قال رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام اليوم الثلاثاء إن يديه ممدودتان للجميع، وذلك في إشارة واضحة إلى جماعة حزب الله المدعومة من إيران بعد أن اتهمت خصومها بالسعي إلى إقصائها من خلال ترشيحه للمنصب. وكلف الرئيس اللبناني جوزاف عون رسميا اليوم الثلاثاء القاضي سلام الذي كان يشغل منصب رئيس محكمة العدل الدولية بتشكيل الحكومة المقبلة، بعد أن نال تأييد أغلبية النواب في البرلمان أمس الاثنين. ويسلط اختيار سلام الضوء على التحول الكبير في ميزان القوى بين الطوائف في لبنان منذ أن تعرضت جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران لضربات قوية في الحرب مع إسرائيل وبعد الإطاحة بحليف الجماعة الرئيس السوري السابق بشار الأسد. سلام حصل على تأييد أغلبية الأصوات في البرلمان ويأتي ذلك في أعقاب انتخاب عون، قائد الجيش السابق الذي يحظى بدعم الولاياتالمتحدة والسعودية، الأسبوع الماضي. وأشار سلام في كلمة عقب اجتماعه مع عون إلى أولويات منها إعادة إعمار لبنان بعد الحرب المدمرة التي دارت العام الماضي بين حزب الله وإسرائيل، وقال "إعادة الاعمار ليست مجرد وعد بل التزام وهذا يتطلب التنفيذ الكامل للقرار 1701 وكافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار وفرض الانسحاب الكامل للعدو من آخر شبر محتل من أراضينا". وأضاف "آن الأوان لنقول كفى. حان الوقت لبدء فصل جديد، فصل نريده متجذرا بالعدالة والأمن والتقدم والفرص". وذكرت مصادر في حزب الله أن الجماعة كانت ترغب في بقاء نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال المنتهية ولايته في المنصب، وأنها كانت تعتقد أن هذا مضمون بموجب شروط تفاهم سياسي أيد نواب حزب الله بموجبه اختيار عون لمنصب رئيس الجمهورية. ولكن سلام فاز بالمنصب بالحصول على دعم 84 من أصل 128 نائبا في البرلمان، من بينهم قادة فصائل مسيحية ودرزية ومشرعون سنة بارزون بعضهم حلفاء لجماعة حزب الله. * هل هناك شقاق طائفي آخر؟ النواب من جماعة حزب الله وحليفتها الشيعية حركة أمل، اللتان تشغلان جميع المقاعد المخصصة للشيعة في البرلمان، لم يرشحوا أحدا لرئاسة الحكومة، مما يشير إلى أن الجماعتان لا تعتزمان حاليا المشاركة في حكومة سلام مما يثير احتمال حدوث شقاق طائفي إذا ظلت الجماعتان خارج الحكومة. وقال سلام اليوم "أصغيت بالأمس إلى بعض الهواجس... وجوابي هو أنني بفطرتي وتكويني وممارستي السياسية لست من أهل الإقصاء بل من أهل الوحدة ولست من أهل الاستبعاد بل من أهل الاتفاق والشراكة الوطنية وهذه دعوتي الصادقة ويداي الاثنتان ممدودتان إلى الجميع". وقال عون في تعليقات نشرت على حساب الرئاسة على منصة إكس إن اختيار سلام جاء نتيجة "عملية ديمقراطية"، وأشار على ما يبدو إلى مخاوف حزب الله قائلا "إذا انكسر مكون ينكسر لبنان بأسره وما حصل بالأمس عملية ديمقراطية أوصلت الى نتيجة معينة والمصلحة العامة هي الأهم". وتمتع حزب الله منذ فترة طويلة بنفوذ حاسم على مثل هذه التعيينات، وكان نفوذه مدعوما بترسانة الأسلحة القوية التي يقول منتقدون إنها قوضت الدولة وأدت إلى جر لبنان إلى حروب إقليمية. ويخصص نظام تقاسم السلطة الطائفي في لبنان منصب الرئاسة لمسيحي ماروني ومنصب رئيس الحكومة لمسلم سني ومنصب رئيس مجلس النواب لمسلم شيعي. ومن جانبه، قال سلام إنه سيعمل من أجل تحقيق العدالة لقتلى ومصابي انفجار مرفأ بيروت عام 2020. ولم تتم محاسبة أي مسؤول كبير على الانفجار الذي أودى بحياة 220 شخصا على الأقل ونتج عن تفجير مئات الأطنان من نترات الأمونيوم. وأشار أيضا إلى أنه سيعمل من أجل تحقيق العدالة للمودعين الذين جُمّدت مدخراتهم داخل النظام المالي اللبناني منذ انهياره في عام 2019، نتيجة لعقود من الفساد وتبديد الأموال من قبل النخبة الحاكمة. وقال "سيكون على الحكومة التي سأعمل على تشكيلها وضع برنامج متكامل لبناء اقتصاد حديث ومنتج، اقتصاد يرتكز على تحفيز نمو شامل ومستدام وعلى تأمين فرص العمل للأجيال الطالعة".