"الحناء بالتعاون مع الأشقاء.. ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي" هكذا نشر الخبر الرائع سمو الأمير المتجدد بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود - حفظه الله - وزير الثقافة عبر حسابه الرسمي في منصة إكس، كما عبرت هيئة التراث بأن هذا الإنجاز هو تحقيق للرؤى والطموحات ضمن جهودها المتميزة في حفظ التراث وحماية عناصره، بل دونت الهيئة في منشورها أن هذا الإنجاز جاء بقيادة دولة الإمارات الشقيقة وبالتعاون المشترك بين هيئة التراث واللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم والوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى اليونسكو، وقد تم بفضل هذه الجهود إدراج العادات المرتبطة بنقوش الحناء على قائمة التراث غير المادي في اليونسكو، وقد حددت هيئة التراث ثلاثة معان ثقافية متعددة للحناء بتعريفها كتراث اجتماعي ورمز ثقافي وفن متوارث. ويقدر لمعالي الوزير موضوعيته في نشر الخبر ودقة هيئة التراث وهو أمر يدعو للاعتزاز صحفيا وإعلاميا قبل أن يكون إنجازا ثقافيا له قيمته الجميلة واللافتة. مقابل تناقل الخبر من قبل بعض وزارات الثقافة من دول مجاورة والتي للأسف جيرت الخبر وكأنه إنجاز خاص لدولة دون أخرى؛ وهذا ببساطة يجعلك تفهم جيدا من هم أهل الثقافة والحضارة اليوم ودائما وأبدا، نعم مهم أن نوثق هذه التعاملات الثقافية رفيعة المستوى والتي تليق بالفعل بمملكتنا وغير مستغرب عن معاليه وكلنا فخر. الحناء أو الحنة كانت رفيقة الجدات والأمهات، وطقوس تصاحب ليالي الأفراح بل تخصص لها ليلة في بعض مناطق المملكة ويتم الاحتفاء بها بشكل خاص كما كانت رفيقة ليالي الأعياد في الخمسين عاما الماضية، لذا فإنها بالفعل تراث اجتماعي يعزز الروابط الاجتماعية ويجتمع حولها الأمهات والبنات ويتشاركن القصص والحكايات، كما أنها رغم توقف الإقبال عليها في بعض الأجيال فإننا نشهد اليوم عودة قوية لاستعمال الحناء مع ارتفاع الوعي تجاه أضرار المواد الكيميائية وخطرها على المدى البعيد، بل ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي من وجهة نظري بعودة الفتيات لاستخدام الحناء والسدر الذي أرجو أيضا أن يتم توثيقه. وعندما تذهب للأسواق الشعبية تجد العديد من الأنواع من حناء المدينة وحناء ينبع ولعل الوزارة توصي الجهات المختصة بإعادة تنظيم قطاع الأعشاب الطبيعية التي يكثر بها التلاعب والتطفيف وأيضا التباين في الأسعار والنظافة. على أعين ينبع النخيل التي كانت تتجاوز الثلاث مئة عين واندثرت ولم يتبق منها سوى القليل التي يقوم أهلها بزراعة الحناء حولها وهي تعتبر من أجود الأنواع، وتحمل زهرة الحنة العطر في أوراقها وتستخدم مطحونة إما لتلوين الأيدي أو الشعر وتقويته، ومن خصائصها أنها لا تزهر إلا في الحرارة العالية ولديها قدرة على تحمل الجفاف كما تحب المسافات الشاسعة لذا هي بالفعل تشبه بيئتنا النباتية التي نحيا بها. نعم تراثنا يُحكى عالميا، ونحن جزء من هذا التراث محبة وتقديرا وتعايشا.. دام وطني مزدهرا.