لم تكتف المملكة بالتوسع في دعم تطوير تقنيات الذكاء الصناعي بشتى الأنشطة والقطاعات عبر مختلف المبادرات والبرامج لتعزيز الابتكار واستخدام الذكاء الصناعي في التطبيقات الحياتية، ولكنها قرنت ذلك بالتوسع في توطين الذكاء الاصطناعي من خلال تعريب المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وعملت على تكييفها مع اللغة العربية، وثقافة المجتمع السعودي ليتاح بيسر وسهولة فهم هذه التقنية الحديثة بشكل أفضل ولتتعمق المعرفة حولها كي يتعزز الاقتصاد الرقمي وتتحسن جودة الخدمات التي يتلقاها للمواطنين في مختلف القطاعات كالصحة والنقل والتعليم وإمكانية الوصول، وتزداد فرص العمل المتاحة في شتى المجالات مثل الهندسة البرمجية وعلوم البيانات وتطوير التطبيقات، ولم تغفل المملكة في ذلك التوجه ضمان ضوابط وأخلاقيات لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، حيث حرصت على تبنّي توصيات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي اعتمدتها «اليونسكو» في نوفمبر 2021 بمشاركة 193 دولة، وأقرت مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية في 2022م، وأنشئت المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE) في الرياض الذي منحته منظمة اليونسكو عام 2023 صفة مركز دولي من الفئة الثانية تحت رعايتها. دفع عجلة الابتكار ونظرًا لإدراك المملكة للتطورات الضخمة التي يشهدها مجال الذكاء الاصطناعي، وفهمها لدوره المنتظر في دفع عجلة الابتكار، وتحسين الإنتاجية، وتعزيز عملية صنع القرار، وتطوير الخبرات عبر مختلف القطاعات ، حرصت على مواكبة واستقطاب كل جديد وتوخت المبادرة ويظهر ذلك بوضوح في تبنيها لتنظيم القمة العالمية للذكاء الصناعي، والتي يتم عقدها كل عامين لتبادل الخبرات وعقد الشراكات بين الجهات والشركات الفاعلة في عالم البيانات والذكاء الاصطناعي على الصعيدين المحلي والدولي، من قبل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)، وقد شهدت النسخ التي عقدت العديد من الأمور الهامة كإطلاق ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي، وهو أول ميثاق يعزز التعاون الإسلامي في هذا المجال المتقدم،وتوقيع مذكرات تفاهم مع شركات عالمية، ومن أبرزها التوقيع مع شركة «IBM» لإنشاء مركزًا للتميز في الذكاء الاصطناعي، ومايكروسوفت لإنشاء مركز تميز في الذكاء الاصطناعي التوليدي، وإعلان مبادرة مليون سعودي في الذكاء الاصطناعي. تسخير تقنيات الذكاء ونظراً لتميز الجهود التي بذلتها المملكة في سبيل تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لخير البشرية وفي تحقيق أهداف التنمية المستدامة محليًا وعالميًا، وجدوى الإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي التي أطلقتها المملكة من أجل توحيد الجهود وإطلاق المبادرات الوطنية في البيانات والذكاء الاصطناعي وتحقيق الاستفادة المثلى منهما، حققت المملكة المركز ال14 عالمياً والأولى عربياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي المعتمد من منظمة الأممالمتحدة، ممثلة بالهيئة الاستشارية للذكاء الاصطناعي، وذلك من بين 83 دولة في العالم، وواصلت تصدرها للمركز الأول عالمياً في معيار الإستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي، وفقاً لنفس المؤشر، في خطوة تؤكد أن المملكة هي الدولة الأسرع تقدماً في العالم في الذكاء الاصطناعي وذلك بتقدمها 17 مرتبة ضمن المؤشر، كما حققت المملكة في هذا المؤشر المركز السابع عالمياً في معيار التجارة بالذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يؤكد التزام المملكة نحو العمل على تبني وتطوير مجال الذكاء الاصطناعي والاستثمار في تقنياته وبناء القدرات الوطنية في هذا المجال ويُصنف هذا المؤشر الذي أطلق عام 2019 م مشهد الذكاء الاصطناعي عبر سبعة مؤشرات رئيسة، وهي: الإستراتيجية الحكومية، والبيئة التشغيلية، والبنية التحتية، والأبحاث، والتطوير، والكفاءات، والتجارة، ويتفرع منها 122 معياراً تشارك فيه 83 دولة. ولو نظرنا للقطاع الصناعي السعودي كمثال من بين القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي تبنت التقنية عموما ومن ضمنها الذكاء الاصطناعي، تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي لوجدنا أن القطاع استفاد من حيث تخفيف التكاليف ورفع كفاءة الإنتاج وإدارة المستودعات والربط بين كافة الخدمات اللوجستية حسب ما تذكر البيانات والتقارير التي تصدر عن الجهات الإحصائية ومن طرف وزارة الصناعة والثروة المعدنية التي تصنف أكبر المستفيدين من الذكاء الاصطناعي، عبر استخدامها تلك التقنيات ضمن ثلاث مسارات والمسار الأول منها هو مشروع مصانع المستقبل الذي يهدف إلى تحويل أربعة آلاف مصنع لتبني كافة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والصناعة المتقدمة، أما المسار الثاني فيسعى لاستضافة أبرز التقنيات عبر حاضنات الأعمال، فيما يُعنى الثالث بمساعدة رواد الأعمال. مركز التميز للذكاء وقد أطلق وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف، ورئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي، مركز التميز للذكاء الاصطناعي في الصناعة والتعدين؛ الذي يرمي إلى تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة تحديات القطاع ودعم تحقيق الأهداف الإستراتيجية للإسهام في جعل المملكة قوة صناعية رائدة ومركزاً لوجستياً عالمياً من خلال البيانات والذكاء الاصطناعي، ويستهدف المركز منظومة الصناعة والتعدين والخبراء في المجال بهدف دعم تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في منظومة الصناعة، وبناء القدرات والكفاءات الوطنية المختصة بالبيانات والذكاء الاصطناعي في قطاع الصناعة، ويأتي نتاج مذكرة التفاهم التي وقعت بين وزارة الصناعة والثروة المعدنية وسدايا عام 2022م؛ بهدف دعم الجهود المبذولة لإدراج المملكة ضمن المؤشرات الدولية الخاصة بالبيانات والذكاء الاصطناعي ورفع تصنيفها، وتبادل الخبرات في هذا الشأن. ومن الأمثلة على البرامج والمبادرات الهادفة إلى تأهيل القوى العاملة للتكيف مع هذه التكنولوجيا والتقنية برنامج تكامل الذي تقدمه الأكاديمية الوطنية للصناعة، وهو برنامج يعمل على تمكين المحترفين في صناعة الأدوية في المملكة العربية السعودية للتفوق من خلال التدريب الشامل، وتعزيز الخبرة، والابتكار، والقيادة في قطاع صناعة الأدوية، كمنهج شامل يغطي 21 موضوع موزعة بين ثلاث دورات رئيسية. وأبرز الموضوعات الأساسية تشمل، الذكاء الاصطناعي وذكاء الأعمال، المهارات القيادية وإدارة الأداء، مهارات التواصل والعرض، كما يشمل البرنامج على تقديم دورات متخصصة في صناعة الأدوية تشمل: مقدمة عن الهندسة، جودة الأدوية (الضمان والتحكم، الإنتاج الصناعي، البحث والتطوير في قطاع الصناعة، الشؤون التنظيمية). إن علو كعب المملكة وتقدمها في التوسع في دعم تطوير تقنيات الذكاء الصناعي بشتى الأنشطة والقطاعات، ومنها القطاع الصناعي يظهر بوضوح في توقعات تقرير حالة الذكاء الاصطناعي الصادر عن «الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي» بأن يسهم الذكاء الاصطناعي بما نسبته 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول 2030، وأن ينمو القطاع بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 29 في المائة، كما أن التوقعات التي تشير إلى افتتاح السعودية لمصنع روبوتات بقيمة 150 مليون دولار، بالتعاون مع مجموعة سوفت بنك، إحدى كبرى مجموعات الاستثمار في مجال التقنية في العالم قبل نهاية العام الجاري تعكس الخطوات الكبيرة التي تمت في مجال الذكاء الإصطناعي.ووفقًا للموقع الإخباري «semafor»، الذي تطرق لتلك التوقعات أشار ماسيوشي سون، الرئيس التنفيذي لمجموعة سوفت بنك، إلى أنه من المقرر افتتاح المصنع في ديسمبر المقبل، وهو واثق بأن الذكاء الاصطناعي الفائق سيصبح واقعًا، مشيرًا إلى أن تحقيق ذلك سيتطلب استثمارات ضخمة بمئات المليارات من الدولارات.وقال سون: «نحن نعمل على تطوير الروبوتات بالتعاون مع شركة آلات، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، التي ستستثمر 100 مليار دولار في الشرائح والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الذكية بحلول عام 2030. والأمر لا يقتصر على الروبوت فحسب، بل يشمل أيضًا دمجه مع الذكاء الاصطناعي؛ ما يجعله أكثر ذكاء وفاعلية». الربوت جزء من عالم من الذكاء الاصطناعي صناعة الدواء سوف تتطور مع توظيف الذكاء الاصطناعي تسخير الذكاء الاصطناعي لتوطين الصناعات