لا حق يعظم لمخلوق مثل حق الوالدين على الأبناء، تلك المحمدة السامية التي يظل الإنسان مكلفاً بحملها متلذذاً برد الجميل إليهما. كمن يسير طيلة عمره يقطف أزهار العرفان وبساتين الإحسان ليقدمها باقة من الشكر الثمين لمن أفنوا أعمارهم ليضيئوا دروباً من النور لأبنائهم. إنها منهجية فطرية أزلية واتصال روحي عجيب يبدأ من لحظة احتضان الوالدين لطفلهما وكأنها رحلة ممتدة من الحنان اتصلت من جسد لآخر، لتمطر من أصيل العطف وجميل الرعاية وابلاً من الأمن النفسي الذي تنمو به أغصان النسق الأسري، فهي جملة من الخيرات والامتنان الخلقي النبيل وإناخة الركب أسفل قدميهما علّنا أن نبلغ رضاهما بعد رضا الخالق عز وجل. طرقات الحياة برفقة الوالدين تتخللها قصص من التضحيات ومجابهة التحديات وصعود الصعاب وتسلق جبال المستحيل لصناعة جيل آخر يخلف من قبله ويكمل المسيرة، من بين نزالات ذلك الزمن ترى وجه أبيك مبتسماً خلف غيوم الكدر، ومحيا أم حنون يغمرك بدفء كلما اشتد شتاء الظروف، وتظل حكايات تروى من الأجيال للأجيال ترسمها تجاعيد الكفاح على بسمة السنين. البر لا يقتضي الكلمة الطيبة والقبلة الحانية بل الخارطة أوسع من ذلك بكثير هي رحلة من الحب والعطف بأثر رجعي والاحتواء وتقبل اختلاف الزمان عن زمانهم ومحاولة دمجهم في التغيير المجتمعي بما يتناسب مع مرحلتهم العمرية، وغرس الفرح في أرواحهم وتنحية الأخبار السيئة عنهم. وبلادنا أدام الله مجدها تسعى لكل ما يبث البهجة والفرح لمواطنيها وذلك بتأسيس هيئة الترفيه وما تقوم به من نشاطات فنية وترفيهية هدفها نقلة نوعية رفاهية للمواطنين، فأبواب البر مفتوحة ونوافذ العطاء لا تغلق، والوالدان كنز في كل دار ما لم يغب أحدهما القدر، وكما نعلم لا يقف البر في حياتهما بل أصدق البر بعد الممات بالصدقة والاستغفار والدعاء لهما وإيصال أصدقائهما. جزى والدينا عنا خير الجزاء.