قديمًا، كان الرد الساخر على أي معلومة جديدة أو مميزة: "جايبها من غوغل!"، في إشارة إلى عدم موثوقية المصدر أو سطحية المعلومة، أو التشكيك بصاحبها، واليوم، مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي، يتكرر المشهد ذاته، حيث يواجه مستخدموها نفس الموجة من النقد، في حالة تعكس مقاومة البعض لكل ما هو جديد وأزمتهم المتكررة مع التكيف. بالطبع، هذه السخرية لم توقف "الشيخ غوغل" عن أن يصبح المرجع الأبرز للمعلومات، ولن توقف أدوات الذكاء الاصطناعي عن التقدم نحو اختصار الوقت والجهد، تمامًا كما لم يعد أحد هذه الأيام يحفظ أرقام هواتف أقاربه لأن الهواتف الذكية باتت تؤدي هذه المهمة، سيصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من أدواتنا اليومية، وستصبح -أو ربما أصبحت- الكثير من العمليات والوظائف غير مبررة في ظل وجود أدوات الذكاء الاصطناعي. رفض التقنيات الجديدة ليس ظاهرة حديثة، بل هو امتداد لسلوك بشري قديم. تاريخيًا، واجهت العديد من الابتكارات مقاومة في بداياتها، ومع ذلك، سرعان ما تحولت هذه الابتكارات إلى مسلمات لا غنى عنها في حياتنا اليومية. واليوم مرة أخرى نواجه محاولات متكررة لتعطيل الاستفادة من هذه التقنيات، ولو عدنا بالزمن إلى بدايات Google، لوجدنا أن فتح المجال لاستخدام أدواته كان سيتيح فرصًا أوسع لإنتاج أعداد أكبر من المحترفين في مجالات التحليل والبحث الرقمي. الفرق الحقيقي اليوم هو بين المستخدم العادي والمستخدم المحترف للتقنيات، فأدوات مثل ChatGPT تقدم قيمة مضاعفة لمن يملك المهارة في توظيفها بذكاء في مجاله، سواء في الكتابة، أو تحليل البيانات، أو تحسين العمليات، والمحترفون الذين يتقنون استغلال هذه الأدوات سيحجزون لأنفسهم مكانًا متقدمًا في المستقبل، بينما يبقى الرافضون أسرى نمط تقليدي يعطل تطورهم ويضيّع جهدهم ووقتهم. نحن بحاجة إلى استيعاب الدرس من تجربتنا مع "الشيخ غوغل"؛ فالاستفادة من التقنية ليست ترفًا، بل ضرورة لتسريع عجلة التطور، فأدوات الذكاء الاصطناعي تفتح آفاقًا واسعة لمن يحسن استخدامها، وتجعل الوصول إلى الاحترافية متاحًا للجميع، لا حكرًا على فئة محددة. واجبنا أن ندرك أن أدوات الذكاء الاصطناعي ليست مجرد تقنية عابرة، بل هي "آلة مسرعة" للإنجاز والإبداع، وأن المستقبل ينتظر من يتقن هذه الأدوات، وليس من ينتقدها.