تُعتبر الحياة مليئة بالتحديات، حيث نواجه مشكلات تتطلب تحليلاً عميقاً لفهم جذورها. في هذا السياق، تبرز تقنية "5 لماذا" كأداة فعالة تساعد الأفراد والفرق على كشف الأسباب الجذرية للمشكلات. وقد تم تطوير هذه التقنية بواسطة (تايشي أونو) الياباني، أحد مؤسسي نظام الإنتاج، وهي نموذج يساهم في تحقيق كفاءة أعلى وتحسين الجودة من خلال التركيز على القيمة وتقليل الهدر. تبدأ خطوات تقنية "5 لماذا" بتحديد المشكلة بوضوح. على سبيل المثال، إذا كانت المشكلة هي "تأخر تسليم مشروع"، نبدأ بطرح السؤال الأول: "لماذا تأخر تسليم المشروع؟" لنجد أن السبب هو عدم قدرة الفريق على إنهاء العمل في الوقت المحدد. وعند طرح السؤال التالي "لماذا لم يتمكن الفريق من إنهاء العمل في الوقت المحدد؟"، نكتشف أن هناك نقصاً في المعلومات الضرورية. من خلال الاستمرار في طرح الأسئلة، نكتشف أن العميل لم يرسل التوجيهات المطلوبة في الوقت المحدد. وعند الاستفسار، نجد أن العميل كان مشغولاً بمشاريع أخرى. وأخيراً، عندما نسأل "لماذا؟"، ندرك أن السبب هو عدم وجود جدول زمني واضح للأولويات. بعد الانتهاء من هذه الأسئلة، نستنتج أن المشكلة الأساسية لا تتعلق بتأخر الفريق فحسب، بل بإدارة الوقت والتواصل الفعال. للتعامل مع هذه المشكلة، يمكن اتخاذ خطوات لتحسين التواصل من خلال وضع مواعيد نهائية واضحة للتوجيهات وضمان تنظيم الأولويات. يمكن أيضاً تطبيق تقنية "5 لماذا" على المشكلات الشخصية. على سبيل المثال، إذا قال شخص ما: "أشعر بالتوتر في العمل"؟ يمكن أن نبدأ بطرح السؤال "لماذا؟" لنكتشف أن السبب هو الضغط لإنهاء المهام. نستمر في طرح الأسئلة لنجد أن "لدي مسؤوليات كثيرة". وعند السؤال "لماذا؟، نجد أن الإجابة هي "لأنني أكره أن أقول لا للآخرين." نستمر حتى نصل إلى أن السبب الجذري هو "لأنني أريد أن أكون محبوباً ومقبولاً". تُستخدم تقنية "5 لماذا" أيضًا في تحليل الأنظمة. على سبيل المثال، إذا كانت هناك مشكلات في نظام إدارة المعلومات داخل مؤسسة، قد نسأل: "لماذا يحدث نقص في البيانات؟" لنكتشف أن السبب هو عدم تحديث النظام بشكل منتظم. وعند السؤال "لماذا لا يتم تحديث النظام بشكل منتظم؟"، نجد أن هناك نقصاً في الإجراءات. وعند السؤال "لماذا؟"، قد يتضح أن هناك مشاكل في التدريب والتوعية. الخطوة التالية هي زيادة تدريب الموظفين لضمان تحديث النظام بانتظام، مما يُحسن جودة البيانات المتاحة. يمكن أيضاً استخدام تقنية "5 لماذا" لفهم أسباب مشكلة معينة، مثل زيادة حالات الإصابة بالإنفلونزا في منطقة محددة. نسأل: "لماذا؟" لنجد أن الكثير من الناس لم يتلقوا اللقاح. ولماذا؟ لأن الحملة التوعوية حول اللقاح لم تكن فعالة. ولماذا؟ لأن الرسائل لم تصل إلى المجتمعات المستهدفة بشكل كاف. الخطوة التالية هي تحسين الوصول إلى المجتمعات وتعزيز التوعية حول أهمية اللقاح. في مجال التعليم، يمكن استخدام تقنية "5 لماذا" لفهم أسباب ضعف الأداء الأكاديمي للطلاب. نطرح السؤال: "لماذا؟" لنجد أن الطلاب لا يشاركون بشكل نشط في الدروس. لماذا؟ لأنهم يشعرون بعدم فهم المواد المقدمة. لماذا؟ لأن أساليب التدريس أو المناهج غير ملائمة لاحتياجاتهم. لماذا؟ لأن المعلمين لم يتلقوا تدريباً كافياً حول أساليب التدريس الحديثة. لماذا؟ لأن الميزانية الخاصة بتدريب المعلمين كانت محدودة. الخطوة التالية هي زيادة الميزانية المخصصة لتدريب المعلمين أو تحسين أساليب المناهج لضمان تلبية احتياجات الطلاب وتحسين أدائهم الأكاديمي. من خلال استخدام تقنية "5 لماذا" في مجالات مختلفة، يمكن التعرف على الأسباب الجذرية للمشكلات، مما يمكّن المعنيين من اتخاذ إجراءات فعالة لتحسين النتائج واتخاذ خطوات مفيدة في جميع المجالات.