تزامنًا مع المتغيرات والتطورات الجديدة التي طرأت على نظام التعليم العام في المملكة، ناقشت «ندوة الرياض»، مؤخرًا، تداعيات هذا التطور وأهدافه وأبرز مزاياه، وما قد يصاحبه من تحديات ومعوقات. وكان من أبرز تلك المتغيرات المطروحة للنقاش على طاولة «ندوة الرياض»، استحداث نظام المسارات الخمسة في الثانوية العامة، واشتراط الحصول على 40 ساعة للتطوع خلال الفصول الدراسية التسعة، في عدد من المجالات المختلفة التي ستحددها الوزارة أو المدارس، كأحد شروط التخرج من المرحلة الثانوية. وشارك في الندوة كل من مستشار البرنامج التنفيذي للمسارات في وزارة التعليم أ.د. خالد المطرودي، والأستاذ في قسم الإدارة والتخطيط التربوي في جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية د. عبدالعزيز العريني، ومستشار البرنامج التنفيذي لتطوير المسارات والخطط الدراسية الأكاديميات في وزارة التعليم د. خالد الملحي، أستاذ الإدارة التربوية المشارك وعضو هيئة التدريس بكلية التربية في جامعة الملك سعود د. عبدالعزيز النوح، والدكتورة الجوهرة السبيعي مستشار البرنامج التنفيذي لتطوير المسارات في وزارة التعليم. وافتتح الندوة رئيس التحرير المكلف الأستاذ هاني وفا، حيث رحب بالضيوف المشاركين في واحدة من ندوات الرياض العريقة، لمناقشة موضوع مهم جدًا، يتعلق باستحداث نظام جديد للتعليم العام في المملكة، لإيضاح آلية تطبيق هذا النظام، وأهميته وأبرز مميزاته، ونتائجه المتوقعة، إضافة إلى اشتراط ساعات التطوع الطلابي، وكيف تحولت من اختيارية إلى إلزامية مشروطة بالتخرج، والعديد من التساؤلات الأخرى. بنيت المسارات الخمسة وفق حاجات المجتمع واستنادًا على دراسات علمية مسحية ونظرية ودراسة ممارسات عالمية بارزة * فكرة المسارات الخمسة وفي بداية الندوة أوضح أ. د. خالد المطرودي أن نظام المسارات لم يظهر فجأة، فقد استغرق التخطيط له عامين بدءًا بظهور الفكرة إلى التنفيذ، وقد بدأ هذا النظام بعد الاطلاع والاعتماد على بعض الإحصاءات في الدولة والحاجة إلى وظائف معينة لا تتطلب دخول الطالب إلى الجامعة، كما أن الوزارة وبتكليف من معالي وزير التعليم، قامت بإعداد دراسات كثيفة جدًا عن دراسة الواقع التعليمي آنذاك والنظم السابقة في التعليم، وذلك للاستفادة منها وأخذ ايجابياتها ووضعها في نظام المسارات، كذلك طبقت دراسات مسحية على جميع فئات المجتمع من أولياء أمور وطلاب ومعلمين ومشرفين ومديرين ووكلاء ...الخ، وظهرت فكرة نظام المسارات، كما أن أكثر من أربعين دولة في العالم تطبق المسارات، واستفدنا منها جميعها، وخرجنا في النهاية بهذه المسارات الخمسة القائمة حاليًا، وهي المسار العام ومسار الصحة والحياة ومسار علوم الحاسب والهندسة ومسار العلوم الإدارية والمسار الشرعي، وقد بنيت هذه المسارات وفق حاجات المجتمع استنادًا إلى دراسات علمية مسحية ونظرية ودراسة ممارسات عالمية، ونأمل أن تكون الفائدة منها كبيرة جدًا بإذن الله وحاليًا نقوم بدراسة تقويمية للسنة الدراسية الأولى لنظام المسارات السنة المشتركة وستخرج النتائج قريبًا بإذن الله. نقوم حاليًا بدراسة تقويمية للسنة الدراسية الأولى لنظام المسارات في السنة المشتركة وستخرج النتائج قريبًا بإذن الله *مسارات الثانوية الخمسة وحول المسارات الخمسة وأثرها على المستوى التعليمي للطلاب داخل المدرسة وكذلك المستوى المهني لما بعد الثانوية أوضح د. خالد الملحي: أن أنظمة التعليم الثانوي السابقة كانت مفيدة ولها تأثير قوي في المرحلة السابقة، أما ونحن الآن في مرحلة جديدة تستدعي تحقيق متطلبات الرؤية فكان لابد من التغيير في العملية التعليمية بشكل جذري وتطويره وإحداث نقلة نوعية كبيرة جدًا في المرحلة الثانوية من خلال استبدال النظام السابق بنظام المسارات الجديد. أما فيما يخص تأثير هذه المسارات فإنه كبير جدًا، سواءً على الطالب أو الكفاءة الداخلية داخل المدرسة أو قطاع الأعمال والدخول إلى سوق العمل بشكل مباشر بعد الثانوية أو الجامعات. وضعنا في نظام المسارات آليات معينة تمكن الطالب من تحقيق ميوله تجاه أحد المسارات بنسبة عالية جدًا فأما تأثيرها على الطالب، فالمسارات وسعت الخيارات أمام الطالب فعن طريق مقياس الميول والمؤشرات الأخرى والبرامج التوجيهية للطالب نستطيع توجيه الطالب للتخصص الذي يرغبه، فيدرس مواد يحبها ويستمتع بها دون أن يؤثر على الحد الأدنى من المهارات والمعارف التي يتعلمها في العلوم الطبيعية كالكيمياء والفيزياء والرياضيات وغيرها، وهذه نقطة مهمة قد أثيرت في الإعلام كثيرًا، فخريج مسار علوم الحاسب والهندسة إذا لم يقبل في الجامعة فأين يذهب؟! والإجابة أن خريج هذا المسار يقبل في جميع التخصصات العلمية في الجامعة لأنه قد تعلم جميع المهارات المطلوبة منه في هذا الجانب، فالطالب أصبح لديه مدخل جديد وتنوع في الفرص خلال التعليم الثانوي وبعده، إضافة إلى تأهيل الطالب، فسابقًا كان يتم تأهيل الطالب للحياة والتعليم ما بعد الثانوي، أما مع نظام المسارات فإنه يؤهل لسوق العمل عبر برامج مناسبة في المرحلة الثانوية. المواد الموجودة بين المسارات الخمسة نوعان هي: المواد العامة المشتركة وتشكل 80 % والمواد التخصصية لكل مسار وتشكل ما يقارب 20 % أما تأثيرها على قطاع الأعمال وسوق العمل بالتحديد فإن سوق العمل يبحث عن المهارة وحسب الإحصاءات فإن سوق العمل بحاجة إلى خريج الثانوي المؤهل، وهذا ما نحاول القيام به من خلال المهارات والمواد الجديدة في المسارات بالإضافة إلى بعض الشهادات المهنية والمهارية التي من الممكن أن يحصل عليها الطالب خلال المرحلة الثانوية في تأهيله لسوق العمل. سنتمكن من تدريس المهارات والتقنية الرقمية خلال السنوات الثلاثة القادمة أما تأثيرها على الجامعات فإنه قوي، وكما تعرفون توجد سنة أولى مشتركة في الجامعات، وأحد الأسباب الرئيسة لوجودها هو ضعف مخرجات التعليم العام، فلابد من رفع مستوى خريجي التعليم العام حتى نتمكن من إدخالهم في برامج الجامعات بشكل مباشر فإذا ضمنت الجامعات أن مخرج المرحلة الثانوي يتفق مع مدخلاتها في البرامج التعليمية حينها ستلغي السنة الأولى المشتركة بكل تأكيد، مما يوفر مبالغ كبيرة تصرف في هذا الشأن. *التأهيل من المرحلة الابتدائية وتداخل أ. هاني: إننا هنا نتحدث عن المرحلة الثانوية وخريجيها بينما لابد أن يكون العلاج والإعداد مبتدئًا من المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ومنتهيًا بالمرحلة الثانوية، حتى يخرج الطالب إلى سوق العمل، لماذا لا يشمل هذا البرنامج المراحل جميعها؟ المسار العام موجود في كل مدارس المملكة ويشمل الجوانب الإنسانية والعلمية والتقنية بينما المسارات الأربعة المتبقية تخصصية وغير موجودة في جميع المدارس أجاب د. خالد الملحي إن تركيزنا في البرنامج على المرحلة الثانوية وتطويرها، لكننا قمنا بإعداد رحلة تعليمية لكل مسار، بدءًا من رياض الأطفال إلى الثانوية وفق خطة عكسية لتطوير المقررات في المرحلتين المتوسطة والابتدائية، وبما يتسق مع المرحلة الثانوية ويكون مدخلًا إليها. إن الأمر ليس بالسهل ولا يمكن القيام بذلك بين يوم وليلة كما لا نستطيع أن نبدأ من المرحلة الابتدائية لنصل إلى المرحلة الثانوية بعد 12 سنة، ونظرًا لأهمية المرحلة الثانوية وتأثيرها على الجامعات وسوق العمل بدأنا بها، فهناك عمل كبير ونقلة نوعية – من وجهة نظري - لم يمر على وزارة التعليم من قبل مثلها في تطوير جذري للمناهج في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية لنتمكن من تغطية متطلبات سوق العمل علمًا أن جميع الجهات في الوزارة تعمل في هذا الاتجاه. راعينا في توزيع المسارات على مدارس المملكة أمرين أساسيين هما: العرض والطلب في الجامعات والعرض والطلب في سوق العمل وخلال السنوات الثلاث المقبلة سنتمكن من تدريس المهارات الرقمية والتقنية الرقمية من الصف الرابع الابتدائي إلى الصف الثالث الثانوي حسب الخطة المرسومة لذلك. أما المجالات الأخرى، فإن مناهجنا ليست رديئة فمناهج العلوم الطبيعية سلاسل دولية موجودة في العالم، وكذلك مناهج اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والرياضيات واللغة الإنجليزية، فهذه المناهج مازالت تخدم الأهداف التعليمية وتحتاج دائمًا إلى تطوير، فمثلًا مناهج التقنية الرقمية في المرحلة السابقة كنا نركز على هدف أو ما يسمى تأهيل الطالب كمستخدم للتقنية، أما الآن فتوجهنا واضح بأن ننتقل من مستخدمي للمعرفة بشكل عام إلى صناع لها، فانتقلنا حاليًا في مناهج التقنية الرقمية إلى مناهج الحوسبة وعلوم الحاسب، ما يعني حاجتنا إلى استبدال للمناهج السابقة. معايير تحديد مواد المسارات التطوع ينمي شخصية الطالب ويبني اتجاهات وقيماً إيجابية ولا يوجد تعارض بينه وبين التحصيل الدراسي وعن معايير تحديد مواد المسارات التخصصية أجابت د. الجوهرة السبيعي: أن الاعتماد على تحديدها تم بالرجوع إلى العديد من الممارسات العالمية الناجحة والتي استندت إلى معايير عالمية مرتبطة بالمسارات التخصصية، فهناك معايير عالمية مرتبطة بمسار علوم الحاسب والهندسة، وكذلك الحال في مساري الصحة والحياة وإدارة الأعمال فلكل مسار خصوصيته في المعايير التابعة له، حيث تم الجمع بين الممارسات العالمية والإقليمية والمعايير العالمية لكل تخصص، بالإضافة إلى متطلبات سوق العمل، ورؤية المملكة 2030 التي شكلت منطلقاً أساسيا لنظام المسارات التخصصية. تجارب عالمية وتساءل أ. هاني: نظام المسارات الخمسة هل أخذ من عدة أنظمة بعد جمعها وتنقيحها ليكون في النتيجة نظامًا سعوديًا أم هو قص ولصق للأنظمة المعمول بها في الولاياتالمتحدةوكندا والدول المتقدمة؟ أجاب د. خالد المطرودي: بالنسبة لنظام المسارات الذي طبق في بداية السنة الأولى المشتركة هو منتج سعودي في أصله لأنه يستند على مرتكزات خرجت من وزارة التعليم، نحن استفدنا مما لدى الدول المتقدمة لكن لكل دولة خصوصية في مسارات معينة، لذا جاءت مساراتنا بناءً على حاجة الوطن من خريجي المرحلة الثانوية وحتى بعد الالتحاق بالجامعة، وكذلك اعتمدت المسارات على توطين الوظائف الحرجة المطلوبة، وهي تلك التي يحتاج العمل فيها إلى مواطن سعودي، فهذه تحتاج إلى إعداد ومهارات معينة ترغب بها الشركات، واعتمادًا على كل ذلك أعددنا تلك المسارات حتى يستفيد منها سوق العمل بإذن الله، فنظام المسارات صناعة سعودية 100 %. *مرونة عالية دول العالم تتنافس في قطاع التطوع وكل ما كان هذا القطاع حيويًا كان المجتمع حيويًا وتداخل د. خالد الملحي موضحًا: المسارات لدينا فيها مرونة عالية جدًا، ففي غضون أسبوع يمكن للطالب أن يحول من مسار إلى آخر، بتغيير مواد معينة فقط، ولا يستغرق ذلك سوى توفير المواد المطلوبة، فالنظام مرن جدًا وهو مبني على أسس عدة منها على سبيل المثال: الإعداد لوظائف معينة قد تحتاج إلى إحلال موظف سعودي فيها أو أن نسبة غير السعوديين فيها عالية جدًا كالتمريض مثلًا. وعند العودة للممارسات العالمية وجدنا أن بعض المدارس أو الأكاديميات يوجد فيها مسارات متعددة وبعض المسارات تركز على مستويات دقيقة جدًا تصل إلى 10 مسارات، كالأمن السيبراني، فالأمر يعتمد على حاجة البلد، لهذا لابد أن يكون النظام مرنًا ومستجيبًا لأي تطور حاصل، فصناعة الترفيه مثلا صناعة مهمة يمكننا بيسر إنشاء مسار خاص بها. كما أن الطالب مازال مطلوبا منه دراسة الجوانب الأكاديمية المطلوبة إلى جانب تعلمه لمواد تخصصية في الصفين الثاني والثالث الثانوي يمكننا تغييرها وفقًا لحاجة البلد والمسار الذي يتطلب تركيزًا أكبر. التطوع سابقًا كان عملًا شبه اجتهادي أما في نظام المسارات فقد أصبح جزءًا أصيلًا من النظام ولابد من تحقيق ساعاته الأربعين حتى يتمكن الطالب من التخرج وتداخل د. العريني: أن تمهين المرحلة الثانوية ليس عيبًا، ف50 % من خريجي الثانوية يذهبون إلى الجامعة، والنسبة المتبقية تحتاج إلى تدريب أكبر حتى يتمكن من الدخول إلى سوق العمل بعمر مبكر ممتلئ بالحيوية والنشاط ويمكن للسوق الاستفادة منهم في وظائف متعددة كالاستقبال وإدخال البيانات، فهناك فرص عديدة لخريج الثانوي. وقد أعجبت بنظام المسارات بعد اطلاعي عليه لأنه يُعد الطالب للجامعة والحياة وسوق العمل، وهذا بحد ذاته مكسب، فخريج الثانوية بعد اكتسابه للمهارات يمكنه دخول سوق العمل وإيجاد فرص للتوظيف. يعتمد التطوع في المرحلة الحالية على بعض الأعمال البسيطة، ولكن مستقبلًا سيأخذ شكلًا أكثر عمقًا وسيكون أكثر شراكة مع المجتمع المحلي *لماذا 5 مسارات أما لماذا خمس مسارات تحديدًا أجاب أ.د خالد المطرودي لقد شاركنا جميع القطاعات حتى وقفنا على هذه المسارات الخمسة، وقد طرحنا أكثر من تلك المسارات الخمسة، ولكن بناء على نتيجة دراسة الوضع الراهن وحاجة البلد وبعد مشاركة أغلب الجامعات السعودية بخبراء في ورش عمل ومجموعات تركيز وحلقات نقاش كثيفة جدًا، توصلنا في النهاية ولمصلحة البلد إلى مناسبة تقديم هذه المسارات الخمسة، وهذه المسارات ليست مقررة لمدة طويلة أو غير قابلة للتغيير، بل فيها ميزة مهمة جدًا، وهي أنه بالإمكان بناء أي مسار جديد يحتاجه البد بمدة قصيرة، لأن الفرق بين المسارات بسيط وعدد المواد التخصصية في كل مسار قليل جدًا، ما يمكننا من إضافة مواد متخصصة لمسار آخر تحتاجه البلد في وقت وجيز. الثانوية السابقة وثانوية المسارات * وعن الفرق بين ثانوية المسارات والثانويات السابقة قال د. عبدالعزيز النوح: تنطلق ثانوية نظام المسارات من اعتبار أن الطالب مشارك ومنتج للمعرفة لا متلقي للمعرفة وتتميز بعدة مميزات من أبرزها: 1- مقياس الميول يساعد الطلاب في اختيار التخصصات التي تناسب ميولهم 2- مرونة النظام بحيث يسهل للطالب تغيير تخصصه من خلال عملية التجسير التي تتيح للطالب دراسة بعض المواد في الفترة الصيفية لتغيير تخصصه 3- إعداد الطالب لمواصلة دراسته الجامعية ولسوق العمل وذلك من خلال التعمق في التخصص للطلاب. 4- وجود حصص الاتقان التي تخدم الطلاب الموهوبين والمتفوقين من خلال تقديم برامج خاصة بهم ومن ناحية أخرى تخدم الطلاب الأقل تحصيل من خلال إقامة دروس في المواد التي يحتاجونها. 5- وجود العمل التطوعي وهذا لتنشئة الطلاب على حب العمل التطوعي وتنمية شخصية المتطوع في المجالات المعرفية والمهارية والاجتماعية. 6- وجود مشروع للتخرج من خلال اختيار موضوع حيوي يخدم تخصص الطالب وكذلك يستفيد منه في سوق العمل 7- تركيز نظام المسارات على مهارات القرن الحادي والعشرين (التفكير الناقد، الابتكار والابداع، التفاعل الاجتماعي) 8- برنامج اختياري (يقدم لطلاب المسار العام) وهو عبارة عن سلسة من الموضوعات والأنشطة التطبيقية يختارها الطالب في نهاية السنة الثانية وتستمر معه إلى أن يتخرج ويقدم فيها مشروع للتخرج. 9- الشهادات المهارية: يمكن للطلاب الحصول على شهادات مهارية أثناء الدراسة في مجالات متعددة (المهارات الرقمية، المهارات الحياتية، مهارات العمل الحر وغيرها..) *مؤشرات الميول وتداخل أ. هاني: الطلاب في هذه المرحلة تكون عملية الاختيار لديهم غير دقيقة فقد يتأثر بزميله مثلًا وهذا يستدعي وجود مرشد طلابي كفء يستطيع توجيه الطالب وفقًا لقدراته، فهل هذا الأمر موجود فعلا؟ أجاب أ.د. خالد المطرودي: لدينا في نظام المسارات 14 دليلًا، كلها تخدم نظام المسارات بالتفصيل الدقيق، علمًا أنه يحتاج إلى عملية تقويم في كل سنة للتعديل، فيوجد منسق للمسارات ومرشد أكاديمي أيضًا، أما المرشد الطلابي فهو موجود داخل المدرسة وله أدوار في نظام المسارات، وقد وضعنا في نظام المسارات آليات معينة تمكن الطالب من تحقيق ميوله تجاه أحد المسارات بنسبة عالية جدًا، وقد تم الانتهاء من الإعداد لمقاييس بهدف معرفة ميول الطالب وطبقت في جميع مدارس المملكة، وهذا ليس المؤشر الوحيد للميول فهناك أيضًا رأي ولي الأمر ورأي الطالب ونتائج اختباره في مقررات السنة الأولى المشتركة، إضافة إلى درجته في مواد محددة مختصة بالمسار الذي يرغب به، فكل ذلك يساعد في توجيه الطالب إلى المسار المناسب. وتداخل د. خالد الملحي: يمكننا أن نعرج على التنبؤ بنجاح الطالب في المسارات والذي أخذناه بعين الاعتبار، فبحسب التجارب العالمية فإنهم يربطونها دائمًا بتحديد المواد التي لها علاقة بالتخصص، وبالتالي يمكننا التنبؤ بمواجهة الطالب لمشكلة في ذلك المسار، ومن ذلك مسار علوم الحاسب والهندسة، فإذا كان الطالب ضعيفًا في الرياضيات والفيزياء والتقنية الرقمية، فذلك ينبئنا بأن الطالب لا يمكنه الاستمرار في مسار علوم الحاسب والهندسة، لأنه مبني بشكل أساسي على تلك المواد، فهذا كله يمكننا من مساعدة الطالب وولي أمره قدر المستطاع في التوجيه إلى المسار الصحيح. *دراسات تقويمية وتساءل أ. هاني هل نظام المسارات مازال في مرحلة التقييم أم أنه أقر بشكل نهائي؟ أجاب أ.د خالد المطرودي لقد انتهينا حاليًا من السنة الأولى المشتركة كما نعمل مع مركز اليونسكو الاقليمي للجودة والتميز التابع لليونسكو، ونحن الآن في منتصف العمل لتقييم السنة الاولى المشتركة تقييمًا شاملًا لكل ما في تلك السنة المشتركة من السياسات والمناهج والمسارات وأدوار كل من المدير والوكيل والمعلم والطالب، وقد اشترك في الدراسة التقويمية هذه 20 ألف مشارك من المملكة شاملة جميع الأطراف، بما فيهم أولياء الأمور والطلبة، وقد انتهينا اليوم من إقامة 50 ورشة عمل وحلقات نقاش ومجموعات تركيز وزعت على جميع مناطق المملكة، ونحن حاليًا في طور إعداد الصياغة النهائية لنتائج الدراسة التقويمية. كما أن هذه الدراسة التقويمية ستتم كل سنة لنصل إلى التوصيات في نهاية السنة الثالثة عن مجمل السنوات الثلاثة مجتمعة، علمًا ان الدراسة التقويمية تمكننا من التعديل المناسب على النظام في كل سنة من أجل تجويده. مناهج المسارات* ووجهت أ. سارة سؤالًا ل د. الجوهرة حول مناهج المسارات الخمس، ومدى ملاءمتها لمتطلبات المسارات، وإمكانية الإضافة والتطوير عليها. أجابت د. الجوهرة: بالنسبة للمواد الموجودة بين المسارات الخمسة فلدينا نوعان منها؛ المواد العامة المشتركة وتشكل ما يقارب 80 % والمواد التخصصية لكل مسار والتي تشكل ما يقارب 20 % ولكل مسار عدد من المواد التخصصية المرتبطة بمجاله، ففي مسار علوم الحاسب والهندسة يوجد عددٌ من المواد المستحدثة مثل علم البيانات، والهندسة، إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي ..إلخ، وأما مسار الصحة والحياة فيوجد مبادئ العلوم الصحية، الرعاية الصحية.. إلخ، بينما يتضمن مسار إدارة الأعمال عددًا من المواد التخصصية المرتبطة بالمجال مثل الإدارة المالية، الحملات التسويقية.. إلخ، بالإضافة إلى مشروع التخرج الموجود في جميع المسارات التخصصية. أما بخصوص تعرض المواد للتطوير؛ فإن وزارة التعليم تتخذ منهجاً تطويرياً سنوياً لجميع المقررات وحاليًا ستُطرح هذه المواد التخصصية المستحدثة بنسختها الأولى وسيتم تطويرها وفق الأساليب العلمية المُتبعة في تطوير المناهج والمقررات. وعلق د. خالد الملحي منذ أن بدأنا وضع النظام جعلنا كفاءة الإنفاق أمامنا شاملًا جميع تفاصيل النظام فأي شيء يمكن الاستفادة منه فإننا نبني عليه، وأي شيء غير موجود والحاجة تقتضي القيام به فلا خيار أمامنا سوى تأديته، فكان من ضمن المستهدفات المناهج والتي هي بالإجمال جيدة وتحتاج إلى التطوير، وقمنا بذلك وسميناها المناهج المطورة والتي خضعت للتطوير بنسب متفاوتة حتى لا نلجأ إلى استبدالها بشكل كامل، لكننا في المسارات التخصصية مضطرون إلى الاتيان بمواد جديدة، فمثلًا مسار علوم الحاسب والهندسة سنجد في العام المقبل مواد في علم البيانات والهندسة وإنترنت الأشياء وهكذا، وفي مسار إدارة الأعمال سنجد مواد في الادارة المالية وادارة الفعاليات وستكون مواد مرنة وممتعة للطلاب، اذًا كفاءة الإنفاق حاضرة في جميع مكونات النظام. وقال إن المواد المطورة كاللغة العربية والفيزياء والكيمياء وغيرها قد خضعت للتطوير وهي مواد تعد الطالب للالتحاق بالمسار المناسب في الثانوية وكذلك في الجامعة، وشمل التطوير محتواها ووزنها النسبي لتتوافق مع حاجة المسارات وتخدمها، وبالتالي فإن المنهج متوافقا مع خدمة سوق العمل والجامعات التي ستستغني عن السنة الأولى المشتركة التحضيرية بنسبة كبيرة، لأن الكثير من المواد الموجود في تلك السنة يدرسها الطلبة في نظام المسارات، واذكر هنا أن المسار الشرعي قد اضيف إليه مواد قانونية. المسار العام* وعن التركيز على التخصصات العلمية أكثر من التخصصات الادبية؟ قال د. خالد الملحي، سابقًا كنّا نجد إقبال الطلبة البنين على المسار العلمي كبيرًا ويكاد يكون المسار الإنساني منعدمًا، وعلى العكس لدى الطالبات فنجد لديهن إقبالًا على المسار الإنساني أكبر من العلمي، أما مع نظام المسارات الجديد فلدينا المسار العام الذي يحقق الجانبين الإنساني والعلمي وهو مستمر حتى الصف الثالث الثانوي، ففي السنة الأولى المشتركة يوجد برنامج يتعلمه الطلاب يهيئهم للمسارات الخمسة وفي نهايته يخضع الطالب للمقاييس والمعايير الأخرى التي تحدثنا عنها سابقا والتي من شأنها أن تحدد مساره لواحد من الخمسة، والمسار العام موجود في كل مدارس المملكة ويحتوي على الجوانب الإنسانية والعلمية والتقنية، أما المسارات الأربعة المتبقية فلها طبيعتها التخصصية وهي غير موجودة في جميع مدارس المملكة بل في مدارس محددة، وهذا أمر طبيعي، لأنه حسب كفاءة الإنفاق لا يمكننا فتح هذه المسارات في كل المدارس فهناك مدارس عدد طلابها 200 طالب فإذا فتحت جميع المسارات فيها فسيكون عدد الطلاب في كل مسار قليل جدًا وبالتالي لا تتحقق الكفاءة المطلوبة، وفي الفترة المستقبلية يمكن التوسع في عدد المدارس التي فيها جميع المسارات عند تحقيق الشروط المطلوبة لذلك، كأن يكون عدد طلاب مدرسة ما يتجاوز 800 طالب عندها ينظر في فتح المسارات الخمسة في تلك المدرسة كالمدارس الكبيرة أو ما تسمى مدارس الأحياء. توزيع المسارات * وعلق د. خالد الملحي قائلًا: توزيع المسارات على المدارس في المملكة تم بناء على دراسة الجاهزية، أي جاهزية المدارس للمسارات، ولم يتم التوزيع عشوائيًا. ومستقبلًا لن يتم فتح جميع المسارات في المدارس إلا إذا تحقق شرط العدد الكبير للطلاب فيها، لكن في المجمل ستكون المسارات التخصصية مفتوحة في بعض المدارس وليس جميعها، لأن التوسع في ذلك لا يعتمد على عدد الطلاب في المدرسة أو طلباتهم فحسب، بل على احتياج البلد أيضًا، فهناك أمران أساسيان لابد من مراعاتهما ألا وهما: العرض والطلب في الجامعات، والعرض والطلب في سوق العمل، فإذا زاد العرض والطلب على مسار علوم الحاسب والهندسة مثلا عندها سنتوسع في هذا المسار وعندما الاكتفاء بمسار ما نبدأ في التقليل منه وهكذا.. وإذا دعت الحاجة إلى مسار جديد فيمكن آنذاك استحداثه، فالأمر فيه مرونة ويعتمد على الجامعات وسوق العمل وطلباتهم وكذلك رغبة الطلاب في منظومة متكاملة. *ساعات التطوع وعن اشتراط ساعات التطوع كأحد شروط تخرج طلاب الثانوية، ومدى الزاميته، قال د. عبدالعزيز العريني: أن التطوع له علاقة بالمسؤولية الاجتماعية بشكل عام، والتطوع في نظام المسارات هو نفسه الموجود في امريكا واستراليا وكندا وفق ساعات تطوعية ملزمة على الطالب أن يحققها قبل التخرج، والطالب له الحرية في اختيار المكان الذي يؤدي فيه تلك الساعات بشرط أن تكون جهة حكومية أو مسموح لها من قبل الوزارة، وهذه الجهات مفتوحة في كل المناطق والشركات والمؤسسات والقطاعات غير الربحية، وإذا اشترطنا وجود هذه الساعات التطوعية في النجاح فلا مشكلة في ذلك، فإلزاميتها جزء من مفهوم النجاح، والطالب إن كان مستعدًا للنجاح في عشرة مقررات مثلًا فلابد أن يكون لديه استعداد ليقدم ساعات تطوعية للمجتمع. ولو لاحظنا عدد الساعات التطوعية المقررة في بعض دول العالم لوجدناه كبيرًا جدًا مقارنة بعددها في المملكة، ففي العام 2020 سجل عدد 11 ألف متطوع في المملكة، ما يعني أن فكرة التطوع الرائعة والجميلة غائبة عن المجتمع، ونأمل أن نصل في العام 2030م لمليون متطوع ان شاء الله، والنقلة النوعية الضخمة هذه يلزمها الزامية بسيطة أحيانًا حتى تصبح عادة للمجتمع كافة. كذلك لو رجعنا إلى برنامج ولي العهد في تنمية القدرات البشرية لوجدنا التطوع في جميع مفاصله، فهناك اهتمام كبير جدًا من قبل ولي العهد من خلال البرنامج بعملية التطوع، وقد حاولنا من خلال النظام أن نحقق جزءا من تلك المبادرة، كما أن التطوع أحد اهتمامات رؤية المملكة 2030 فمن الجميل أن تشترك المسارات في تحقيق هذا المتطلب الضروري جدًا سواءً في الرؤية أو البرنامج. التطوع وسلوك الطلاب وحول دور ساعات التطوع في تغيير سلوك الطلاب إيجابًا ورفع مستوى تحملهم للمسؤولية أجاب د. عبدالعزيز النوح: أريد بداية أن أعلق على سؤال سابق عن التطوع، صحيح أن الأصل في التطوع أن يكون من دون مقابل، لكن هناك تعريف لمتطوعي الأممالمتحدة للعمل التطوعي يشير إلى أن هناك ثلاث خصائص رئيسة للتطوع هي: لا ينبغي القيام بالأنشطة في المقام الأول من أجل المكافآت المالية، على الرغم من إمكانية السماح بسداد النفقات وبعض المدفوعات الرمزية، يجب أن يتم النشاط طوعاً، وفقا لإرادة الفرد الحرة، مع السماح للخدمة المجتمعية المدرسية التي تشجع وتشترط أحياناً على الطلاب الانخراط في العمل التطوعي، ينبغي أن يكون العمل التطوعي منفعة لشخص آخر غير المتطوع، أو للمجتمع ككل، على الرغم من أنه من المسلم به أن العمل التطوعي يجلب فائدة كبيرة للمتطوع أيضاً، لذلك نرى في الولاياتالمتحدةوكندا كثيرًا من الجامعات فيها ساعات تطوع وهي في الحقيقة تدريب على التطوع، في كندا هناك أكثر من 160 ألف منظمة تطوعية ، بينما نجد في المملكة أقل من ألف منظمة أو مؤسسة مجتمعية للتطوع، وهدف رؤية المملكة 2030 بالتأكيد أن يتضاعف هذا العدد عما هو عليه الآن. وأكد النوح: إن دول العالم تتنافس في قضية التطوع باعتبار أنه قطاع ثالث، حيث إن الدول تقوم على القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقطاع الثالث، وكل ما كان هذا القطاع حيويًا كان المجتمع حيويًا، فإن يبذل جهد لتدريب الطلاب على العمل التطوعي فهذا يعطي حيوية أكثر للمجتمع مستقبلًا، كما أن فكرة التطوع ليست وليدة اليوم، بل هي قديمة، فالتطوع منبثق من ديننا الإسلامي، ونحن دائمًا في أعمالنا نتطوع. إيجابيات التطوع * وعن إيجابيات التطوع، قال النوح: التطوع له فوائد للطالب المتطوع نفسه وللمنظمة وللمجتمع، فهو يزيد من تماسك المجتمع ويحصنه من كثرة الأمراض الاجتماعية، كالجشع، وإيثار الذات، كما يعد من أكثر الأساليب ترسيخاً لمعاني الوطنية في نفوس النشء فالفوائد العائدة على المنظمة أنها تحقق بعض أهدافها بالتعاون الفعلي مع المتطوعين من طلاب المدارس، كما أن التطوع فيه تحقيق للذات بالنسبة للمتطوع والمشرفين على التطوع ويبني سلوكيات طيبة لدى الطلاب، لأنه عمل إنساني يسمو به الفرد على ذاته ليحقق منافع للآخرين، فهو نوع من الإيثار، مما يكون له أثر في تغيير سلوك الطلاب كما أن التطوع ينمي شخصية الطالب ويبني اتجاهات وقيم إيجابية، ويزيد من تفاعل الطالب مع مجتمعه، ولا يوجد تعارض بين التحصيل الدراسي والتطوع، فسابقًا وجدنا أن من يبذل جهدًا في النشاط يكون متميزًا في دراسته. دليل للعمل التطوعي* وتابع النوح: العمل التطوعي له دليل أعدته الوزارة يتضمن عدة مجالات للتطوع يمكن للطالب أن يختار منها المجال الذي يرغب فيه مما يجعله يحقق شيئا من ذاته والذي ينعكس بدوره على مستوى تحصيله وحياته العامة. كما أن التطوع فيما سبق كان عملًا شبه اجتهادي، أما في نظام المسارات فقد أصبح جزءًا أصيلا من النظام ولابد من تحقيق ساعاته الأربعين حتى يتمكن الطالب من التخرج، فالتطوع أصبح مفعلًا في ظل نظام المسارات وهو إحدى ميزات هذا النظام ومن ضمن بنية النظام، وربما في البداية قد تكون بعض الأعمال البسيطة مقبولة، ولكن مستقبلًا لابد أن يأخذ شكلًا أكثر عمقًا، وأكثر شراكة مع المجتمع المحلي. *إجبارية التطوع أما فيما يتعلق بإجبارية التطوع قال العريني: لا يوجد في النظم التعليمية إجبار لعملية التطوع، فمجمل ساعاته 40 ساعة وهي قليلة موزعة على ثلاث سنوات، ولو عدنا إلى الدليل الإجرائي للتطوع لوجدنا أن النسبة الأكبر للتطوع تكون داخل المدرسة، حيث يوجد 17 مجالًا داخل المدرسة منها عملية تدريس الطلاب الضعفاء دراسيًا، وإقامة محاضرة لزملائه والاشتراك في عمل اجتماعي أو ثقافي أو علمي، فكل ذلك يمكن القيام به داخل المدرسة. وعن استحقاق الطلاب لمكافأة تطوع علق أ.د خالد المطرودي أن نظام التطوع يخضع للائحة معينة في وزارة الموارد البشرية فلا نستطيع القول باستحقاق المتطوع للمكافأة إلا وفق ما يقرر النظام، ودليل التطوع وضع بناء على تلك اللائحة في الوزارة، وكذلك وفق تنظيم معين في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء الذي حدد بالضبط نظام التطوع بشكل عام ومن ضمنه نظام التطوع في نظام المسارات. وعلق الملحي، من جهة جوانب التحفيز في التطوع كمنح أوسمة بلاتينية وفضية وذهبية تكون تقديرية للطلاب المجتهدين في ساعات التطوع فكل ذلك سيؤخذ بعين الاعتبار رغم عدم وجود تنظيم واضح في هذا الجانب. ضيوف الندوة أ. د خالد المطرودي أ. د. عبدالعزيز العريني د. عبدالعزيز النوح د. خالد الملحي المشاركون في الندوة هاني وفا خالد الربيش صالح الحماد ناصر العماش سارة القحطاني عهد الشهري نورة المطيري