أوضح أستاذ التقنية الحيوية المساعد د. محمد بن خليل المنجد أن الحالات المصابة بالفيروس تختلف في حدة الأعراض وتطورها بناءً على عوامل عديدة، منها سرعة التشخيص ومرحلة الإصابة ومدى توافر الأدوية الداعمة التي تساعد في كبح انتشار الفيروس داخل جسم المصاب، مما يحد من تفاقم حالته الصحية وصولاً إلى الوفاة، وذلك خلال حديثه الخاص ل"الرياض" عن الجهود التي تبذلها المملكة لمكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) وما يواجه هذه الجهود من تحديات، مشيرًا إلى أهمية التوعية والتشخيص المبكر في السيطرة على هذا المرض. وأضاف أن الإصابة بفيروس الإيدز لا تعني بالضرورة ظهور الأعراض بشكل فوري، حيث قد تستغرق فترة حضانة الفيروس في جسم المصاب ما يصل إلى عقد من الزمن دون ظهور أعراض ظاهرة، مما يجعل التشخيص المبكر أمرًا بالغ الأهمية. وأشار إلى أن هناك العديد من الحالات التي قد تكون حاملة للفيروس ولم يتم اكتشافها بعد، إما بسبب غياب الأعراض أو لعدم إجراء الفحوصات اللازمة. وبحسب الإحصائيات العالمية، يقترب عدد المصابين بفيروس الإيدز من 40 مليون شخص، فيما بلغ عدد الوفيات الناتجة عن المرض حوالي 630 ألف حالة، وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية. وعلى الصعيد المحلي، تم تسجيل أول حالة إصابة بالإيدز في المملكة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في أوائل عام 1984. ووفقًا لإحصائية وزارة الصحة، بلغ عدد الحالات المسجلة حتى نهاية عام 2012 حوالي 18,762 حالة، منها 29% لسعوديين، و71% لغير السعوديين. ورغم غياب بيانات رسمية عن الحالات المسجلة في السنوات الأخيرة، تشير تقديرات برنامج الأممالمتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز (UNAIDS) إلى أن متوسط عدد الحالات في المملكة بلغ 11,000 حالة حتى نهاية عام 2023. وأوضح الدكتور المنجد أن هذا الرقم التقديري يعكس الحالات التي تم تشخيصها فعليًا، بناءً على الإحصائيات السابقة وما ورد في تقرير الهيئة العامة للإحصاء لعام 2019، والذي أشار إلى أن نسبة الإصابة بالمرض بين السعوديين بلغت 27 حالة لكل مليون نسمة من المواطنين غير المصابين. وأوضح الدكتور المنجد أن دقة الإحصائيات عن عدد المصابين بالإيدز تعتمد على آلية الكشف عن الحالات، حيث لا يتم إجراء فحص إلزامي شامل لكافة الفئات المجتمعية. ويتم تسجيل الحالات من خلال المختبرات الصحية عند طلب تحليل الكشف عن الفيروس المسبب للمرض بناءً على إحالات طبية أو عند إجراء الفحوصات الإلزامية لبعض الفئات، مثل المتقدمين للوظائف العسكرية، وعاملي الكادر الصحي، والمقبلين على الزواج، والمصابين ببعض الأمراض المزمنة، والمتبرعين بالدم والأعضاء، والمخالطين للحالات الإيجابية، والوافدين من الخارج للعمل والإقامة، والعاملين في مجالات تتطلب ملامسة الصحة العامة. وأضاف أن هذه الفحوصات تخضع لنظام الوقاية من متلازمة العوز المناعي الصادر ولائحته التنفيذية، والتي تنظم عملية الكشف وتسجيل الحالات. وأكد أن وزارة الصحة هي الجهة المسؤولة عن الإعلان عن الأرقام الرسمية للمصابين ومسببات الإصابة وطرق العدوى. وتطرق الدكتور المنجد إلى الدور الكبير الذي قامت به المملكة في مكافحة الإيدز، مشيرًا إلى أن نظام الوقاية من متلازمة العوز المناعي، الذي صدر في عام 1438ه (2018م)، يعكس التزام المملكة بتوفير كافة أوجه الدعم الصحي والمعنوي للمصابين بالمرض. ويضمن هذا النظام حقوق المرضى ويؤكد على ضرورة تقديم الرعاية الصحية لهم دون أي تمييز، كما يُلزم الجهات الصحية بتقديم الخدمة للمصابين وفق أفضل المعايير. وأوضح أن وزارة الصحة أطلقت البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز عام 1994، والذي يهدف إلى تقديم الرعاية الصحية والتوعوية للمصابين، وتعزيز سبل الوقاية من المرض. كما قدمت المملكة من خلال عضويتها في جامعة الدول العربية مشروع الاستراتيجية الشاملة لمكافحة الإيدز، التي اعتمدها مجلس وزراء الصحة العرب في عام 2014 تحت مسمى "الاستراتيجية العربية لمكافحة الإيدز". وأضاف الدكتور المنجد أن المملكة، بتوجيهات قيادتها الرشيدة، دعمت الجهود الدولية لمكافحة المرض من خلال منحة متعددة السنوات بقيمة 39 مليون دولار عبر الصندوق السعودي للتنمية، لصالح الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا. وقال الدكتور محمد المنجد أن المملكة، بجهودها المبذولة محليًا ودوليًا، تظل نموذجًا يحتذى به في مكافحة الإيدز، داعيًا إلى تعزيز التوعية الصحية وزيادة برامج الفحص المبكر للوصول إلى مجتمع صحي وخالٍ من هذا المرض.