لقد قضيت أسبوعًا رائعًا في الرياض، المدينة التي أعود إليها بعد أعوام طويلة من تقاعدي من عملي الذي بلغ 35 عاماً في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون. كانت زيارتي متزامنة مع مهرجان نور الرياض، وهو حدث مذهل أضاء المدينة بأضواء ساحرة جعلتها أشبه بسمفونية ضوئية تتصاعد وتهبط بوتيرة إبداعية مثيرة. ما أضفى على الرياض مزيدًا من التألق هو الأضواء التي انطلقت في كل مكان خلال المهرجان، مما جعل المدينة تبدو وكأنها تروي حكاية سحرية من خلال ألوانها المتنوعة وأشكالها المتغيرة. كانت هذه الأضواء لا تقتصر على الإبهار البصري فقط، بل كانت تحكي قصصًا وتبعث برسائل فنية عميقة. حضرت افتتاح فعالية نور الرياض وأدهشتني بروعتها وجمالها. كان هناك العديد من الأعمال الفنية المضيئة التي تجسد الإبداع والابتكار في الفنون العصرية. أكثر ما أعجبني هو التناسق بين الأضواء والاعمال الفنية، مما خلق تجربة حسية مميزة وفريدة للمشاهدين. الأعمال الفنية كانت متنوعة، وكل قطعة كانت تعبر عن فكرة معينة بطريقتها الخاصة، مما أضاف عمقًا إلى التجربة البصرية. في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة طفرة في مجال الفنون العصرية وأصبحت الرياض وغيرها من المدن السعودية مراكز للفنون الحديثة، حيث تنظم العديد من المعارض والفعاليات التي تستقطب الفنانين المحليين والدوليين وهذا الحراك يعكس التطور الثقافي والفني في المجتمع السعودي، ويساهم في تعزيز مكانة المملكة على الساحة الفنية العالمية. أتوقع أن يزداد اهتمام المجتمعات بالإبداع الفني في المستقبل. مع تزايد الدعم الحكومي للفنون والثقافة، وتزايد الوعي بأهمية الفنون في حياة الناس، ستصبح الفنون جزءًا أساسيًا من نسيج المجتمع. كما أن الجيل الجديد أكثر انفتاحًا وتقديرًا للفنون، مما ينبئ بمستقبل مشرق للإبداع الفني في المملكة. تزايد عدد ناطحات السحاب في الرياض بشكل لافت، مما أعطى المدينة مظهرًا عصريًا متطورًا. هذه المباني الشاهقة لم تكن فقط شاهدة على التطور الهندسي، بل كانت أيضًا لوحات فنية في حد ذاتها، تتلألأ تحت أضواء المهرجان، مما زاد من جمال المدينة وروعتها. لقد تركت هذه الأضواء تأثيرًا كبيرًا على الفنانين التشكيليين الذين استلهموا منها أفكارًا جديدة لرسم لوحاتهم بإبداع. كان المهرجان بمثابة منصة تفاعلية للفنانين لعرض أعمالهم التي تتناغم مع الأضواء، مما خلق تجربة فنية فريدة من نوعها. لقد استثمرت زيارتي للقاء عديد من الزملاء، وبخاصة الأكاديميين والمهنيين في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، وقد سرني أن أكون ضيفاً في ديوانية البروفيسور مطلق المطيري، إنها ديوانية نخبوية بأطروحاتها الإعلامية العميقة. ولأني من عشاق الكوفي شوب فإني حرصت على الجلسات الصباحية مع تباشير الشتاء في عديد من تلك المحلات التي يكون فيها "مشراقة" تجعلك تستمع بالجلوس لحظات السحر حتى منتصف الضحى. وقد لفت نظري إعلانات الطريق عن إقامة معرض القهوة والشوكولاته خلال الفترة في شهر ديسمبر وقد استعضت عن حضور المعرض الذي سيقام بعد عودتي للبحرين بأن قمت بزيارة العديد من محلات الشيكولاتة الكبرى المتخصصة في انحاء الرياض، وطبعاً حاولت وأنا في طوفان الزيارة ألا أتناول كثيراً من المحليات ذات السعرات الحرارية العالية، لكني ابالغ في القول إذا أشرت إلى أني نجحت في التصدي لرغبتي في التهام الحلو بأنواعه. بل أن بعض ذلك الحلو ذكرني بمساءات جميلة كنت أستمتع بالمهياوة فيها والمكبوس في ديوانية السفارة البحرينية في الرياض. في الختام، كانت زيارتي المتجددة للرياض تجربة لا تُنسى، حيث جمعت بين الحداثة والتراث والفن في تناغم بديع. إن مهرجان نور الرياض ليس مجرد حدث سنوي، بل هو احتفال بالابتكار والإبداع الذي يعكس روح المدينة وتطورها المستمر. *إعلامي من مملكة البحرين عضو جمعية الصحفيين البحرينية