تظل سوق فول الصويا في حالة هبوط سعري بسبب تصاعد وتيرة المخاوف من مآلات النزاع التجاري القادم بين الولاياتالمتحدةوالصين، عندما يتولى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهام منصبه في العشرين من هذا الشهر، حيث تهدد الرسوم الجمركية بخفض الطلب الصيني على الصادرات الأميركية، المتوفرة بالفعل في مخازن الصين بكميات وفيرة، وعلى صعيد الإيرادات، فقد بلغ حجم سوق فول الصويا العالمي 199.6 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع نمو السوق بمعدل سنوي مركب 4.4 ٪ حتى نهاية العقد الحالي، وعلى هذا من المرجح نمو إيرادات القطاع العالمي إلى 258.1 مليار دولار بحلول 2030. وبالنسبة للسعودية، فإن المملكة تستورد فول صويا سنوياً بحوالي 433 مليون دولار، لتصبح خامس أكبر مستورد لفول الصويا في العالم، ويعد فول الصويا المنتج الخامس والتسعين الأكثر استيرادًا في السعودية، وتستورد السعودية فول الصويا بشكل أساسي من: البرازيل (296 مليون دولار)، والولاياتالمتحدة (136 مليون دولار)، وكندا (778 ألف دولار)، وموزامبيق (479 ألف دولار)، والهند (29.1 ألف دولار)، وتلعب سوق فول الصويا في السعودية دورًا حاسمًا في المشهد الزراعي وصناعة الأغذية في البلاد، وفي حين تواجه زراعة فول الصويا تحديات تتعلق بندرة المياه والتأثير البيئي، ويتم استكشاف التقدم في الممارسات الزراعية لضمان استقرار السوق ونموها، في الوقت نفسه، يشكل تطوير قدرات زراعة فول الصويا محليًا للحد من الاعتماد على الواردات تحديًا كبيرًا، ويضم سوق فول الصويا في المملكة لاعبين بارزين يسهمون في استيراد وتجهيز فول الصويا لاستخدامات مختلفة في صناعات الأغذية والثروة الحيوانية. عوامل غذائية وبيئية بشكل إجمالي، تشهد هذه التجارة نموًا كبيرًا، مدفوعة بعوامل غذائية وبيئية واقتصادية وسوقية، وتحظى فول الصويا بشعبية متزايدة بسبب محتواها العالي من البروتين والفوائد الصحية المرتبطة بها، بما في ذلك دورها في الحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، وهذا يجعلها جذابة بشكل خاص للنباتيين والمستهلكين المهتمين بالصحة، بالإضافة إلى ذلك، تتم معالجة فول الصويا في منتجات مثل التوفو وحليب الصويا وبدائل اللحوم، لتلبية التفضيلات الغذائية المتنوعة والاتجاه المتزايد نحو الأنظمة الغذائية القائمة على النباتات. في عام 2024، تجاوزت التجارة العالمية لصادرات فول الصويا 93 مليار دولار، وقد برزت البرازيل باعتبارها المصدر الأول، وذلك بنسبة 50 ٪ من صادرات فول الصويا العالمية، بينما تعتبر الصين المستورد الرئيسي، مع حصة بنسبة 70 % من إجمالي الواردات العالمية، وشملت طرق التصدير الرئيسية الشحنات القادمة من الأرجنتينوالبرازيل إلى الصين، ومن الولاياتالمتحدة إلى الصين ومصر وألمانيا واليابان والمكسيك، فيما يشكل فول الصويا جزءًا كبيرًا من إجمالي عائدات التصدير لدول مثل أوروغواي والبرازيل وباراجواي وتوغو والأرجنتين وبوليفيا وأوكرانيا. من الناحية الاقتصادية، يستفيد السوق من استخدامه في صناعات مختلفة. ويستمر الطلب على فول الصويا كمكون رئيسي في علف الحيوانات في دعم صناعات الثروة الحيوانية والدواجن، وعلاوة على ذلك، نمت أهمية زيت فول الصويا في إنتاج الوقود الحيوي، مما وضع فول الصويا كمحصول أساسي في استراتيجيات الطاقة المتجددة، وهناك ابتكار كبير في تطوير أصناف فول الصويا المعدلة وراثيًا، وتشمل هذه التطورات سمات لزيادة الغلة ومقاومة الجفاف ومقاومة الآفات والأمراض وتحمل مبيدات الأعشاب، وتبحث شركات التكنولوجيا الحيوية باستمرار وتطور أصنافًا جديدة من البذور لتعزيز الإنتاجية والقدرة على التكيف مع الظروف المناخية المتنوعة. سيطرت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على السوق بحصة 40 ٪ في عام 2024، مدفوعة بعوامل ثقافية واقتصادية وديموغرافية، فلطالما كانت فول الصويا عنصرًا أساسيًا في الأنظمة الغذائية للعديد من البلدان الآسيوية، وأدى التطور الاقتصادي في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى ارتفاع مستويات الدخل، مما مكن المستهلكين من تنويع أنظمتهم الغذائية بأطعمة أكثر ثراءً بالبروتين مشتقة من فول الصويا، وتستحوذ الصين على الحصة الأكبر في آسيا بفضل عدد السكان الضخم الذي يزيد الطلب على الغذاء، بما في ذلك فول الصويا، كجزء من نظام غذائي متنوع وغني بالبروتين على نحو متزايد، ومن الناحية الثقافية، تتمتع فول الصويا بأهمية كبيرة في المطبخ الصيني، حيث تعد جزءًا لا يتجزأ من الأطعمة التقليدية مثل التوفو وصلصة الصويا، ويضمن هذا التفضيل الثقافي الراسخ وجود سوق محلية ثابتة لمنتجات الصويا. تأثرت صادرات فول الصويا بشكل واضح بالحرب التجارية خلال ولاية ترمب الأولى، حيث تتأثر السوق باللاعبين الرئيسيين، الولاياتالمتحدة، أكبر منتج في العالم، والصين، أكبر مستورد في العالم، وفي الوقت الراهن، تتعرض الأسعار لضغوط بسبب توقعات واسعة النطاق بأن التوترات التجارية سوف تتعمق خلال رئاسة ترمب الثانية، ويتم تداول العقود الآجلة لفول الصويا في بورصة شيكاغو للتجارة عند حوالي 9.81 دولارات للبوشل، وكانت الأسعار في مسار هبوطي منذ أن بلغت 17.84 دولارًا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وفي عام 2018، رفعت إدارة ترمب الرسوم الجمركية على العديد من الواردات الصينية إلى الولاياتالمتحدة، وفي المقابل، رفعت الصين الرسوم الجمركية على بعض السلع من الولاياتالمتحدة، بما في ذلك فول الصويا والذرة وغيرها من المنتجات الزراعية، وأدى هذا إلى انخفاض كبير في الصادرات الأميركية إلى الصين، مما أدى إلى هبوط الأسعار. وقد تتجلى توترات تجارية مماثلة مرة أخرى، خاصة مع تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 % على جميع الواردات من الصين، ومن المتوقع أن تستحوذ الصين على أكثر من 60 % من حجم الواردات العالمية من فول الصويا في السنة التسويقية التي تنتهي في عام 2025، وفقاً لوزارة الزراعة الأمريكية. ومنذ الخامس من نوفمبر، أي قبل يوم واحد من إعلان فوز ترمب، انخفضت أسعار فول الصويا بنسبة 1.2 %، ووفقاً لمحلل الأعمال الزراعية في شركة «بي إم آي ماثيو بيجين»، فإن رئاسة ترمب مرتبطة بالسوق، وكان رد الفعل الأولي هامشياً إلى حد كبير، ولكن هناك شكوك حول سياسات ترمب، ومن المرجح أن تعوض الإدارة المزارعين بطريقة ما، مثل تقديم إعانات لتخزين محاصيلهم، ومثل هذه السياسات قد تمنع أي تأثيرات كبيرة على سوق فول الصويا في الأمد القريب. ومع ذلك، من المتوقع أن يتم تداول العقود الآجلة لفول الصويا عند مستوى 9.65 دولارات للبوشل خلال الربع الأول من العام الجاري، أو بمتوسط أقل من 10 دولارات، ويبدو أن مخاوف الحرب التجارية لها تأثير ضئيل على السوق لأنها تأتي في ظل توقعات بانخفاض الطلب الصيني هذا العام بسبب المخزونات الكبيرة من فول الصويا في المستودعات الصينية. زيادة الواردات الصينية وخلال الفترة من يناير وحتى نوفمبر 2024، استوردت الصين 9.4 % من فول الصويا أكثر من حيث الحجم مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، وكانت الواردات نشطة بشكل خاص في الأشهر التي سبقت الانتخابات الأميركية، وتعود زيادة الواردات الصينية من فول الصويا إلى رغبة السلطات في تأمين الإمدادات بشكل استراتيجي قبل نشوء المزيد من التوترات التجارية مع الولاياتالمتحدة بعد استلام ترمب مهام منصبه. تشير العوامل البنيوية إلى تباطؤ نمو الطلب الصيني بشكل طفيف، بعدما اتخذت الحكومة الصينية تدابير لتعزيز الأمن الغذائي، مثل شراء المزيد من الذرة، بدلاً من فول الصويا، لاستخدامها في تغذية الحيوانات، وفي حين تعتمد الصين على الواردات للحصول على فول الصويا، فإنها تستطيع تلبية 90 % من طلبها على الذرة محلياً. ولا يُتوقع أن يشكل ضعف الاقتصاد الصيني عاملاً رئيسياً يؤثر على طلب البلاد على فول الصويا، وهو الغذاء الرئيسي، فحتى في ظل التباطؤ الاقتصادي، يظل الطلب الأساسي على الغذاء ثابتاً نسبياً، وبما أن فول الصويا يستخدم كعلف للحيوانات، فإن الطلب عليه قد ينخفض إذا بدأ المستهلكون في تناول كميات أقل من اللحوم أثناء فترة الركود الاقتصادي، ولكن هذا النوع من رد الفعل لا يأتي إلا في فترة ركود طويلة. تؤثر التركيبة السكانية أيضاً على الطلب، وبما أن إجمالي عدد السكان قد بلغ ذروته، فمن الصعب أن نتوقع أن يزداد الطلب على الغذاء بنفس القدر من الزيادة كما كان من قبل، وعلى جانب العرض، هناك أسباب قليلة لارتفاع الأسعار هذا العام، وتقدر وزارة الزراعة الأميركية أن الإنتاج الأميركي سيصل إلى مستوى قياسي قريب من 121.42 مليون طن في الفترة بين سبتمبر 2024 وأغسطس 2025، ومن المتوقع أن تحصد البرازيل - أكبر منتج لفول الصويا - رقماً قياسياً يبلغ 169 مليون طن بين أكتوبر 2024 وسبتمبر 2025. تعتبر ظاهرة النينا من بين مخاوف الإنتاج في أميركا الجنوبية، فخلال ظاهرة النينا تنخفض درجات الحرارة السطحية في منطقة شرق ووسط المحيط الهادئ الاستوائي، مما يؤثر على أنماط هطول الأمطار ويعطل إنتاج المحاصيل، ولكن في هذه المرة من المتوقع أن تكون الظاهرة ضعيفة نسبياً وقصيرة الأمد، وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ومن المتوقع عمومًا أن تظل أسعار فول الصويا أعلى من مستوياتها قبل الجائحة، عندما أثرت الحرب التجارية عليها، ففي عام 2019، بلغ متوسط الأسعار أقل من 9 دولارات للبوشل، وإذا عدلنا السعر الحالي البالغ 9.65 دولارات، وفقًا لمعدلات التضخم قبل خمس سنوات، فسيكون السعر أقل من 9 دولارات للبوشل. وإذاكان هناك فرق في الطلب الآن، مقارنة بالطلب قبل الجائحة، فالسبب يعود إلى متانة الطلب على الوقود الحيوي للطيران، ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فقد زاد الطلب على زيت فول الصويا المستخدم لإنتاج الوقود الحيوي بنسبة 40 % في الولاياتالمتحدة من عام 2021 إلى عام 2023، ومع ذلك، تظل توقعات الطلب على الوقود الحيوي، وفول الصويا المستخدم في صنعه، غير مؤكدة، حيث من المتوقع أن يجري ترمب تغييرات على سياسات الطاقة التي تنتهجها إدارة بايدن. وعلى سبيل المثال، إذا خفض ترمب متطلبات خلط الوقود الحيوي للوقود القائم على البترول، فقد ينخفض الطلب على الوقود الحيوي، لكن التحول في سياسة ترمب قد يرفع الطلب في حالة قيام الرئيس الجديد بتشجيع استخدام الوقود المنتج محليًا، مثل الوقود الحيوي من فول الصويا، وبغض النظر عن التغييرات السياسية، فإن الطلب على فول الصويا المستخدم كمادة خام لمصانع الوقود الحيوي التي تم بناؤها بالفعل سوف يستمر، ومن المستبعد أن تتراجع أسعار فول الصويا إلى مستويات أقل من مستويات ما قبل الجائحة. فول وزيت الصويا تقرير: د. خالد رمضان