أرفع أسمى التهاني إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس مجلس الوزراء، وإلى شعب المملكة العربية السعودية، بمناسبة الاحتفال التاريخي باليوم الوطني الرابع والتسعون للمملكة. منذ أن كشف ولي العهد عن رؤية السعودية 2030، تصدرت عناوين الأخبار العالمية مناقشات حول أهدافها الطموحة وإنجازاتها الرائعة ؛ من تحديث الاقتصاد وتنويعه إلى التقدم في مجالات الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، كان التقدم ملحوظًا في مختلف محاور الرؤية المباركة. وبصفتي طبيب سعودي متخصص في طب القلب والقسطرة والصمامات وأعمل حاليًا في بريطانيا ، فأنا بطبيعة الحال مهتمٌ كثيرًا بتحول الرعاية الصحية في رؤية السعودية 2030. هذا النهج الجديد ينتقل بعيدًا عن النماذج التقليدية للرعاية الصحية، ليبتكر نظامًا مصممًا خصيصًا للشعب السعودي ؛ مستلهمًا من الأنظمة الصحية الرائدة في العالم، بما في ذلك هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، وكذلك في نيوزيلندا وكندا، فالمملكة تصمم نظامًا متقدمًا يواكب التطور العالمي . وبعد أن عملت في ثلاثة من هذه الدول أعمل حاليًا استشاري قلب في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، قدمت لي تجاربي رؤى قيمة حول كيفية عمل هذه الأنظمة، إلى جانب تحدياتها وكيفية التغلب عليها. لقد واجهت رؤية السعودية 2030 بالفعل تحديات كبيرة في فترة قصيرة وتجاوزتها باقتدار ؛ فقد أدى التعاون بين وزارات الصحة والداخلية والنقل إلى تقليل عدد الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية إلى النصف، وهي من أهم أسباب الوفاة بين الشباب السعوديين. كما أطلقت مبادرات جديدة لمعالجة نقص الكوادر الصحية، مما يضمن وجود القوى العاملة اللازمة لتلبية الطلبات المتزايدة. وبدأ إنتاج الأدوية مع انتقال العديد من الشركات الطبيه العالمية إلى المملكة، مما يُعد أمرًا حيويًا في الحفاظ على إمدادات ثابتة من الأدوية. هذا التحول يُعيد بناء هيكلنا الصحي ليصبح قويًا ومستدامًا واقتصاديًا. إحدى الميزات الرئيسية التي تتمتع بها السعودية مقارنة بالعديد من الدول الغربية هي قدرتنا على تطوير وتنفيذ خطط طويلة الأجل ؛ بينما تركز الدول الأخرى على الإصلاحات، فإننا نبني نظامًا جديدًا – تحولًا حقيقيًا. في دول مثل الولاياتالمتحدة، المملكة المتحدة، أستراليا، ونيوزيلندا، غالبًا ما توقفت خطط إصلاح الرعاية الصحية خلال العقد الماضي بسبب التغيرات في الحكومات. على سبيل المثال، توقفت "أوباما كير" عندما تولى الجمهوريون السلطة. وبالمثل، توقفت التغييرات في الرعاية الصحية في المملكة المتحدة ونيوزيلندا بعد التغيرات في القيادة. هذا التركيز على الإصلاحات قصيرة الأجل، المدفوعة بدورات سياسية، يؤدي إلى حلول مؤقتة بدلاً من حلول دائمة. وعلى النقيض، يمنحنا الاستقرار السياسي في السعودية والقدرة على التخطيط طويل الأجل ميزة واضحة. أنا أؤمن بقوة أننا قادرون على بناء أعظم نظام رعاية صحية في العالم. التعاون بين الوزارات ومشاركة البيانات والتكنولوجيا سيخلق نظامًا صحيًا لا مثيل له، مما يُمكّن من إحداث تغييرات سريعة وفعّالة. وأخيرًا، أود أن أقدم بعض الاقتراحات التي آمل أن تكون قد أُدمجت بالفعل في الرؤية الخاصة بالتحول الصحي: 1. تكامل البيانات والتحليل: تطوير نظام تكنولوجيا معلومات قادر على جمع وتحليل جميع بيانات المستهلكين ونتائج الرعاية الصحية. سيكون ذلك ذا قيمة ليس فقط لضمان الجودة ولكن أيضًا لدفع البحث الطبي والتكنولوجيا. الدول الاسكندنافية تتصدر هذا المجال حاليًا. 2. صحة القلب والتكنولوجيا الحيوية: بصفتي طبيب قلب، أرى إمكانات هائلة في الاستفادة من ازدهارنا الاقتصادي والصناعي لتصنيع التكنولوجيا الحيوية والأجهزة الطبية، خاصة لعلاج أمراض القلب. سيكون الاستثمار في شعبنا لتعلم الجوانب الطبية والهندسية الحيوية والتسويق لهذه المجالات أمرًا حاسمًا. أمراض القلب تؤثر بشكل رئيسي على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا. حاليًا، أقل من 3٪ من السعوديين يتجاوزون هذا العمر، ولكن بحلول عام 2040، من المتوقع أن تكون نسبة 20٪ من السكان فوق 60 عامًا. سيكون الطلب كبيرًا. 3. أنظمة معلومات الرعاية الصحية: الاستثمار في أنظمة تكنولوجيا المعلومات الصحية المصممة خصيصًا للمملكة، بالتعاون مع القطاع الخاص المتقدم في مجال الاتصالات، سيمكننا من تلبية الاحتياجات المحلية وتصدير هذه الأنظمة عالميًا. إنه لفخر كبير أن أكون سعوديًا يمثل بلاده في الخارج، وأهنئ نفسي وأبناء وطني على نمو المملكة ومستقبلها الواعد. وأتطلع بشغف إلى المساهمة في هذه الرحلة التحولية قريبًا. الدكتور / مسفر بن منصور الفاضل استشاري طب القلب والصمامات برايتون بريطانيا