يبدو أن الحالة الوطنية والثقافية الرائعة التي ينشرها معرض الرياض الدولي للكتاب والمقام هذه الأيام في العاصمة الرياض، تُحرّض على الكتابة عن كل ما له صلة بالكتاب قراءة وكتابة، خاصة القراءة بمختلف أشكالها ومستوياتها، وهنا أستحضر دراسة كتبتها ونشرتها قبل مدة عن أنواع ومراتب القراءة. فالقراءة سلّم الأدوات والوسائل التي تصنع الحضارة البشرية، منذ العصور الأولى وحتى عصرنا الراهن، فهي من تُنضج الأفكار والرؤى وهي من تُشكّل العلوم والمعارف وهي من تُنطق الآداب والفنون. القراءة هي من تصنع الوعي الإنساني وهي من تمنح الكمال المعرفي. القراءة عملية معرفية تقوم بتفكيك وتهجئة الرموز والحروف، لتكوين الكلمات والجمل، وذلك للوصول إلى فهم وإدراك الأفكار والمعاني. القراءة وسيلة للفهم وأداة للتواصل ومصدر للمعرفة. وبعيداً عن الاتهامات والتحديات التي تواجه القراءة في وقتنا الراهن، وكيف أصبح حال القراءة في عصر الصورة ومواقع التواصل الاجتماعي، بعيداً عن كل ذلك، سأضع أمامك عزيزي القارئ خمساً من المراتب للقراءة بشكل تنازلي عكسي، أي من الأقل أهمية إلى الأكثر أهمية: المرتبة الخامسة: وهي القراءة الشكلية أو ما قد يُطلق عليها ب"القراءة التظاهرية"، أي أن ذلك القارئ المزعوم لا يقرأ الكتاب الذي بين يديه، ولكنه يتظاهر بذلك. المرتبة الرابعة: وهي "القراءة المعرفية" التي تمنح القارئ الحد الأدنى من وظائف القراءة، وهو معرفة أن ما يقرؤه هو شعر أو نثر أو رواية وهكذا. قراءة تكتفي بهذا القدر المعرفي دون الغوص في التفاصيل أو اكتشاف المعاني. المرتبة الثالثة: وهي "القراءة الناقدة" التي تحتاج إلى بعض الأدوات والملكات، لتمنح القارئ المتوثب القدرة على نقد أو نقض ما يقرأ مستعيناً بخبراته ومؤهلاته. المرتبة الثانية: وهي "القراءة الواعية" التي تستطيع اكتشاف تفسيرات واستنتاجات عميقة أو ما يُعبر عنه بالقدرة على قراءة ما بين السطور، إضافة للقدرة على ربط الأفكار والمعاني والإسقاطات. المرتبة الأولى: وهي "القراءة الحقيقية" التي تُمثّل المستوى الأهم والأصعب في القراءة، إذ تُسهم القراءة الحقيقية في حل المشكلات وتجاوز العقبات التي نواجهها في حياتنا، أي أننا نمارس القراءة من أجل الارتقاء والكمال والسعادة في حياتنا. عزيزي القارئ: أين تضع نفسك بين هذه المراتب الخمس للقراءة؟