رغم الإنجازات الوطنية المتواصلة ومسيرة التنمية الشاملة التي تقودها المملكة بكفاءة عالية وتخطيط نموذجي، تهدف للوصول إلى أرقى درجات التنمية، تبرز الكوادر البشرية - خاصة الشباب الذين يمثلون الشريحة الأكبر من السكان - في صدارة الاهتمامات، وهذا الوضع يتطلب خططًا متطورة تواكب تسارع العصر، وتستوعب التحديات المستقبلية، خصوصًا مع الزيادات السنوية في أعداد الخريجين من الجامعات والمعاهد والمدارس، بالإضافة إلى الشرائح الأخرى من المواطنين. خطان متوازيان تسير المملكة بخطين متوازيين؛ الأول عام يهدف إلى تحقيق طفرة تنموية هائلة تُسمع أصداؤها في جميع أركان الاقتصاد الوطني، والثاني خاص جداً يركز على استيعاب الشباب السعودي في العملية الإنتاجية والصناعية، الهدف ليس فقط خفض معدلات البطالة، بل استباق الزيادة المتوقعة في مخرجات التعليم عبر التخطيط الفعال. فقد حققت المملكة، في إطار مستهدفات رؤية 2030، انخفاضاً ملموساً في معدل البطالة، حيث بلغت 7.1 % في الربع الثاني من عام 2024 مقارنة ب7.6 % في الربع الأول. وتقترب هذه النسبة من المستهدف الرئيس وهو 7 %. كما أظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء انخفاضاً في معدل البطالة الإجمالي (للسعوديين وغير السعوديين) إلى 3.3 % في الربع الثاني من 2024، مقارنة ب3.5 % في الربع الأول. تحديات عصرية تقنية وتشابهت ظروف دول مجلس التعاون الخليجي في القضايا التي تواجه الشباب، خصوصاً التوظيف وفرص العمل. وأشار الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الأستاذ جاسم محمد البديوي، إلى أن الشباب يواجه تحديات كبيرة في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، إلى جانب تأثير الذكاء الاصطناعي. جاء ذلك خلال ورشة عمل بعنوان "مبادرات عالمية داعمة للشباب: فرص وتحديات"، ضمن فعاليات "الشبكة العالمية الداعمة لتنافسية الشباب - شبكة الأمل"، التي عُقدت في المنامة بمملكة البحرين يوم 5 نوفمبر 2024. ناقشت الورشة مبادرات دول الخليج في تمكين الشباب ليكونوا عناصر فاعلة في مجتمعاتهم وقادرين على مواجهة التحديات، مما ينعكس إيجاباً على تطور بلدانهم. وقد أجمع خبراء على أن التحديات الاجتماعية والتعليمية تُعد حجر عثرة أمام توفير فرص العمل، إضافة إلى تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، وأكدوا أن التقنيات الحديثة تفرض على الشباب ضرورة تطوير مهاراتهم باستمرار للتكيف مع بيئة عمل ديناميكية. جهود المملكة من جانبه، عمل صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) على ضخ حوالي 8.7 مليارات ريال خلال عام 2023 لدعم التدريب والإرشاد والتمكين، بهدف رفع مشاركة السعوديين في سوق العمل وتعزيز التوظيف. وقد استفاد من هذه المبادرات حوالي 1.9 مليون مواطن ومواطنة، كما دعمت نحو 120 ألف منشأة في القطاعات الحيوية المختلفة. وتعمل الحكومة على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإطلاق قرارات توطين مستدامة، بما يسهم في رفع معدلات التوظيف وتحقيق مستهدفات رؤية 2030. بالإضافة إلى ذلك، يساهم برنامج "المحفزات الوظيفية للقطاع غير الربحي" في توليد آلاف الوظائف النوعية الجاذبة للشباب، مما يعزز بيئة العمل ويحفز الكفاءات الوطنية. مؤسسة "مسك" لا يمكن تجاهل دور القطاعات غير الربحية في التنمية، حيث قدمت مؤسسة "مسك" برامج متعددة للتعليم وريادة الأعمال. تُركز هذه البرامج على تمكين الشباب وتنمية مهاراتهم الإبداعية، مع دعم العلوم والتقنية لبناء مجتمع قائم على المعرفة. إن هذه الجهود المتكاملة تمثل استثماراً حقيقياً في رأس المال البشري، وتسعى المملكة لتحقيق إنجازات نوعية تعزز مكانتها في مصاف الدول المتقدمة. سعودة الوظائف القيادية بوابة النجاح لمشروعات التوطين المنتظرة فرص العمل التجاري تزيد مع سن قوانين تخدم استدامته جهود كبيرة من الدولة لسعودة الوظائف