من موقعك القيادي، لماذا تعاملك مع بعض الأشخاص يكون أكثر حدة وحزماً مقارنة بأشخاص آخرين في الفريق؟ أليس في ذلك نوع من المحاباة والتمييز؟ جاءني هذا السؤال حول أسلوبي في الإدارة. كان جوابي هو أن السر يكمن في المجموعة الشمسية.. في مجموعتنا الشمسية تدور حول الشمس ثمانية كواكب ويدور حول عدد من الكواكب ما يصل إلى 150 من الأقمار. وبطبيعة الحال كلما كان الكوكب أقرب للشمس كان معرضاً أكثر لحرارة الشمس وأشعتها. والعكس صحيح، فكلما ابتعد الكوكب عن الشمس كانت درجات الحرارة فيه منخفضة. وقس على ذلك التعامل مع الإدارة. فكلما كان الشخص في منصب قيادي في الإدارة العليا زادت الضغوط وزاد حجم التحديات التي يجب حلها والتعامل معها. وبالمقابل فالموظف البسيط لن يواجه هذا الحجم الكبير من المسؤولية والضغوط المباشرة من رأس الهرم. ونفس الأمر ينطبق على المدة الزمنية التي يستغرقها الكوكب للدوران حول الشمس والتي تختلف من كوكب لآخر حسب المسافة بينه وبين الشمس كما يلي: عطارد: 88 يومًا، الزهرة: 225 يومًا، الأرض: 365 يومًا، المريخ: 687 يومًا، المشتري: 4,333 يومًا (حوالي 12 سنة)، زحل: 10,759 يومًا (حوالي 29.5 سنة)، أورانوس: 30,687 يومًا (حوالي 84 سنة) ونبتون: 60,190 يومًا (حوالي 165 سنة). قس على ذلك كمية المهام ووتيرة الاجتماعات والتواصل المطلوب مع الإدارة العليا. من ناحية أخرى، فالشمس نفسها تستغرق 250 مليون سنة لاستكمال سنة مجرية ومعها 200 مليار نجم تدور في مجرة درب التبانة. فحتى المدير هنالك من يديره وعليه اتباع توجيهاته وتعليماته. وفي العالم القيادي، فمهما بلغت سلطتك، فلا بد أن تحترم قادتك؛ لأنه فوق الشمس شموس أكبر منها ومجرة وفوق كل مسؤول مسؤول أكبر منه. ومن الأمور التي تستدعي التأمل أيضاً هي حالة الشمس النشطة والتي تضمن استدامة الوضع في المجموعة الشمسية. ففي حالات نجمية يثور النجم وربما ينفجر لدرجة تتسبب في نزع الأكسجين من الكواكب المحيطة القابلة للحياة حولها. وبالمقابل فهنالك حالات الثقب الأسود الذي يقوم بتغذية نفسه بالمواد القريبة منه. والثقوب السوداء أجسام ذات كثافة استثنائية، وتمتلك قوة جاذبية مهولة لدرجة أن الضوء لا يفلت منها. ومنها على سبيل المثال الثقب الأسود الهائل الموجود في مجرة إس.دي.إس.إس1335+0728 والذي تبلغ كتلته حوالي مليون مرة كتلة الشمس في مجموعتنا. ويمثل ذلك حالة المسؤول الثائر أو المهمل لصحّته أو غير القادر على ضبط أعصابه مما يترتب عليه هلاك من حوله والمنظومة كاملة ناهيك عن نفسه. باختصار، كلما زادت مرتبة الإنسان الإدارية أصبحت مسؤولياته أكبر وغدا أكثر عرضة للضغوط والمحاسبة والتحديات الصعبة مما يعني ضرورة امتلاك مهارات الصلابة النفسية والذكاء الاجتماعي والعاطفي بالإضافة للخبرات والمهارات التخصصية. وتبقى النقطة الأهم، وهي أنه كما أن الشمس بعظمتها وقوتها آفلة زائلة، فلا كرسي يبقى ولا سلطان يدوم. فلا تنخدع بالمظاهر والألقاب وابذل جهدك لتزرع الخير وتصنع الأثر النافع فهذا ما سيبقى لك..