كنت قد كتبت مقالا سابقا قبل فترة زمنية بسيطة، تكلمت فيه عن ازدواجية معايير التعامل مع ذوي الإعاقة على الخطوط السعودية، وبالتحديد عدم فهم منسوبيها لكيفية التعامل، كانت نقطتي الأساسية أن منسوبي الخطوط السعودية يطلبون في الرحلات المغادرة من المملكة سواء دولية أو داخلية مرافقا للراكب من ذوي الإعاقة، والذي يستخدم الكرسي للوصول لمقعده على الطائرة، بينما عند العودة من أي بلد آخر غير المملكة، نفس منسوبي الخطوط السعودية في المحطات الدولية لا يطلبون ذلك. حقيقة وللأمانة بعد مقالتي السابقة اتصل بي أحد المسؤولين في الخطوط السعودية مشكورا، وأكد لي أن ذلك يجب ألا يحصل، وطلب مني إثبات أن هناك طلبا للمرافق، وفعلا زودته بكل ما طلبه، ووعدني ألا يتكرر هذا الأمر، ولكن ما حدث أنني اضطررت إلى السفر لمدينة دبي لحضور اجتماع عمل صباحا، وعند عودتي في نفس اليوم عصرا وبعد إكمالي لإجراءات المغادرة على كاونتر الخطوط السعودية وبكل سلاسة وسهولة وتعاون من الموظف والمشرف اللذين يشكران على لطفهما وحسن تعاملهما وعلى الرحلة رقم SV558، ولكن ما حدث أنه وعند وصولي لبوابة الطائرة أوقفتني المشرفة على الرحلة وهي من دولة عربية، وقالت لي انتظر خارج الطائرة ودون أي توضيح أو تفسير منها لطلبها هذا، ثم أخذت بطاقة الصعود مني دون حتى تلميح منها لسبب تصرفها هذا. وفعلا بقيت خارج الطائرة، والركاب يدخلون مرورا من جانبي، ولا أبالغ حين أقول إن جميعهم باستغراب وجهوا لي كلامهم عن أي خدمة احتاجها، ورغم أنني عضو فرسان فضي، ما يعني أنني راكب كثير السفر على الخطوط السعودية، إلا أن ذلك لم يشفع لي، وبقيت منتظرا، وكلما سألت المضيفين يقولون لا ندري، هي المشرفة المسؤولة، مر أكثر من 10 دقائق ثقيلة ولا أدري ماذا يحدث، وتواصلت مع المسؤول الذي سبق وكلمني بعد مقالتي السابقة، وأكد لي معتذرا مرة ثانية أن ذلك لن يتكرر، ومبررا أنه قد يكون عندها نظام يوجب ذلك، فذكرته بما قال فاعتذر عن المساعدة، وبقيت انتظر لا حول لي ولا قوة حتى جاء المشرف من كاونتر السعودية في دبي وقال لي: إنها تطلب مرافقا!! شعرت بأسى واستغراب ودهشة، ألستم أنتم موظفي الخطوط السعودية من أعطوني تذكرة الصعود؟ لماذا المشرفة تطبق على إجراءات الأوْلى أن أكون على علم مسبق بها. ولكي تكتمل القصة، وبعد تعنتها برأيها وعدم الاكتراث لوضعي ووجودي خارج الطائرة، مشترطة وجود مرافق معي، نظرت إلى أحد الركاب دون معرفة سابقة بيننا، وقلت له هل ممكن تكون مرافقا معي؟ فقال أكيد، ما المطلوب أنا تحت أمرك، فجاءت المشرفة وسألته هل تكون مرافقا معه؟ أجاب دون تردد مشكورا نعم، وهنا تفضلت علينا المشرفة وسمحت لي بالدخول. نعم هو موقف غريب وإجراء عقيم وتصرف ليس فيه كرامة للراكب، وهنا سألت نفسي وسألت مرافقي الجديد، أليس فكرة المرافق هي لضمان سلامة صعود ذوي الإعاقة إلى الطائرة؟ وهل موافقتها على هذا المرافق الذي هو من الركاب أساسا، كان فقط التزاما بالنظام وليس بأسس السلامة؟ لو أنها أبلغت الراكب المرافق ببعض الإجراءات أو لو أنها رفضت مرافقته لي بحجة أنه لا يملك التأهيل المناسب، لكان الأمر أقل تأثيرا علي، ولكن أن تقبل به فقط من حيث النظام والإجراءات فهذا أمر يثير الحنق، بل هو التنمر بعينه، سواء كان بقصد أو غيره، فالنتيجة كان وقعها وتأثيرها علي واحدا. معالي رئيس هيئة الطيران المدني، بكل رجاء لا بد أن تكون هناك ضوابط لأي إجراء يتم على الركاب بشكل عام وذوي الإعاقة بشكل خاص، وتحديث هذه الإجراءات أولا بأول، وكوني عضو فرسان يعني أن حالتي معروفة لديكم مسبقا.. معالي مدير عام الخطوط السعودية لا بد وأن يكون منسوبوكم على نفس القدر من العلم بالأنظمة والقوانين، وألا يكون هناك مجال للاجتهاد الشخصي حسب مزاج الموظف ذلك اليوم. لقد منّ الله عليكم أن تحملوا هذا الاسم العظيم "السعودية" فكونوا على قدر المسؤولية، وما هو المتوقع منكم مع الرؤية المباركة التي توكّد على تمكين ذوي الإعاقة، الرؤية التي جعلت الخطوط السعودية واحدة من أكبر شركات الطيران مكانة وتنافسا، لأنه من غير المعقول ولا المقبول أن تعجز الخطوط السعودية أن تقدم للمواطن السعودي أو الراكب من ذوي الإعاقة الاحترام والخدمة التي يستحقها. لماذا تطلبون مرافقا وهؤلاء المضيفون من الشباب السعودي الواعد؟ ألا يستطيعون خدمة الراكب وقت الحاجة؟ وسبق وضربت أمثلة بخطوط عالمية فيها المضيفات من السيدات يعرضن الخدمة لذوي الإعاقة حال صعودهم الطائرة، هل من المعقول أن أذهب لحضور اجتماع وآخذ مرافقا معي ذهابا وإيابا!! مع أنني أعتمد على نفسي في سائر شؤون حياتي، وخلال عملي يثق فيّ المسؤول لأسافر لحضور اجتماعات في كل مكان وحدي دون مرافق. هل نجد آذانا صاغية لدى الخطوط السعودية لمعالجة هذه المشكلة، وعدم تكرارها، بل وأنا على أتم الاستعداد للمساهمة بوضع بروتوكول واضح وسهل وسلس للركاب من ذوي الإعاقة، لا تنقصنا الخبرة ولا العلم، وبكل تأكيد حافزنا ومحفزنا هو خدمة وطننا ومسيرة نمائه وتقدمه، وأن نكون الأفضل في كل شيء بين شعوب ودول العالم كله.