أصبح الحد من هدر الأدوية في المملكة من أصعب التحديات التي تواجه القطاعات الصحية، في الوقت الذي تقدر فيه نسبة هدر الأدوية في العالم سنوياً 41%، نتيجة قلة وعي المريض وسوء الإدارة داخل بعض المستشفيات، وعدم وجود إحصاءات رسمية تصدر بشكل دوري في المملكة عن نسبة الهدر الدوائي، ومن المسؤول عنها؟ وتأثير ذلك اقتصادياً، وآليات مواجهة هذه المشكلة، فلابد من وجود خطة عمل مدروسة وقابلة للتحقيق على أرض الواقع، بعيداً عن النظريات والتنظير، مع ضرورة النظر في فواتير الاستيراد الدوائية كل يوم، ومعادلة ذلك مع ما يتم تصنيعه وتصديره سنوياً، في ظل وجود حوافز للقطاع الخاص لتعظيم توطين هذه الصناعة المهمة، التي تحقق الأمن الدوائي، وتزيد الثقة في مراكز البحث السعودية؛ لابتكار أدوية لأمراض كثيرة يتم استيرادها، مع وجود رؤية لتوطين صناعة 200 دواء في المملكة في السنوات القليلة القادمة. لو عدنا لمشكلة الهدر الدوائي، سنجد أن الإحصائية التي صدرت عن تلك المعضلة كانت سنة 2007م، التي حددت نسبة الهدر الدوائي في المملكة بنسبة 27%، وفقاً لدراسة أجراها مركز دراسات الدواء، كشفت أن نسبة الأدوية المهدرة في المملكة تصل إلى حوالي 18% من إجمالي مجموعة الأدوية التي تم صرفها من قبل المستشفيات الحكومية، فيما تصل إلى 9% من الأدوية المشتراة من الصيدليات الأهلية، تتجاوز قيمتها المليار ريال سعودي، وخلصت الدراسة إلى النسبة الأكبر من الأدوية هي ذات مصادر خارجية، وتؤثر بشكل كبير على الميزان التجاري وفقاً للدراسة، ولتصريح عبد الرحمن بن سلطان السلطان رئيس لجنة المكاتب العلمية لشركات الأدوية ومدير العلاقات الحكومية والعامة بإحدى شركات الصناعات الدوائية –في ذاك الوقت– مما يؤكد أن هناك دراسات تُعنى بهذا الأمر في سنوات سابقة، ذاكرة أن من أسباب الهدر الدوائي ضعف برامج شراء الأدوية في القطاعات الحكومية، ووصف الأدوية غير المبرر من الأطباء، ونقص المعلومات الدوائية التي من الضروري أن يقدمها الصيدلاني للمرضى مباشرة، وقلة وعي بعض المرضى، وتكدس الأدوية في مستودعات بعض القطاعات الحكومية، يفتقر بعضها للشروط الفنية، إضافة إلى ندرة الكوادر الفنية الوطنية المؤهلة في مجال إدارة مستودعات الأدوية وغيرها، ونقص برامج التوعية والتثقيف الدوائي الموجهة للجمهور، وكذلك ركود بعض أصناف الأدوية وتراجع الطلب عليها من قبل الأطباء، ومن ثم عدم استخدامها، فتصبح بالتالي نفايات يجب التخلص منها. ورغم ذلك يجب أن نشيد بحملة "دواء بلا هدر"، التي بدأت على خجل وتم إطلاقها مؤخراً وتستمر لأسابيع، بهدف رفع الوعي بأهمية التقليل من هدر الأدوية، وتعزيز الاستدامة الصحية، مع ضرورة أن نعرف من المسؤول عن هذه الحملة؟ وما الأهداف –من خلال الأرقام والبيانات الموثوقة– التي يعملون على تحقيقها؟ فجميعنا يعلم أن هناك هدراً بالمخازن، والمستشفيات الحكومية والخاصة، إضافة إلى الهدر الناتج عن عدم الاستخدام الأمثل للأدوية من قبل المواطنين والمقيمين، والسؤال الذي يطرح نفسه حتى نستطيع معاً مواجهة هذه التحديات: كم نسبة الهدر في السنوات الأخيرة؟ هل مازالت عند مستوى 27%، أم انخفضت أو زادت؟ وما الخطط التي تُستخدم لتقليل فاتورة الهدر الدوائي؟