وفقا للتقرير الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية في نوفمبر، فإن عجز الميزانية الأميركية وصل إلى نحو 367 مليار دولار، في حين أن التوقعات كانت تشير إلى أن هذا العجز سوف يصل إلى 353 مليار دولار فقط. مما يعني أن العجز قد ارتفع ليس فقط عما هو متوقع بنحو 14 مليار دولار، وإنما أيضاً عن مستواها في العام السابق والذي كان عند 314 مليار دولار. ولهذا يحذر الكثير الولاياتالمتحدة من الاستمرار على ما هي عليه من عدم ترشيد الإنفاق، وعلى رأسهم يأتي إيلون ماسك الذي سوف يشغل في الإدارة الأميركية القادمة مركزا مهما جداً. ولكن هذه الصورة القاتمة، لا تعني من ناحية أخرى أن الوضع الاقتصادي في الولاياتالمتحدة سيئ، ففي هذا البلد، يتجمع أكبر الأغنياء في العالم وأكثرهم ثروة، وعلى رأسهم يأتي ألون ماسك ما غيره، والذي سوف تقع على عاتقه، كما تمت الإشارة، رفع كفاءة الحكومة القادمة بعد تولي الرئيس الجديد مهامه في يناير المقبل. وهكذا فنحن إذاً أمام مشهدين متناقضين مع بعضهما البعض: الأول هو مشهد الحكومة الأميركية التي تنفق أكثر مما تحصل عليه بشكل مستمر، وبالتالي فهي في نهاية كل عام مالي وبداية عام آخر جديد تكون أمام مشكلة إعداد ميزانية العام القادم والحصول على الأموال التي تحتاجها لأداء نشاطاتها خلاله، وباعتبار أن النفقات أكثر من العائدات (الضرائب وأذونات سندات الخزينة)، فهي تحتاج كل عام للاقتراض أكثر من المبالغ المحددة في السقف السابق المسموح به. الأمر الذي يتطلب موافقة الكونغرس، وهذا يؤدي إلى دخول الحكومة في جدل ومماحكات مع الكونغرس، قد تطول أو تقصر، بالاعتماد على الأغلبية في هذا الكونغرس، وفيما إذا كانت من الحزب الحاكم أو المنافس، حيث تعيش الحكومة الأميركية في حالة شلل مؤقت، وذلك قبل الموافقة على رفع سقف الدين الحكومي من جديد. أما المشهد الآخر فهو مناقض تماماً لذلك، فقطاع الأعمال الأميركي يعتبر من أنجح القطاعات الخاصة في العالم، وذلك نتيجة العائدات الضخمة التي يحصلون عليها، والتي تتعدى بكثير ما ينفقون. ولذا نرى، تزايد ثرواتهم وتراكمها باستمرار. فلو راجعنا قائمة أكبر 10 أغنياء العالم وأكثرهم ثراء فسوف نلاحظ أن معظمهم من الولاياتالمتحدة. فهذه القائمة التي يستهلها إيلون ماسك ويختتمها وارن بافيت كلهم من الولاياتالمتحدة ما عدا برنارد أرنو الفرنسي. ولذلك، يمكن أن تؤدي المهام الجدية المنوطة بأكبر ثري في العالم، وهو إيلون ماسك في إدارة ترمب القادمة إلى استيراد الخبرة التي يتمتع بها قطاع الأعمال الأميركي إلى الحكومة الأميركية، خصوصا وأن توجه الرئيس القادم هو التخلص من سقف الدين الذي مضى على إقراره أكثر من قرن.