تشهد العلاقات "السعودية المصرية" زخماً وتطوراً على الأصعدة كافة، وخاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وكان وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر بن إبراهيم الخريف – خلال زيارته الأخيرة لجمهورية مصر العربية – قد أوضح أن شركات مصرية نظرت لسوق المملكة كسوق مستهدفة، وضخت استثمارات ونقلت بعض التجارب الناجحة من مصر إلى المملكة. وأشار إلى أن البلدين يعملان على تذليل كثير من التحديات التي كانت موجودة أمام المستثمرين والمصدرين من الجانبين، مبيناً أن هناك عملاً مشتركاً بين بنك الصادرات السعودي وعدد من البنوك المصرية لتوفير التمويل اللازم للمستوردين، الأمر الذي سيرفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين. وكان البلدان قد وقّعا اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، وتشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي، خلال زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – يحفظه الله – إلى مصر خلال أكتوبر الماضي 2024م. وتفتح هذه الاتفاقية الباب أمام الشركات السعودية لضخ ما يصل إلى 15 مليار دولار خلال 3 سنوات، بحسب رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري بندر العامري. وكان رئيس مجلس الوزراء المصري د. مصطفى مدبولي قد أوضح أن مجلس الوزراء شكّل وحدة خاصة لحل مشكلات المستثمرين السعوديين، كما تم الاتفاق في ديسمبر الجاري على تقليص زمن الإفراج الجمركي إلى 3 ساعات بدلاً من 3 أيام، بحسب ما قاله آنذاك نائب وزير المالية المصري شريف الكيلاني. "مصر تضخ استثمارات في المملكة" وتعد مصر رابع أكثر الدول استثماراً في المملكة في 2023، وبلغ صافي استثماراتها نحو 1.48 مليار دولار – بحسب بيانات وزارة الاستثمار السعودية – كما استحوذت مصر على الحصة الأكبر من التراخيص الاستثمارية المصدرة في السعودية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024، وبلغت حصتها من التراخيص نحو 30% تقريباً. وبلغ عدد الشركات المصرية العاملة في المملكة 4 آلاف شركة، ارتفاعاً من 500 شركة فقط، في حين أن "استثمارات الشركات المصرية كانت تمثل 5 مليارات ريال سعودي فقط، ولكنها قفزت إلى 50 ملياراً، وفقاً لتصريح لرئيس مجلس الأعمال السعودي المصري بندر العامري. ومن المتوقع أن تشهد العلاقات الثنائية زخماً إضافياً بدعم من التوقيع على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، وتشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي، في أكتوبر الماضي. وتضمن اتفاقيات حماية الاستثمارات الالتزام بمعاملة "منصفة وعادلة" للاستثمارات، وتقليص متطلبات إنشاء وتوسعة وصيانة الاستثمارات، وضمان الاستثمارات في حالات الحرب أو النزاع أو الثورة أو حالات الطوارئ والاضطرابات. كما تضمن حماية الاستثمارات من أي إجراء يمس ملكيتها أو تجريد مستثمريها كلياً أو جزئياً من بعض حقوقهم مع منع تأميم أو نزع الملكية أو إخضاعها لأشخاص وجهات أخرى. "تعاون في قطاع التعدين" وتركز المملكة على تعزيز التعاون مع مصر بمجالات الصناعة، خاصة في قطاع التعدين، مما يشكل دفعة إضافية للعلاقات الثنائية، بعد إقرار اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، وتشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي، حيث تكثف التعاون مع مصر بمجال التكامل الصناعي، في قطاعات مختلفة مثل التعدين ومواد البناء والطاقة المتجددة. وتستهدف المملكة الوصول بقطاع الصناعة والتعدين للمساهمة بنحو 15% في الناتج المحلي بحلول 2030، كما تنظر للقطاع بصفته الركيزة الثالثة للاقتصاد بعد قطاعي النفط والبتروكيماويات، خصوصاً بوجود ثروات معدنية لديها تقدر قيمتها ب9.4 تريليون ريال، ما من شأنه أن يساعدها في رحلة تنويع اقتصادها، حيث تخطط لأن تكون الطاقة المتجددة نحو 50% من مزيج الطاقة في عام 2030، كما تعمل على تعزيز تصدير الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة، وتقليص الاعتماد عليه في قطاع إنتاج الكهرباء، في الوقت الذي تنفذ فيه مشاريع كبيرة بقيمة تصل إلى 1.3 تريليون دولار في إطار رؤية 2030. وأوضح المهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، خلال لقائه مع بندر الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، والوفد المرافق له، أن مصر منفتحة للتعاون مع الأشقاء العرب في مجال الصناعة التي تعد قاطرة التنمية المستدامة، مشيراً إلى أهمية إقامة مصانع ومناطق لوجستية مشتركة مع السعوديين في مصر والمملكة؛ بما يساهم في تحقيق التكامل الصناعي وزيادة حجم المبادلات التجارية بينهما، خاصةً مع الموقع الجغرافي المتميز لكلا البلدين وتوافر وسائل الربط المختلفة بينهما. ويبحث الجانبان عدداً من المجالات التي يمكن أن تشكل انطلاقة قوية في مجال التعاون بين البلدين الشقيقين مثل التعاون في تصنيع قطاعات الألومنيوم في مصر أو المملكة؛ لتلبية احتياجات السوق المصرية الكبيرة من الألومنيوم، إضافة إلى إقامة مصانع مشتركة مع المملكة في مجالات استراتيجية تشمل مكونات السيارات (إطارات - ضفائر - هياكل - فرامل)، والبتروكيماويات، وتصنيع مهمات محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، وكذلك تصنيع البوليستر ومشتقاته في مصر إلى جانب تصنيع المادة الفعالة للأدوية، لا سيما أدوية الأمراض المزمنة والحرجة، والتوسع في الصناعات الغذائية السعودية بالسوق المصري، مؤكداً توافر الأراضي الصناعية المرفقة لإنشاء المصانع التي يتم الاتفاق عليها بين الجانبين. ودعا الخريف إلى أهمية ضرورة تعزيز التعاون بين الوزارتين لترجمة العلاقات الوطيدة بين المملكة ومصر إلى مشروعات حقيقية تسهم في توفير فرص عمل جديدة وتعود بالنفع على اقتصاد البلدين، مضيفاً أن مجموعة العمل المشكلة من ممثلي وزارة الصناعة والثروة المعدنية ووزارة الصناعة المصرية، ستركز على مسارات محددة تشمل المجالات التي تم التباحث حولها، إلى جانب العمل على التكامل في سلاسل الإمداد، والتصنيع المتقدم، وتنمية القدرات البشرية. وتسعى مصر لتعظيم الاستفادة من قطاع التعدين خلال الفترة المقبلة، وذلك عبر علاقتها الوطيدة بالمملكة التي تمتلك خبرة كبيرة في هذا القطاع، لا سيما أن هناك امتداداً جيولوجياً بين الدولتين يفصل بينهما البحر الأحمر. "الاستفادة من الخبرات السعودية" وفي هذا السياق، أكد وزير البترول والثروة المعدنية المصري، كريم بدوي، تطلع بلاده إلى زيادة التعاون مع المملكة في مجالات التعدين، والاستفادة من الخبرات السعودية وتجاربها الناجحة في هذه المجالات سواء في الحزم التحفيزية أو التكنولوجيات والتقنيات المستخدمة. واستعرض بدوي، خلال استقباله بندر بن إبراهيم الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، المحاور الأساسية لاستراتيجية عمل الوزارة في الوقت الحالي، التي تشمل محوراً خاصاً بإحداث نقلة نوعية في قطاع الثروة المعدنية لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 1% حالياً إلى ما يتراوح بين 5 - 6%، وكذلك جهود القطاع لتحويل الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية، إضافة إلى المحاور الخاصة بالسلامة والصحة المهنية والاستدامة والبيئة وترشيد الطاقة، والعمل على إعادة هيكلة مزيج الطاقة في مصر لزيادة نسبة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول عام 2030. وفي هذا الصدد، أشار الوزير إلى تجربة منجم السكري للذهب في استخدام الطاقة المتجددة في عمليات التشغيل. فيما أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر بن إبراهيم الخريف، على أهمية التعاون بين البلدين لتحقيق نجاحات تخدم شعبي البلدين، واستعرض تجربة المملكة في الاستثمار التعديني، مشيراً إلى نجاح مؤتمر التعدين الدولي الثالث «مستقبل التعدين» الذي عقد في الرياض مؤخراً. هذا وتستضيف الرياض المؤتمر الدولي الرابع للتعدين خلال الفترة من 14 إلى 16 يناير 2025، الذي يعد فرصة لتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية التي يتمتع بها قطاع التعدين في المملكة ومصر أمام شركات التعدين العالمية. "التجارة بين البلدين" وعقد الوزير السعودي لقاءً مع وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب، لبحث سبل تنمية وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين في مختلف المجالات التجارية والاستثمارية. وأشار الخطيب إلى أهمية تعزيز الجهود المشتركة للاستفادة من الفرص التجارية والاستثمارية المتميزة المتاحة بالبلدين، وترجمتها لمشروعات تعاون ملموسة تصب في مصلحة الاقتصادين المصري والسعودي. وأوضح أن مصر تمتلك إمكانات ومقومات تؤهلها لجذب المزيد من الاستثمارات السعودية، التي تشمل توافر العمالة المؤهلة والمهندسين ذوي الكفاءة العالية، وكذا تنافسية الأجور والبنية الأساسية المؤهلة، وتوافر الطاقة، وتوافر الأراضي الصناعية، والمواد الخام، بالإضافة إلى ارتباطها بعدد كبير من اتفاقيات التجارة الحرة والتفضيلية مع عدد كبير من الدول والتكتلات الاقتصادية الرئيسة في العالم، التي تمكن المنتج المصري من النفاذ الحر والمنافسة بعدد كبير من الأسواق الإقليمية والعالمية. وأكد أن اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين مصر والمملكة العربية السعودية تمثل حجر الزاوية لتعزيز التعاون الاستثماري المشترك وتحسين البيئة الاستثمارية في مصر وتعزيز جاذبية السوق المصرية أمام الاستثمارات السعودية، لافتاً إلى أهمية استفادة المستثمرين السعوديين من الفرص الاستثمارية المتميزة بالسوق المصرية في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، مؤكداً حرص الحكومة على تهيئة مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار من خلال العمل على تطوير البنية التحتية اللازمة للاستثمار وتسهيل استيراد المواد الخام اللازمة للصناعة، مشيراً إلى أنه يجري العمل على رفع القدرات التنافسية للتجارة، وحماية الصناعة والاستثمار وفقاً للتدابير المتوافق عليها دولياً. "القطاع الدوائي" قال د. علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية: "مصر والسعودية من أكبر الأسواق في الوطن العربي من ناحية القيمة وعدد الوحدات المتداولة للدواء"، مبيناً أن مصر تسعى إلى تطوير صناعة الدواء الوطنية، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من التعاون لتوطين عدد كبير من الأصناف الحيوية. وأوضح بندر الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، أن المملكة تخطط لأن تكون مركزاً إقليمياً لصناعة الدواء في المنطقة، وهناك تعاون كبير مع الجانب المصري، قائلاً: "تربطنا بمصر علاقات طيبة وسنتعاون بشكل كبير في الفترة المقبلة، سنواصل العمل لتسهيل دخول المنتجات الدوائية لمصر والعكس، مع توسع في زيادة الطاقات الإنتاجية".