قرأت الأسبوع الماضي خبرين: الأول -رغم إيجابيته فإنه لا يسر-، مفاده أن الصين ستتوقف عن كونها المحرك الأكبر لنمو الطلب العالمي على النفط. ويعود السبب إلى تحول السكان هناك إلى السيارات الكهربائية، وهذا خبر يطير له فرحاً أنصار البيئة والمناخ، إلا أنه بالنسبة لنا كبلد منتج للنفط، ليس كذلك، وخاصة في فصل الصيف، الذي لا يحتاج الناس فيه في الصين وأوروبا وأميركا الشمالية وبقية البلدان الباردة للتدفئة. ولكن الطلاب في هذه البلدان يعوضون عن نقص الطلب على النفط في ذلك الفصل باستخدامهم لسياراتهم خلال العطل الصيفية من أجل السياحة والسفر داخل وخارج بلدانهم. ولذلك يعتبر فصل الصيف من الفترات التي يرتفع فيها الطلب على النفط، وعلى هذا الأساس، فإن استخدام السيارات الكهربائية، من شأنه تقليل الطلب على النفط خلال تلك العطلات -وهذا أمر لا نرغب فيه وخاصة في الصين التي تستهلك 41 % من إجمالي الاستهلاك العالمي للنفط- وبالمناسبة، فإن افتتاح مترو الرياض هو الآخر من شأنه تقليل الاستهلاك والطلب على النفط في الداخل. ولكن هذه التطورات خفف من وطأتها، بيان وزارة الصناعة والثروة المعدنية الصادر يوم الأربعاء الماضي، بخصوص الكنوز الموجودة في منطقة حائل، والتي تتجاوز قيمتها التقديرية 72.3 مليار ريال. فمنطقة حائل غنية بالخامات المعدنية النوعية، فهي مكمن للمعادن النفيسة التي تشمل الذهب والفضة والنحاس والزنك والرصاص، بالإضافة إلى البوكسايت الذي تقدَّر قيمة ب50.5 مليار ريال، في حين تقارب قيمة الذهب 14 مليار ريال، والزنك 3.5 مليارات ريال، والنحاس 2.9 مليار ريال، والفضة مليار ريال. وحائل ليست هي المنطقة الوحيدة الغنية بالمعادن في بلدنا، فأنا أتذكر خلال مروري بالسيارة في المنطقة الجنوبية في تسعينات القرن الماضي، منظر أشعة الشمس المنعكسة من قمم الجبال، وكما لو أنها مرآة، مما يعني إن الجبال هناك ليست رسوبية، وإنما فلزية غنية بالمعادن. فأراضي المملكة غنية بالمعادن، التي تنتشر في أكثر من 5,300 موقع، وتقدر قيمتها بنحو خمسة تريليونات ريال، بما في ذلك المعادن الأكثر وفرة مثل تلك الموجودة في منطقة حائل. فبلدنا، لديه -ولله الحمد- الكثير من الخيرات والثروات المعدنية التي تعوضه عن أي انخفاض قد يطرأ على النفط. فهذه الثروات سوف تشكل خلال الفترة القادمة رافدا لا يستهان به للميزانية غير النفط. ورغم ذلك، فإن الأساس الذي سوف نعتمد عليه هو رؤية المملكة 2030، التي وضعت على قائمة أولوياتها: إعادة هيكلة الاقتصاد وتقليل الاعتماد ليس فقط على النفط، وإنما أيضاً بقية الثروات الناضبة. ولذا، فإن انخفاض استهلاك النفط والطلب عليه في العالم، سوف يحدث في الوقت الذي تكون فيه المداخيل غير النفطية في بلدنا قد أصبحت كافية للتعويض عنها، بل وتزيد عليها بكثير.