شهد مهرجان المسرح الخليجي في دورته 14، الذي نظمته مؤخراً هيئة المسرح والفنون الأدائية بوزارة الثقافة، «6» عروض ل 6 فرق مسرحية أهلية من «6» دول خليجية، جاء العرض الأول بمسرحية (بحر) للكاتب عبدالرحمن المريخي -رحمه الله-، إعداد وإخراج سلطان النوه، تمثيل فرقة جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، ظهر العرض جميلاً في طياته، بارزاً العادات والتقاليد التي كانت في حقبة زمنية قديمة متعلقة بالغوص والبحث عن اللؤلؤ، النص في حواره وأحداثه أثّر بشكل كبير على مفهوم المسرح وجمالياته، أبرزه الممثلون وكافة عناصر العرض المسرحي بلغة البحارة وبساطتهم في العيش والتواصل، رأينا العمل المتقن والجميل وقمة الإبداع بالشكل والمضمون، وإيصال الفكرة بكل بساطة دون تعقيد رغم وجود الرمزيات وضعها المخرج بسياق وتنسيق معين، وهذا يدل على وجود الخبرة وامتلاك الأسلوب المناسب لكل فكرة، العرض جعل المشاهد يبحر في التفاصيل العميقة المؤلمة، كمشاهدين عشنا مع بحر ورحلنا مع مركب صقر ومركب بو فرج وصراعهم القاسي من أجل البقاء والحفاظ على مكانتهم في مجتمعهم وثرائهم ومصالحهم الشخصية مهما كلفهم الأمر لدرجة تصل إلى طمس وقتل وتدمير أحلام البسطاء، واللعب وتعذيب مشاعرهم من أجل الحصول على مبتغاهم، هذا ما جرى على بحر النهام الإنسان البسيط الشاعري الذي يحمل في قلبه وروحه حلم منذ الطفولة بالارتباط بنوره كزوجه، مما جعله يقدم على اتخاذ قرارات ويدرك بأنها متعبة بالنسبة له، ولكن من أجل تحقيق حلمه يدفعه مهما كانت العواقب، عند اقترابه لتحقيق ذلك الحلم انكشف السر المدفون منذ سنوات، السر القاتل المميت حينها وقفت كل الأشياء من حوله الأماكن والأشخاص والبحر، مصارعاً أمواجه التي طالما يتغنى وينهم لها بصوته العذب دون حراك سوى سماع دقات قلبه المتسارعة، سابقة الزمن وعقارب الساعة وأنفاسه المتصاعدة وروحه التي تكاد تخرج من جسده المتعب المتهالك، أصبح في دوامة لا يرى سوى ظلاماً حتى حبيبته وقتها لا يراها سوى شبحاً يريد أن ينهش في جسده المتهالك، أحداث جميلة متماسكة استطاع المخرج المبدع أن يترجمها بعدة لوحات فائقة الإبداع والمتعة والجمال مع الطاقم الفني، من خلال استغلال فضاء المسرح بعناية فائقة وسينوغرافيا مدروسة، مع الموسيقى والمؤثرات الحية الرائعة جعلتنا نستمتع بكل تفاصيلها والديكور والملابس والإكسسوارات، تم توظيفها بشكل جميل والتعامل معها باحتراف وأداء الممثلين الرائع الكل كان مبدع، نالت المسرحية جائزة أفضل مخرج سلطان النوة، وجائزة أفضل ممثل شهاب الشهاب، وجائزة أفضل ممثلة دور ثاني فجر اليامي، وجائزة أفضل مؤثرات صوتية عيسى الرشيد، من القلب تحية كبيرة لطاقم «بحر» الذين قدموا عملاً يفتخر به المسرح السعودي. المقال القادم قراءة للعرض الثاني «أشوفك» من الإمارات، ودمتم بخير.