نشهد في عصرنا الحاضر.. السباق مع الزمن من قبل المنظمات المختلفة.. لاستثمار المزيد من الابتكارات والتطور التقني بما يسهم في اختصار الجهد والوقت لتقديم الخدمة أو المنتج للعملاء بجودة عالية.. ونجد أن معايير التقدم للدول.. تتجه حول تقييس مدى تطبيقها لبرامج التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.. ومدى انعكاس ذلك على تحقيق الرفاهية وجودة الحياة لمواطنيها.. وهو أحد مرتكزات رؤية المملكة2030 . مما لا شك فيه أن تعامل الأفراد في أي مجتمع مع هذه التقنيات الحديثة ومتطلباتها والاستفادة منها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.. يتطلب توفر قدر لا بأس به من الوعي الفكري حيث يُعد أحد المفاهيم الأساسية التي تعكس قدرة الفرد على فهم الواقع المحيط به وتحليل المعلومات وتكوين الأفكار والآراء بشكل مستقل وموضوعي.. وبما يسهم في الاستفادة القصوى من تلك التقنيات بأقل ضرر قد ينشأ عنها بدون إدراك لمخاطر استخدامها.. ويتطلب الوعي الفكري تطوير مهارات التفكير النقدي، والقدرة على التمييز بين الحقائق والآراء، والقدرة على التفاعل مع المعلومات بطرق عقلانية ومنطقية. وتأتي أهمية الوعي الفكري في توفر عدد من العوامل من أهمها ما يلي: 1. التحرر من التبعية: حيث يساعد الوعي الفكري الفرد على التحرر من التبعية للأفكار المسبقة والمعتقدات التقليدية غير المبنية على أسس علمية أو منطقية. يتمكن الأفراد الواعون فكرياً من اتخاذ قراراتهم بناءً على تحليل متأني للمعلومات المتاحة بدلاً من الاعتماد على ما يُملى عليهم. 2. التعامل مع المعلومات: في عصر المعلومات، يتعرض الأفراد إلى كم هائل من المعلومات المتنوعة والمصادر المختلفة. يحتاج الفرد إلى مهارات تحليل المعلومات لتجنب الوقوع في فخ الشائعات أو المعلومات المضللة. 3. التفكير النقدي: يُعتبر التفكير النقدي أحد مكونات الوعي الفكري، حيث يتمكن الأفراد من طرح الأسئلة المناسبة وتقييم الحجج والبراهين بشكل موضوعي. يعزز التفكير النقدي القدرة على حل المشكلات بطرق مبتكرة وفعالة. 4. تعزيز الإبداع: يمكن للوعي الفكري أن يعزز من إبداع الفرد، حيث يمكنه التفكير خارج الصندوق وتجربة أفكار وأساليب جديدة في مواجهة التحديات. ولكي يتحقق ما سبق سرده من أهمية للوعي الفكري.. فإن ذلك يتطلب تحقق وسائل لتطويره من أبرزها: 1. التعليم الجيد: يُعتبر التعليم أحد العوامل الأساسية في تطوير الوعي الفكري. من خلال توفير بيئة تعليمية تشجع على النقاش والحوار والتفكير النقدي، يمكن للمتعلمين تنمية قدراتهم الفكرية. 2. القراءة الواسعة: تساعد القراءة في تنويع مصادر المعرفة واكتساب رؤية شاملة عن العالم. يجب على الفرد قراءة الكتب والمقالات في مجالات متنوعة لفهم مختلف وجهات النظر. 3. النقاش والحوار: يُعتبر النقاش مع الآخرين وسيلة فعالة لتبادل الأفكار والتعلم من تجارب الآخرين. يمكن للنقاش أن يساعد في توسيع آفاق الفرد وتطوير مهاراته في عرض الأفكار وتقديم الحجج. 4. التفكير المستقل: ينبغي تشجيع الأفراد على التفكير بشكل مستقل وتطوير وجهات نظرهم الخاصة بناءً على تحليل المعلومات المتاحة، بدلاً من الاعتماد على الآخرين في تكوين آرائهم. 5.تعزيز الهوية الوطنية: تعزيز الهوية الوطنية يلعب دوراً محورياً في تنمية الوعي الفكري للأفراد والمجتمع. من خلال تعزيز الشعور بالانتماء والفخر بالوطن، وتعمق المعرفة بالتاريخ والثقافة الوطنية، يمكن تحقيق تفكير نقدي ومستقل، وتماسك اجتماعي، وتحفيز على الابتكار والإبداع. ومما لا شك فيه بأنه يواجه الأفراد تحديات متعددة في طريق تطوير وعيهم الفكري، منها: 1. التأثير الإعلامي: يمكن أن تكون وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.. مصدرًا للمعلومات المضللة أو المنحازة، مما يجعل من الصعب على الأفراد التمييز بين الحقيقة والرأي. 2. الضغوط الاجتماعية: قد يواجه الأفراد ضغوطًا اجتماعية تدفعهم إلى تبني أفكار معينة دون تحليل أو تفكير نقدي، خاصة في المجتمعات التقليدية. 3. التعليم التقليدي: في بعض الأحيان، يمكن أن يعيق النظام التعليمي التقليدي الذي يركز على التلقين بدلاً من التشجيع على التفكير النقدي تنمية الوعي الفكري لدى الأفراد. 4. غياب الشفافية والأخلاق: غياب الشفافية والأخلاق يشكل عقبة كبيرة أمام الوعي الفكري، مما يؤثر على قدرة الأفراد على التفكير النقدي وتحليل المعلومات بشكل موضوعي. مما يعيق التنمية الفكرية والاجتماعية. في الختام، يُعتبر الوعي الفكري أداة قوية تمكن الفرد من التعامل مع تعقيدات العالم الحديث بفعالية وثقة. من خلال تطوير مهارات التفكير النقدي والتحليلي، يمكن للأفراد تحقيق فهم أعمق للواقع واتخاذ قرارات أكثر حكمة واستنارة. تسهم في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع. ويتأكد لنا أهمية (الوعي.. قبل الوعاء..). *مستشار التواصل المؤسسي - خبير المسؤولية الاجتماعية والاستدامة