«الرياض» جريدة عريقة أسهمت في دفع علاقة بلدينا طريق الحرير ومبادرة الحزام محطتان تاريخيتان ترجمنا نصوصاً لعبده خال وعبدالرحمن منيف * نرحّب بك د. فوتشيمينغ في صحيفة «الرياض»، في هذا الحوار الذي نود تسليط الضوء فيه على العلاقات الراسخة التي تجمع بلدينا المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية. * أنا سعيد للغاية بهذا اللقاء الصحفي، «جريدة الرياض» جريدة عريقة، ولها دور كبير في تطور الصحافة السعودية، ودفع العلاقات بين الصين والسعودية. * نريد أن نعرّف القارئ السعودي والعربي، من هو الدكتور أمين؟ * أنا أمين، فوتشيمينغ، أستاذ في قسم اللغة العربية، ونائب مدير كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين، عملت في تدريس اللغة العربية حوالي 40 عامًا، وأشرفت على أكثر من 40 طالب وطالبة في الماجستير والدكتوراة ودراسات ما بعد الدكتوراة، عضو لجنة الإدارة في فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في جامعة بكين، مدير مركز الحضارة العربية في هذا الفرع، وأستاذ كرسي السلطان قابوس لدراسات اللغة العربية في جامعة بكين، ورئيس لجنة تدريس اللغة العربية ودراستها في الصين، ونائب رئيس لجنة الإرشاد والتوجيه لتدريس اللغة العربية تحت قيادة وزارة التربية والتعليم الصينية. o كيف ترى العلاقات الصينية السعودية؟ * العلاقات الصينية السعودية في عصرها الذهبي الآن، فقد زار ولي العهد السعودي الصين في 2018 وأدرج اللغة الصينية في مقررات التعليم السعودية، وزار الرئيس الصيني شي جين بينغ السعودية عام 2022 وقام بعقد ثلاث قمم، وهي قمة الصينية السعودية، والقمة الصين ومجلس التعاون الخليجي، والقمة العربية الصينية، ومؤخراً زار رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ السعودية. وكما ترى فإن هذه الزيارات المتبادلة تعكس مدى متانة العلاقات بين الجانبين الآن. o من خلال خبراتكم الأكاديمية، كيف ترى واقع الحوار الثقافي والفكري بين السعودية والصين؟ * الصين والسعودية لديها جسور عديدة للحوار الثقافي، من بينها فرع مكتبة الملك عبدالعزيز في جامعة بكين، الذي يعد أول فرع للمكتبة يتم إنشاؤه في آسيا، ودشن الملك سلمان بن عبدالعزيز هذا الفرع بنفسه، وألقى كلمة في حفل الافتتاح. وفرع مكتبة جامعة بكين رمز للصداقة السعودية الصينية، وجسر للتواصل الثقافي والمعرفي بين الحضارتين العربية والصينية، وأحد مصادر المعرفة عن المملكة للباحثين والعلماء في الصين، وتهدف إلى تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية والمعرفية. ويقع فرع المكتبة على مساحة 13 ألف متر مربع ويتكون من 6 طوابق تتضمن قاعات للدراسة والمطالعة تتسع لأكثر من 100 باحث وضيف، وتتسع لأكثر من 200 ألف كتاب والمادة المعرفية على مساحة 500 متر مربع وقاعة محاضرات ومركز معارض متخصص. بالإضافة إلى ذلك، يوجد مركز الدراسات العربية الصينية، ومكتبة المخطوطات القديمة بجامعة بكين، ومكاتب إدارية تتسع لأكثر من 40 موظفًا. وقد نظم فرع المكتبة العديد من الأنشطة الفكرية والثقافية التي تعزز العلاقات بين الصين والسعودية، من بينها مسابقة الترجمة من العربية إلى الصينية ومن الصينية للعربية، والتي لاقت ترحيبًا واسعًا بين أقسام اللغة العربية في الصين، وفي أقسام اللغة الصينية في السعودية، وقد حصدت طالبة من قسم اللغة الصينية في جامعة الأميرة نورة المركز الأول في مسابقة العام الماضي، وشارك العديد من الطلاب من أقسام اللغة الصينية في السعودية في تلك المسابقة، وحصدوا جوائز متعددة، وقد اخترنا نصوصاً تعكس روح الأدب والثقافة العربية والصينية لتكون مادة مسابقة الترجمة، من بينها نصوص من روايات عبده خال وعبدالرحمن منيف، والتي قام الطلاب بترجمتها إلى اللغة الصينية. كما نظم فرع المكتبة مسابقة علمية للباحثين والطلاب لقراءة الأبحاث والكتب العلمية وكتابة مقالات ملخصات علمية لما قرؤوه بمناسبة يوم القراءة العالمي، وقد قام العديد من الأساتذة بتقييم التقارير المقدمة، ورشحوا بعضاً منها للحصول على الجوائز، وهذه المسابقة تشجع الباحثين والطلاب من كافة المجالات على قراءة الأبحاث والكتب العلمية التي تدور حول الشرق الأوسط والدول العربية، كما تشجع الطلاب أن يكتبوا حول تجربتهم الدراسية والعلمية في فرع المكتبة، وشهدت المسابقة هذا العام مشاركة واسعة من الطلاب من كافة التخصصات، وهو الأمر الذي شجع العديد من الطلاب المشاركة في فاعليات فرع مكتبة الملك عبدالعزيز، وأصبح فرع المكتبة محط أنظار الطلاب والباحثين في جامعة بكين والجامعات الأخرى. o كيف يمكن تعزيز الحوار الثقافي والفكري بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية؟ * لقد مر الحوار الثقافي والفكري بين الصين والسعودية بالعديد من المحطات التاريخية، من بينها طريق الحرير ومبادرة الحزام والطريق ومستقبل المصير الصيني العربي المشترك، كل هذه المحطات كانت تدفع بقوة الحوار الثقافي والفكري والمجتمعي بين الصين والسعودية، وأرى بصفتي باحثًا، أن البحث العلمي من أهم أدوات تعزيز الحوار الفكري والثقافي، فالبحث العلمي يرصد التطور الفكري في المجتمعات، ويمكن أن يقدم وصفاً حقيقياً لواقع العلاقات الفكرية بين الجانبين، كما يمكن أن يقدم حلولاً مبتكرة لتعزيز تلك العلاقات. وفي هذا الصدد أود أن أستعرض في حوارنا هذا واحداً من أهم النشاطات البحثية التي يقوم بها قسمنا قسم اللغة العربية في جامعة بكين وهو «بعثة جامعة بكين العابرة للغات والثقافات»، هذه البعثة قامت بالعديد من الزيارات الميدانية للسعودية والإمارات وقطر ومصر، بمشاركة طلاب من جامعة بكين وتحت إشراف أساتذة متخصصين في جامعتنا، وتهدف هذه الزيارات الميدانية إلى أن يتعرف الطلاب على ثقافة المجتمعات العربية المعاصرة، وفهم التطور الذي يحدث فيها، وفي كل زيارة ميدانية نتواصل مع العديد من الجهات المعنية والتي من بينها جامعات سعودية، قامت باستقبالنا، وتبادلنا الآراء العلمية حول العديد من الموضوعات العلمية. * في نهاية حوارنا، كيف ترى مستقبل الحوار الفكري والثقافي بين الصين والسعودية؟ * الحوار الفكري والثقافي بين الصين والسعودية ينتظره مستقبل مشرق، وهذا المستقبل في أيدي شبابنا، الشباب الصيني والسعودي، فعلينا أن نهتم بتنشئتهم، وأن نجعلهم يفهمون ماضينا المشترك، ويعرفون حاضرنا، حتى يمكنهم أن يكملوا المسيرة على أكمل وجه في المستقبل. فوتشيمينغ مستمعاً في أحد اللقاءات جانب من حوار حول الخط العربي لقطة جماعية مع طلابه خلال جولته في المعرض جانب من الجلسة الحوارية