هدفًا استراتيجيًا من أهداف رؤية المملكة 2030م، وتشتمل استراتيجية البرنامج ثلاث ركائز رئيسة وهي تطوير أساس تعليمي متين ومرن للجميع، والإعداد لسوق العمل المستقبلي محلياً وعالمياً، وإتاحة فرص التعلم مدى الحياة". مرحلة الطفولة المبكرة ويركز برنامج تنمية القدرات البشرية على إعداد وتأهيل القدرات البشرية في المملكة، وتطوير منظومة تنمية القدرات البشرية منذ مرحلة الطفولة المبكرة إلى التعلم مدى الحياة، وتطوير مخرجات التعليم لمواءمتها مع احتياجات سوق العمل الحالي والمستقبلي، وتوطين الوظائف عالية المهارات من خلال تأهيل وتدريب المواطنين، إضافة إلى تفعيل أكبر للشراكة مع القطاعين الخاص وغير الربحي، حيث يسعى البرنامج في هذه الجوانب إلى تحقيق مستهدفات عدة، من بينها زيادة فرص الالتحاق برياض الأطفال من 23 % إلى 90 %، ودخول جامعتين سعوديتين ضمن أفضل 100 جامعة في العالم بحلول عام 2030م بما يعزز مكانة المملكة عالمياً. وتصعب الإحاطة بكل الجهود والاستثمارات السعودية التي تبذل في إعداد وتأهيل الكفاءات البشرية إذ ما علمنا أن إحصائيات وزارة التعليم السعودية، عن أحدث البيانات الرسمية حول قطاع التعليم العام بالمملكة أظهرت وجود 6.72 ملايين طالب وطالبة في مراحل التعليم المختلفة على مستوى المدارس بالمملكة، كما أن عدد المدارس بالتعليم العام على مستوى المملكة بلغ نحو 36.8 ألف مدرسة، فيما بلغ عدد المباني نحو 22 ألف مبنى، واستحوذ الطلاب في المرحلة الابتدائية على نحو 49 % من إجمالي الطلاب في المملكة، تلتها المرحلة المتوسطة التي شكلت أكثر من 23 % كما يوجد بالمملكة حوالي 29 جامعة حكومية ونحو 13 كلية حكومية ونحو 7 كليات عسكرية، وتشير إحصائيات مركز الإحصاء بوزارة التعليم إلى أن مجموع أعداد الطلبة المنتظمين والملتحقين في الكليات والجامعات الأهلية الخاصة في عام 2023، بلغ 86 ألف طالب وطالبة في 15 جامعة، و42 كلية أهلية مرخّصة بالمملكة، منها 9 جامعات غير ربحية، علاوة على 409 برامج أكاديمية، ناهيك عن ما يتبع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وهي الجهة الحكومية المعنية بالتدريب التقني والمهني في المملكة من معاهد ومراكز خصوصا وأن المؤسسة تحتل المرتبة التاسعة عالمياً للعام 2021م بنتائج مؤشر المعرفة العالمي الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بعد أن كانت تحتل المرتبة الثانية عشر في عام 2020م، والمرتبة 86 في عام 2019م، والمرتبة 117 في عام 2018م. فئة الشباب وتعد فئة الشباب التي تمثل نحو 36.7 % من إجمالي السكان السعوديين في طليعة الفئات المستفيدة من العملية التعليمية، إذ توفر لهم العديد من الخدمات كما تم خصص لهم العديد من المبادرات الداعمة والتي منها فيما يخص وزارة التعليم اتفاقيات تدريب الأطباء السعوديين في جامعات وكليات الخارج وتطوير مسارات الثانوية العامة والأكاديميات المتخصصة ومسابقة مدرستي تبرمج لتعزيز المهارات الرقمية وفتح باب التقديم لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث لعام 2023 عبر ثلاثة مسارات: (الرواد، والبحث والتطوير، وإمداد) وإشراف الوزارة على أكثر من 52 ألف مبتعث ومبتعثة في أعرق الجامعات العالمية ورفع أعداد ونسب القبول في عدد من الجامعات والكليات النوعية، كما حظيت المرأة وهي في نصف المجتمع بكثر من الإجراءات والخدمات والبرامج والمبادرات الممكنة والمفعلة لمشاركتها في مختلف مناحي الحياة والتي منها على سبيل المثال مبادرة تمكين المرأة في الخدمة المدنية وتعزيز دورها القيادي، ومبادرات تمكين المرأة لدخول سوق العمل ودعم الشمولية والتنوع في سوق العمل ومبادرة التوعية بالسياسات المتعلقة بالمرأة في سوق العمل ومبادرة تشجيع التطور الوظيفي للمرأة ومبادرة تحدي الابتكار الجامعي للتنمية المستدامة ومبادرة التحوّل نحو الجامعة الريادية. مجالس للمهارات ولم تقتصر الجهود والاستثمارات المبذولة للارتقاء بالكفاءات السعودية على جهة أو وزارة في القطاعين العام والخاص وإنما جاءت من الجميع منفردين ومشتركين ومن ذلك مبادرات عديدة من طرف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية منها على سبيل المثال مبادرة المجالس القطاعية للمهارات ومبادرة المعايير المهنية الوطنية ومبادرتي ومسرعة المهارات وقسائم التدريب والحملة الوطنية للتدريب "وعد" وهي حملة وطنية بالشراكة والتعاون مع القطاع الخاص تهدف إلى رفع مستوى الوعي بأهمية اكتساب المهارات والتدريب وتفعيل نشاط التدريب في منشآت القطاع الخاص وذلك من خلال بناء اتفاقات ومذكرات تعهد بالتدريب مع القطاع الخاص وقد حققت الحملة في مرحلتها الاولى مستهدفاتها خلال عام واحد أكثر من مليون وسبع الاف فرصة تدريبية، وتشكل المستهدفات النهائية لحملة وعد بنهاية العام 2025 توفير 1,155000 فرصة تدريبية من خلال التعاون مع 14 شركة وطنية رائده في مجال التدريب . وتؤكد الإحصائيات الرسمية الصادرة مؤخرا جدوى جهود الدولة وعملها المستمر لتطوير الكفاءات المحلية والاستثمار في الإنسان السعودي، حيث سجلت المملكة انخفاضاً تاريخياً بمعدل البطالة الإجمالي الذي بلغ 3.3 %؛ لتحتل المرتبة الخامسة بين دول مجموعة العشرين، بينما انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى 7.1 %، وهو مستوى تحقق قبل ست سنوات من المستهدف في رؤية 2030، كما ارتفع عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص إلى 2.4 مليون موظف وموظفة، من بينهم 361 ألفاً يدخلون سوق العمل للمرة الأولى وأسهم القطاع الخاص بنسبة 50.5 % في توظيف المواطنين ما يعكس نجاح مبادرات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في تعزيز التوطين النوعي ورفع نسبة السعوديين العاملين في الوظائف عالية المهارة إلى 39.6 % وارتفعت أجور السعوديين العاملين في القطاع الخاص بنسبة 45 % خلال عام 2024. حضور أوسع للسعوديات في سوق العمل كفاءات سعودية في مختلف التخصصات الطبية انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى 7.1 %