كثيراً ما نسمع مقولة: "الهدوء الذي يسبق العاصفة"، والمقصد أننا قد نعيش لحظات يغيب عنها ما يُعكّر أمزجتنا، لكن وفي غمضة عين نجد أنفسنا وقد وقعنا بما هو عكس ذلك، فنسقط، ونتأثر، وقد لا نستطيع النهوض، غير مصدقين ما يحدث، فقد كنّا في هدوء تام، فجاءت الرياح لتبعثر كل ما هو جميل في حياتنا. وعلى الرغم أن هناك من يتجاوز مشاكله، مُتعلماً منها الدروس والعِبر، منطلقاً في تحقيق أهدافه بكل ثقة، إلاّ أنه يبرز سؤال يُخالف ما ذكرناه في الأعلى، فهل من الممكن أن نقول: "العاصفة التي تسبق الهدوء"؟، نعم، فأحياناً نحتاج إلى (عاصفة قوية) تنفض كل ما هو مُحبط في دواخلنا، وكل ما هو مؤلم، بل وكل ما يقتل الطموح والأمل، ليأتي بعدها الفَرَج والعيش بسلام، ودون خوف أو قلق. حدثني أحد كبار السن قائلاً: "لا تعتقد أن حياتك تسير على تتمنى دائماً، ولا تنتظر أن تبتسم لك الحياة في كل الأوقات، فلا بد أن يأتي يوم تتلخبط فيه أوراقك، ومن الممكن أن تمر بمطبات مُرعبة، ومخيفة، لكنه حتماً ستتعدى ذلك إلى ما هو مُفيد لك كخبرة وتعامل مع الظروف القاسية". إن الشخص الإيجابي يرى أن كل مشكلة، أو كل لحظة حزن، أو كل قصة خذلان، هي "دورة تدريبية" للتعوّد على تقلبات الحياة المزعجة، متفائلاً بأن القادم أجمل، وأن الدروس لا تأتي بالسهل الممتنع، فكل موقف صعب لا بد أن يكون له فائدة، وقد تروي مستقبلاً لأبنائك، أو أحفادك بطولاتك في تعاملك مع العاصفة التي هزّت أركانك. كُن شامخاً، صامداً في وجه أي عاصفة، وقد تشكر الله عليها، فقد كانت سبباً في تبديل أوضاعك إلى الأفضل، والأحسن، فلولاها لما أصبحت بهذا الهدوء والتفكير المنطقي، ولما زادت خبرتك وقدراتك، ولما انتعش الأمل لديك، وتذكّر دائماً أن "العواصف لا تهز الأقوياء". منيف العتيبي