مع قرب الانتخابات الرئاسية الأميركية يحاصر الزخم المتعلق بها أقلام المهتمين بالشأن السياسي الأميركي، وذلك يعود إلى أن المواضيع المتعلقة بالانتخابات الرئاسية الأميركية كثيرة ومتشعبة، ولكنها تتفاوت من حيث الأهمية. في تقديري -بوصفي مهتمًا بالشأن السياسي الأميركي- أجد أن الجانب المتعلق بنظام الانتخابات الأميركية الفريد من نوعه يأتي في المرتبة الأولى من حيث الأهمية. النظام الذي يعتمد على مفهوم المجمعات الانتخابية (Electoral College) الذي يتكون من 538 مندوبًا، وهذا العدد يوازي عدد أعضاء الكونغرس الأميركي بمجلسيه النواب والشيوخ، علاوة على ثلاثة أعضاء من مقاطعة كولومبيا التي تقع فيها العاصمة واشنطن. ولكن هذا الجانب من الانتخابات الرئاسية الأميركية أخذ حقه من الإيضاح في وقت سابق؛ لذلك سنستعرض في هذا التقرير جانبًا يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية والتأثير على اتجاه هذه الانتخابات الرئاسية، وهو الولايات المتأرجحة. الولايات المتأرجحة مصطلح سياسي يستخدم في الولاياتالمتحدة الأميركية، ويطلق على الولايات التي يتمتع فيها المرشحون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بمستويات مماثلة من الدعم، الأمر الذي يجعل مواقفها مُتغيّرة من دورة انتخابية إلى أخرى؛ لذلك تتجه أنظار الحملات الانتخابية إليها لمحاولة استمالتها والفوز بأصوات ناخبيها في الانتخابات. تلك الولايات تكون محط أنظار منصات استطلاع الرأي لتشخيص نبض الناخبين وتقديم رؤية تقديرية لحظوظ المرشحين. لدى الحزبين الديموقراطي والجمهوري على حد سواء، العديد من الولايات التي يعولون على الفوز بها في الخامس من نوفمبر بأقل جهد، وبالنظر في نتائج التصويت لكل مقاطعة في الولاياتالمتحدة خلال الانتخابات الرئاسية الستة الماضية، من بين تلك المقاطعات 77 % لم يغيروا على الإطلاق تفضيلاتهم الحزبية بغض النظر عن المرشح؛ لذلك ترتكز معظم الدراما في الانتخابات الرئاسية الأميركية في كل دورة انتخابية على عدد قليل من الولايات. وفي هذا السياق يقول أليكس كيسار، أستاذ التاريخ في جامعة هارفارد: "في معظم الولايات، ستكون النتيجة في منافسة واضحة بين شخصين، وستعدها الحملة أمراً مفروغاً منه. أما في الولايات المتأرجحة، فهذا غير صحيح". غالبًا ما تتشابه مجموعة الولايات المتأرجحة خلال كل دورة انتخابية رئاسية، على الرغم من أن عوامل مثل تغيير التركيبة السكانية ومعدل الإقبال يمكن أن تجعل الولاية الحمراء أو الزرقاء التقليدية تتحول إلى اللون الأرجواني. فجورجيا على سبيل المثال، تحولت إلى فئة الولايات المتأرجحة في أعقاب فوز بايدن المفاجئ هناك في عام 2020 وفوز السيناتور الديموقراطي رافائيل وارنوك في الانتخابات عام 2022. في هذه الدورة الانتخابية الحالية، يعتقد الخبراء أن ولايات أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا ونورث كارولينا وبنسلفانيا وويسكونسن تملك مفاتيح البيت الأبيض. ومن المتوقع أن تكون هذه الولايات المتأرجحة -التي تملك 93 مندوبًا انتخابيًا- محورية في السباق نحو البيت الأبيض بين كامالا هاريس ودونالد ترمب. تحليل - عزام المشعل