ما زالت -ولا تزال- قوافل الراحلين تَغذُّ السير صوب مضاجع مَن انتهت إقامتهم في الدنيا إلى الدار الآخرة؛ إذ فقدت محافظة عنيزة أحد أبنائها الكرام، هو الأستاذ حمد بن الشيخ عبدالله الجلالي في يوم الخميس 1-1-1442ه. وبعد أداء صلاة الميت عليه ووري جثمانه الطاهر بمقبرة (الرحمة) في عنيزة. ولقد وُلد بعنيزة عام 1383ه، وترعرع في أكنافها بين أهله وإخوته، ومع رفاقه ولداته، ثم بدأ دراسته في المرحلة الابتدائية بمهوى رأسه، واستمر في مواصلة دراسته بكل جد وتفوق حتى تخرج من جامعة الإمام بالقصيم عام 1411ه، ثم عمل معاضداً ونائباً لوالده في حضوره وغيابه في مزاولة الأعمال التجارية مبكراً؛ فهو الساعد الأيمن ومحل ثقته لما يتمتع به من حنكة ودراية، وحذق في حسن تعامله وصدقه مع الغير؛ وهو ما كان سبباً مباركاً في نمو تجارة والده.. حيث درّت عليه الدنيا بأخلافها الخير الوفير.. وقد عَرَفَ (أبو حمد) حق الله في تلك الأموال؛ فأخذ يبذل بيد سخية في أعمال البر والإحسان، والعطف على الأرامل والأيتام. ولقد أحسن القائل حاثاً على انتهاز الفرصة ما دام المال طوع أنامله: فالسعيد مَن يرحل بزاد من التقى إلى دار النعيم المقيم في الفردوس الأعلى عند الرب جل ثناؤه، تاركاً أثراً طيباً وذكراً حسناً، تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، فإن غياب ورحيل الأحبة والأخيار، ومن لهم صلة قرابة أو صداقة -مثلاً-، يكون محزناً جداً ومؤثراً في النفوس كثيراً، كرحيل الأخ العزيز حمد ابن صديقنا وحبيبنا الشيخ عبدالله بن حمد الجلالي الذي سبقه إلى ملتقى الراحلين. وقد ووري جثمانه الطاهر بمقبرة (الرحمة) بمحافظة عنيزة منذ خمسة أشهر تقريباً، أي في يوم الأحد 20-7-1441ه -رحمهم الله رحمة واسعة- وكأن لسان حال محبيهما يردد في خاطره معنى هذا البيت: ولقد عاش الأستاذ حمد (أبو عبدالله) محبوباً في أسرته لما يتمتع به من خلق كريم، وبره بوالديه مع إكرامه أصدقائهما، وصلته لرحمه ولأسرته وجيرانه.. كما يفرح ويسعد بمن كان يؤم منزلهم في حياة والده وبعد مماته من أصدقاء ومعارف كُثر.. فيبالغ في إيناسهم وإكرامهم؛ فهذه سجية حميدة، ووفاءٌ لمن غاب عنهم والدهم الكريم عبدالله الذي يفرح بتواصل أبنائه مع أصدقائه بعده: ولا ننسى ذكرياتنا الجميلة معه ومع والده الشيخ عبدالله، وتبادل الزيارات المتكررة في قصرهم العامر بعنيزة، كما شرفونا بمنزلنا بحريملاء، تغمد الله الفقيد بواسع رحمته، وألهم أهله وذويه وإخوته وعقيلته ومحبيه وأسرة آل جلالي الصبر والسلوان. ** ** - عبدالعزيز بن عبد الرحمن الخريف