بلا مقدمات، أكتب اليوم عن إذاعي شهير ستيني شديد التواضع متربع على لسان البدر.. برع في تقديم البرامج الإذاعية وكأنه يغرف من كنز.. يزين الإذاعة بمخره في عباب الروح وصوته الجهوري الذي يحرك به الموجة المتوسطة الداخلية في وجدان مستمعيه، إذاعي لا يشبهه أحد ويعرفه كل أحد. أكتب اليوم عن برنامج إذاعي للراقي المهذب فريد مخلص "مع حفظ الألقاب"، حياته تركيبة شيقة مكونة من مجموعة خالية من البهرجة والشكليات، تركيبة تذهب بالألباب وكأنها سحابة ضوء، تركيبة على مسمى حارته "النقا" التي عاش فيها بالقرب من الحرم المكي الشريف، حارة غناها الشعراء ودندنت لها الأصوات الطربية. لن أكتب عن طفولته وتولهه بسماع الأدب والفن في مجلس أبيه الشاعر، لن أكتب عن حياته مع رفيقة دربه وبناته الأربع وأصدقائه وأحبائه وزملائه. لن أكتب عن حمله الشعلة الأولمبية الشتوية. لن أكتب عن هواية "الطبخ" وذهابه إلى "المونديال" ومعه معدات طبخ "الكسبة والسليق". لن أكتب عن خمسة عقود في الصحافة والإذاعة وبوداعه مهنة "التعليم"، ولن أكتب عن حوارته الإذاعية مع أصحاب الأوزان الثقيلة. وبلا استغراق في التفكير ولكن بصداقة الزمن الجميل، أكتب اليوم عن البرنامج الإذاعي الشهير للمخلص "مركاز الفريد"، أكتب عن أجمل رجال ونساء استضافهم البرنامج هم الكنوز متعددة المواهب. شخصيات أثرت الحياة ومنحتها معنى وساهمت في تطويرها. باقة من العظماء لم يشيخوا فأفرزوا للحياة من العلم والتجارب لوضعها في ثمرة الإنسانية. دعوني أنقل بلا تحريف عما قاله بعض من ضيوف البرنامج، فوزير الثقافة والإعلام الأسبق الدكتور عبدالعزيز خوجة قال: "أهنئ أخي فريد مخلص على البرنامج الشيق "مركاز الفريد"، الذي أعتز بأني كنت أحد ضيوفه خلال شهر رمضان المبارك"، كما قال وزير الحج والعمرة السابق الدكتور محمد صالح بنتن: "لم أتوقع الكم الهائل من المتابعين الذين تواصلوا معي للحديث عن اللقاء، مما يعكس مدى تأثير البرنامج على الجمهور". بينما قال مدير جامعة أم القرى السابق الدكتور بكري عساس: "البرنامج يجبر المستمع على الاستماع حتى النهاية"، حتى جاء "فنان العرب" محمد عبده الذي تربطه علاقة وطيدة مع فريد، حيث قال: "من برامجي المفضلة خلال شهر رمضان، وطلبت من الأخ فريد مخلص إعادة لقائي الذي أجراه معي منذ عدة سنوات لسماعه مرة أخرى. شكراً لإذاعة جدة على استمرار هذا البرنامج الفريد". مختتماً الإذاعي الشهير والأكاديمي الدكتور حسين نجار: "البرنامج أيقونة من أيقونات إذاعتنا الحبيبة". على العموم، برنامج "مركاز الفريد" هدنة مؤقتة من صخب الحياة بأنبائها المزعجة وحطام الدنيا في عنبر الحياة إلى الانشغال ببدائع ما يقوله أولئك العظماء الذين أضاؤوا حياة المجتمع بالعلم والتجربة، بل بالحب الصادق والوفاء الخالص. محمد عبده. علي فقندش.