تمثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة حوالي 99 % من إجمالي المنشآت في مختلف دول العالم ومنها المملكة العربية السعودية، مما يعكس دورها الحيوي في الاقتصاد الوطني. وتسعى المملكة، ضمن رؤية 2030، إلى رفع مساهمة هذه المنشآت في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 % بحلول عام 2030، مقارنةً بنسبة 21 % في الوقت الحالي. نحن في المملكة نلمس نقلة نوعية في مجال دعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة، سواء على مستوى رسم السياسات والتشريعات والأنظمة التي تشجع التوسع في هذا المجال، أو تقديم برامج الدعم المالي واللوجستي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومن ذلك نشهد اليوم تنظيم ملتقى بيبان 24 الذي يُعد أحد أهم الفعاليات الاقتصادية لتمكين رواد الأعمال. وفي هذا الإطار، تبرز أهمية حاضنات الأعمال في مؤسسات التعليم العالي كأحد المحاور الرئيسة التي تسهم في إعداد الجيل الجديد من رواد الأعمال السعودي، وتجهيزهم بمهارات الابتكار والإبداع لدخول سوق العمل والمساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030. حيث تُعد حاضنات الأعمال في مؤسسات التعليم العالي بيئة عملية للشباب تمكنهم من تطبيق المعرفة النظرية التي تلقوها، وتطوير مشاريعهم الريادية تحت إشراف مختصين، مما يساهم في بناء مهارات عملية واقعية، وتُعتبر حاضنات الأعمال منصات للإبداع، حيث تعمل على تشجيع الطلاب على تطوير أفكار جديدة وحلول مبتكرة لمشكلات سوق العمل. هذا يساهم في خلق فرص جديدة للتوظيف والمشاريع التجارية. كذلك توفر حاضنات الأعمال في المؤسسات التعليمية مصادر تمويلية وتقنية لمساعدة الطلاب على تحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية الأساسية من مساحات عمل وتجهيزات حديثة، وتتضمن الحاضنات برامج إرشادية وتوجيهية تساعد الطلاب على تطوير خطط أعمال متكاملة، وتوجيههم نحو أفضل الممارسات في إدارة الأعمال واتخاذ القرارات الاستراتيجية. كما تتماشى أهداف حاضنات الأعمال مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في دعم الاقتصاد غير النفطي، وتنمية قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. حيث تساعد هذه الحاضنات على إعداد رواد أعمال يمتلكون القدرة على المنافسة محلياً وعالمياً، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتنويع مصادر الدخل. ختامًا يظل دور حاضنات الأعمال في الجامعات محورياً في مسيرة التحول الاقتصادي للمملكة، إذ إن إعداد رواد أعمال قادرين على مواجهة تحديات السوق هو استثمار طويل الأمد في مستقبل المملكة. ومن خلال دعم وتشجيع الشباب السعودي الطموح، تتجه المملكة بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤيتها الطموحة لعصر اقتصادي جديد يعتمد على الابتكار وريادة الأعمال، وفي ظل تطور أعداد خريجي مؤسسات التعليم العالي في السنوات الأخيرة، ومحدودية فرص العمل في المؤسسات الكبيرة بالقطاعين العام والخاص، يأتي التساؤل عن ما مدى مواكبة مؤسسات التعليم العالي في المملكة لتفعيل برامج حاضنات ومسرعات الأعمال؟ وماذا عن حجم ونوعية الشراكة بين الجامعات والشركات الكبرى بالقطاع الخاص للاستثمار في هذا التوجه وتحقيق المنافع المتبادلة؟، وفق إمكانات ومكتسبات كل منهما، لكي نشهد توجه تلك المخرجات نحو سوق العمل كرواد أعمال مؤهلين، وبما يتناسب ودعم الدولة لهذه القطاعات الاستراتيجية وأهميتها في تحقيق الاستدامة. * خبير المسؤولية الاجتماعية والاستدامة