"كم مطباً أكلت في حياتك؟". سؤال تدحرج في جلسة رمضانية تجمع ثلة من الشبان."كثييييير"كانت الإجابة الأقرب إلى ألسن المجموعة، غير أن هناك من تلقى هذا السؤال بالكثير من الاستهجان والسخرية، على اعتبار أن المطب لا يستحق حتى أن تخصص له وقتاً للسؤال والنقاش. هناك من بالغ في الجدية، ليصرخ:"حياتنا كلها مطبات"، فيما اعتلى صوت أحد المحبطين، منهياً الجدل الدائر، بقوله:"الحياة في حد ذاتها مطب كبير". يبدو من خلال ما سبق، أن مجرد استخدام كلمة"مطب"في الحوارات والأحاديث العامة، يرسل إلى الذهن إشارة بمعنى السقوط أو التوقف، بغض النظر عن نوع"المطب"الذي يدور حوله النقاش، حتى أن فعل"الأكل"المصاحب للسؤال، يوحي بأن"المطب"شيء ملزم، لا مناص من الوقوع فيه، وهو في ذلك أشبه ب"المقلب"، يتعارف على أكله لا أخذه. ولكن مع إمعان النظر قليلاً، تظهر حقيقة تؤكد أن أي إنسان يسلك طريقاً، يحتاج إلى"المطب"أكثر من حاجته للطريق نفسه. ف?"المطب"يجبرك على الهدوء، ويمنحك وقتاً أكثر للتفكير والتأمل، وربما يجعل من انطلاقتك الجديدة بداية غير كل البدايات. وبالعودة إلى المفردة نفسها، يأتي مصطلح"مطب"، للتعبير عن وصلة أو قطعة، تعترض الطريق وتكون سبباً في التهدئة وأحياناً التوقف. وفي معجم"مختار الصحاح"، لا وجود لكلمة"مطب"، في اللغة، بيد أن الكلمة تستخدم على نطاق واسع لدى شريحة كبيرة من العرب، فيقال"فلان طب"، أي نزل من الأعلى إلى الأسفل، فتكون أقرب في معناها العام إلى"السقوط". ويتعارف الناس على وجود ما يسمى ب?"المطب الاصطناعي"، وهو المطب المصنوع بأيدٍ بشرية، والذي نعرفه جيداً ونتعامل معه يومياً في الشوارع والطرقات المسفلتة، ويوضع في مكانه لحكمة، وقد لا تخرج هذه الحكمة عن كونها محاولة لتخفيف سرعة السيارات العابرة. وعادة ما يصنع هذا المطب من مادة الأسفلت التي تفرش بها طرقات السيارات، وفي بعض الأحيان من معدن الحديد، وهذا النوع من المطبات مخصص لفئة vip، وهناك نوع آخر يصنع من الأسمنت، وهو المطب الذي يوضع بجهد ذاتي، كأن يضعه أحدهم أمام بيته بقرار شخصي! وبما أن هناك مطباً"اصطناعياً"، فلا بد من أن يكون هناك مطب"طبيعي". ومن خلال تقصي بعض الحقائق، يمكن القول إن المطب الطبيعي، هو نوع من الحفريات التي تقع على الطرق البرية، وهي ما يعبر عنه بعض مستخدمي الطرق البرية من أبناء البادية، ب?"البطناج"، غير أن هذا المصطلح قديم ولم يعد دارجاً. وفي إعلان تجاري قديم، يتداول على"الإنترنت"، عن سيارة دفع رباعي، من موديلات الستينات، جاءت في الإعلان هذه الجملة:"أناقة متناهية وشكل داخلي وخارجي في منتهى الروعة، ولا يحس راكبه ولا سائقه ببطناج ولا بمطبات". وبين المطبين الاصطناعي والطبيعي، المخصصين للسيارات، يظل"المطب الحياتي"إن صح التعبير هو الأصعب. وهذا النوع هو الذي ألمح إليه الشبان المتحاورون حول المطبات أعلاه. وفي هذا المقام، تستخدم كلمة"مطب"للتعبير مجازاً عن المشكلات التي يتعثر بها كثير من الأفراد في حياتهم اليومية على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو حتى النفسي. وبما أن المشكلات تعتبر في حد ذاتها"مطباً"، فلا بد من وجود طريقة للعبور، لأن"المطب"بمفهومه الواسع هو مجرد عائق لا أكثر، أي أنه لا يلزم بالتوقف، بل لولاه لما أجهد أحد نفسه في التفكير من أجل الاستمرار على الطريق والوصول إلى الهدف، فطوبى للمطبات.