من المتوقع أن يتجاوز الإنفاق الحكومي الإيرادات ب8.5 % أو 101 مليار ريال إلى 1.285 تريليون ريال في ميزانية 2025، مع أنه أقل من إنفاق ميزانية 2024 ب4.46 % أو 60 مليار ريال، واعتمدت المملكة خطة اقتراض بمقدار139 مليار ريال لتغطية هذا العجز، وسداد 38 مليار ريال من مستحقات أصل الدين، وفقًا للمركز الوطني لإدارة الدين، كما أنه من المتوقع أن يرتفع حجم الدين العام ب8.4 % أو 101 مليار ريال من 1.199 تريليون ريال في 2024 إلى 1.300 تريليون ريال في 2025، وهو ما يمثل نحو 29.9 % من الناتج المحلي الإجمالي، وأن ينمو معدل الدين العام 3.5 % و4.7 % في عامي 2026 و2027، وب32.3 % و33.3 % من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي، وفقًا لوزارة المالية. وستحدث هذه الزيادة في الإنفاق الحكومي نمو في الأنشطة الحكومية وتغييرات هيكلية كبيرة في الاقتصاد من خلال الانفاق المستمر على مشاريع البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، والتي تحفز نمو وتنويع الاقتصاد، إنها سياسة اقتصادية داعمة للطلب الكلي على السلع والخدمات، عند أعلى مستوى من القدرة الإنتاجية والتنافسية من أجل استدامة النمو الاقتصادي على المدى المتوسط، وفي نفس الوقت، تعتبر سياسة مالية فاعلة في أوقات الركود أو تباطؤ النمو الاقتصادي، من أجل تعزيز ثقة شركات القطاع الخاص في الاقتصاد، وبذلك ستكون على استعداد أكبر لاستثمار المزيد من رأس المال في الأنشطة غير النفطية، مما سيخلق المزيد من فرص العمل في سوق العمل بشكل مباشر وغير مباشر. كما أن الدين العام يعد من أهم المؤشرات على صحة وحيوية الاقتصاد لأي بلد في العالم، فهو يشير إلى إجمالي الالتزامات المستحقة على الحكومة، وأداة أساسية لتمويل الاستثمارات العامة لدعم النمو الاقتصادي نحو حياة اقتصادية واجتماعية أفضل، وتحدد إدارة الدين العام مدى فعاليته وقدرته على تعزيز مشاركة القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوليد المزيد من الفرص الوظيفية على المدى الطويل، وقد تتطلب التغييرات في الإنفاق الحكومي التنسيق مع السياسة النقدية للحفاظ على استقرار الأسعار ومواجهة التحديات التضخمية، إنها الأدوات المالية والنقدية التي تحفز الطلب الكلي، وتزيد الإنتاجية والإيرادات، وبالتالي تقلل من مستوى الدين العام وبنتائج إيجابية للاقتصاد مستقبلاً. ونتيجة لهذه السياسة المالية التوسعية، نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 0.8 % في 2024، بعد أن شهد انكماشًا بمعدل 0.8 % في 2023، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 4.6 % في 2025، كما استمرت الإيرادات غير النفطية في النمو بمعدل 3 % إلى 472 مليار ريال في 2024 مقارنة بعام 2023، مما عوض جزءًا من تراجع الإيرادات النفطية، مع تراجع أسعار النفط العالمية واستمرار الخفض الطوعي، ويتوقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد بمتوسط 4.7 % في عامي 2025-2026م، مدعوماً بارتفاع إنتاج النفط. وأن يظل نمو القطاع غير النفطي في نطاق 4.5 ٪ خلال نفس الفترة، وهو أمر بالغ الأهمية لأجندة التنوع الاقتصادي في المملكة، ومن حسن الحظ مازال معدل التضخم منخفضاً عند 1.7 % في 2024 وسيرتفع طفيفًا إلى 1.9 % في 2025. وبهذا يكون الإنفاق الحكومي أداة مالية حاسمة لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وتحديد المسار الاقتصادي، مما ينعكس إيجابًا على مستوى المعيشة، ومعالجة القضايا الاجتماعية، وإذا لم يتجاوز الإنفاق الحكومي القدرة الاستيعابية للاقتصاد، فإن الزيادة في الطلب الكلي سيقابلها زيادة في العرض، مما يحد من الضغوط التضخمية، وإذا ما كانت الزيادة في الإيرادات أعلى من الزيادة في الإنفاق فإن ذلك سيحد من ضغوط الديون، فإن ممارسة الحصافة المالية ضرورية لتخفيف ارتفاع الأسعار وتجنب الإفراط في الإنفاق، مما يحقق أهداف رؤية 2030 نحو اقتصاد مستدام ومالية مستدامة على المدى الطويل.