منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين مرت هذه القضية بمراحل متعددة عسكرية وسياسية، كل المراحل كانت ولا تزال تتضمن ممارسات تمارسها إسرائيل خارجة على القانون الدولي ولا تحاسب عليها، تاريخ من المعارك لم يؤدِ إلى نتيجة تحقق السلام العادل الشامل، مفاوضات وفرص سلام ضائعة، انتظار طويل في طريق السلام يدفع ثمنه المدنيون الأبرياء، معارك جانبية عبثية ليس لها هوية ولا علاقة بقضية فلسطين، تاهت مركبة السلام وسط طرق متعددة متشابكة تنتهي كلها في طريق مسدود. كانت مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية ورقة فلسطينية قوية لم تستثمر بفاعلية في ساحة المفاوضات، لماذا تفشل المفاوضات؟ لا شك أن تعنت إسرائيل وما تحظى به من دعم عسكري وسياسي هو أحد الأسباب، أما السبب الآخر فهو عدم تحقق وحدة الفلسطينيين. الانتصار للسلام بالسلام للوصول إلى السلام العادل الشامل يمر بمرحلة تفاؤل تمثلت في إعلان وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إطلاق تحالف دولي من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين كنتاج لجهد أوربي عربي مشترك، وسيكون الاجتماع الأول لهذا التحالف في الرياض. هذه خطوة تدعو للتفاؤل خاصة أن الوزير ذكر أن التحالف سيضع خطة عملية لتحقيق الأهداف المنشودة وتحقيق مسار موثوق لا رجعة فيه لسلام عادل شامل كما ذكر الوزير الذي أعلن إطلاق التحالف باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين، واعتبر الوزير أن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة حق أصيل وأساس للسلام وليس نتيجة نهائية يتم التفاوض عليها ضمن عملية بعيدة المنال، ووصف تنفيذ حل الدولتين بأنه الحل الأمثل لكسر حلقة الصراع والمعاناة. طريق السلام سيضع حدا للكوارث الإنسانية، والمعارك التي تداخلت فيها الأهداف وتعارضت وتحولت إلى فوضى استغلت من قبل أطراف ذات مصالح خاصة لا تخدم قضية فلسطين. طريق السلام لا يتحقق إلا بالعدل وهو طريق الإنسانية الذي يضع حدا للقتل والتشريد والتجويع والتدمير والتوسع الإسرائيلي الذي لا يتوقف، والتطفل الإقليمي الذي يستغل الفوضى لأهدافه الخاصة. الانتصار ممكن تحقيقه بالحلول السياسية، والحقوق ممكن الحصول عليها بالسلام، الحروب لم تحقق شيئا لأصحاب الشأن، ربما حققت شيئا للمتطفلين على القضية، أما الأبرياء المتفائلون بالخطابات الحماسية فقد اكتشفوا أنهم مخدوعون بالانتصارات الوهمية التي كانت نتيجتها القتل والتشريد والمجاعة والتدمير النفسي المتمثل بالإحباط واليأس. طريق السلام قد يكون طويلا وشاقا؛ لكنه أحيانا أقوى من طريق الحروب.