بلدة معكال، التي تحوّلت إلى حي تاريخي وسط الرياض، تُعدّ واحدة من أقدم وأهم الأحياء التاريخية لمدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية. يقع الحي جنوب قصر الحكم في وسط الرياض، وقد لعب دورًا بارزًا في تاريخ «العارض»منذو قرون، تعود جذور معكال إلى العصور القديمة حسب الباحثين، وقد اشتهرت بموقعها الاستراتيجي قرب وادي حنيفة، مما جعلها مركزًا للاستيطان البشري والزراعة، تميزت معكال بالمباني الطينية التقليدية التي تعكس الطراز النجدي القديم، وبشوارعها الضيقة والمتعرجة التي تجسد طابع الحياة البسيطة في الماضي. كان معكال حيًا حيويًا وسط مدينة الرياض، يسكنه العديد من أسر أهل الرياض ومنفوحة وعدد من المحافظات الأخرى. اعتمد سكان الحي على الزراعة بفضل قربهم من مصادر المياه في وادي حنيفة. ورغم التحولات العمرانية، لا يزال الحي يحتفظ ببعض معالمه التراثية التي تشهد على حقبة زمنية عريقة، من أبرزها المباني الطينية والأزقة التاريخية التي تمثل الطراز العمراني النجدي التقليدي، قرب الحي من قصر الحكم جعله مركزًا مهمًا في التاريخ السياسي لمنطقة الرياض. واليوم، يُعتبر معكال جزءًا من التراث الثقافي للعاصمة، وتُبذل الجهود للحفاظ على ما تبقى من معالمه ضمن مشاريع الترميم التي تهدف إلى توثيق تاريخ الرياض وتراثها. أشار الأديب عبدالله بن محمد بن خميس - رحمه الله - في كتابه "معجم اليمامة" إلى أن معكال حي قديم وله شأن بارز. كما ذكر الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - أن تسميتي "مقرن" و"معكال" تعودان إلى شخصين ربما عاشا فيهما. ووصفها خالد بن أحمد السليمان - رحمه الله - بأنها بلدة عامرة منذ أكثر من سبعة قرون، وكانت تشكل مع مقرن الرياض القديمة. من أبرز المساجد القديمة في معكال أتذكر منها: مسجد الفويتية، مسجد الوليف، مسجد الشيخ عبدالرحمن بن فريان، ومسجد الشيخ عبدالله الفوزاني. كما اشتهر الحي في التسعينيات الهجرية بمدارسه، مثل مدرسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الابتدائية، ومدرسة الشيخ عبدالرحمن الفريان -رحمه الله- لتحفيظ القرآن الكريم، اشتهر الحي بوجود بساتين بين البيوت تُعرف باسم "حيالة"، والتي كانت تُستخدم للأعراس وملاعب الأطفال، مثل ملعب "الدبلي" الشهير في معكال الذي أسسه شاب يدعى ابن نفيسه لعب فيه عدد من نجوم كرة القدم القدامى، وكان يقع في وسط الحي يُسمى "حيالة ابن كنعان". تميز الحي أيضًا بمخابزه التقليدية التي تقدم خبز العادي ويسمى "الطابوني" ولا أعرف معنى هذا الاسم، وفي منتصف التسعينيات الهجرية افتُتح مخبز للصامولي والشريك، مما أثار فرح السكان حيث لم يكن الصامولي متوفرا بكثرة عدا مخبز القباني في شارع الوزير وكذلك مخبز الحديث في شارع عسير، انتشرت في الحي البقالات الصغيرة، وبعض الأسر كانت تدير بسطات لبيع المنتجات المنزلية. كان هناك أيضًا باعة متجولون يبيعون الملابس النسائية والأطفال، ويُعرفون باسم "فرقنا"، إضافة إلى عربات بيع الكيروسين "القاز" وباعة الحلوى المثلجة (الآيسكريم)، في التسعينات الهجرية سكن الحي أسر كريمة حينما كنا من سكان معكال أتذكر منهم: الفريان، آل الشيخ، الحسين، النوح، ابن سلمه، الكنعان، المطويع، السحيم، المضحي، السعدون، النشوان، أبو حيمد، القضيبي، السويلم، البوهلال، الصقيهي، العويس، البياهي، العسكر، النفيسة، الفايز، الدرسوني، الغنيم، الملفي، الجريوي، العصفور، الفارس، الجنوبي، القسومي، القاسم، الحميد، العزمان، المعثم، المنقور، الزنان، الشريمي، القصير، السعيد، الحمداني، المحمود، المنيف، الشويعر، العشيوان، البريكان، الشريهي، الطليحي، ابن سليم، الصنعاوي، السعيدي، والجمهور. وغيرهم من الأسر الكريمة التي لاتحضرني. معكال، أو "معتسال"، ليست مجرد جزء من النسيج العمراني لمدينة الرياض، بل هي شاهد حي على التاريخ والثقافة والهوية الأصيلة. تسعى الجهود المستمرة من الجهات المعنية مشكورة إلى توثيق تاريخ هذا الحي العريق وتراثه وقد كتب عنه عدد من الباحثين مشكورين، ليظل رمزًا من رموز حضارة العاصمة وأصالتها. جانب من أزقة حي معكال عبدالعزيز بن سليمان الحسين *