في خطوة مبتكرة تعكس رؤية المملكة 2030، تأتي مبادرة "الشريك الأدبي" كإحدى المبادرات الاستثنائية التي أحدثت حراكًا ثقافيًا جديدًا في المجتمع. هذه الفكرة الذكية جمعت بين الإبداع الأدبي والعمل المجتمعي، عبر تنظيم لقاءات أدبية وثقافية في المقاهي والمساحات العامة، مما جعل الأدب أكثر قربًا من مختلف شرائح المجتمع . من أهداف الشريك الأدبي كسر الحواجز الثقافية، ونجحت المبادرة في إزالة الفجوة بين المثقفين وبقية أفراد المجتمع، حيث أتاحت الفرصة للمواهب الشابة لاكتشاف نفسها والمشاركة الفاعلة في المشهد الأدبي. من خلال دعم وزارة الثقافة وهيئة الأدب والنشر والترجمة، تم تعزيز مفهوم أن الثقافة ليست حكرًا على النخبة، بل هي حق للجميع، تسهم في تمكين الطاقات الإبداعية. ما يميز الشريك الأدبي هو دعم الابتكار والإبداع، وتبنيه أسلوبًا مبتكرًا في تقديم الأدب، حيث يشجع على النقاشات غير التقليدية، ويعزز التفكير الإبداعي، مما يثري جودة الكتابة والنقد الأدبي وتوسعة الأفق. هذه المبادرة لا تقتصر على تقديم النصوص الأدبية، بل تسعى إلى خلق بيئة تحفز الابتكار وتعزز التفاعل الثقافي بين مختلف الخلفيات العلمية والمجتمعية. رغم النجاح الرائع الذي حققه الشريك الأدبي، يطرح البعض تساؤلات حول تأثير اللقاءات التي تكون من تنظيم المقاهي على عمق النقاشات الأدبية والحضور، مشيرين إلى احتمال تحول بعض الأنشطة إلى تجربة استهلاكية تجارية. ومثل هذا الرأي يعبر عن غياب الجانب الموضوعي في معرفة التفاصيل، والجهود الكبيرة التي تبذل من أجل إقامة اللقاءات، وفي حال هناك مقاهي تقييم اللقاءات دون عناية عالية في تحقيق جودة الموضوعات والضيوف وغيرها، يمكن معالجة هذا الجانب من خلال تنظيم اللقاءات بواسطة صالونات ثقافية ذات خبرة ثقافية وإدارية، وهذا مما يساهم في تعزيز من جودة اللقاءات وضمان تحقيق الأهداف الثقافية. كما يُقترح أن تكون المقاهي المستفيدة من المبادرة ملتزمة بمسؤوليتها الاجتماعية عبر دعم الفعاليات الثقافية حتى بعد انتهاء المبادرة، لضمان استدامة الأثر الثقافي في المجتمع. ومن أجل ضمان استمرار نجاح الشريك الأدبي، من الضروري أن تتنوع الأطروحات الثقافية لتشمل مختلف الفئات والتخصصات، مع التركيز على الابتكار والتجديد. المبادرة ليست مجرد منصة للأدب، بل هي حركة ثقافية تعيد تعريف العلاقة بين الأدب والثقافة والمجتمع، وتعمل على تمكين الطاقات الإبداعية لتواكب طموحات المملكة. وخلاصة القول: الشريك الأدبي هو نموذج حقيقي لحراك ثقافي ذكي وشامل، يعيد صياغة الساحة الثقافية بالمملكة العربية السعودية ويجددها ويجعلها أكثر انفتاحًا وتفاعلًا، والمملكة أصبحت نموذجاً رائداً في العالم. هذه المبادرة تستحق الدعم من جميع شرائح المجتمع، فهي ليست مجرد فكرة، بل رؤية تُترجم على أرض الواقع لتحقيق مستقبل ثقافي أكثر إشراقًا وإبداعًا. * كاتب ومؤسس صالون نُبل الثقافي أحد الاحتفالات بالفائزين في «منافسة الشريك الأدبي»