كشف تقرير اقتصادي عن سعي أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم لتصبح أكثر مرونة في مواجهة التغيرات غير المتوقعة في اقتصاداتها، وقطاع الرعاية الصحية في المملكة ليس استثناء، ورغم ما يشهده نظام الرعاية الصحية السعودي من تطورات متلاحقة، ما يزال الوصول إلى الرعاية الصحية والأدوية المبتكرة بحاجة إلى المزيد من العمل وتوفير المعلومات ذات الصلة. وأشار التقرير الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) التابعة لمجموعة الإيكونوميست، وبتكليف من شركة أمجن المختصة بالتكنولوجيا الحيوية والشريك الفاعل لقطاع الرعاية الصحية في المملكة إلى أنه وعلى الرغم التطور السريع الناجح والتوزيع الأولي للقاح كوفيد-19، فإن قطاع الرعاية الصحية أو أي قطاع آخر لن يعود إلى الوضع "الطبيعي" لما قبل الجائحة. وبالمقارنة مع نظرائها الإقليميين، تحتل المملكة مكانة متقدمة بشكل ملحوظ عندما يتعلق الأمر بابتكار النظام الصحي، والسياسة الصحية، والتعاون المتبادل، والتحول. أهداف طموحة يوضح التقرير أن قطاع الرعاية في المملكة شهد تحولات كبيرة على مدى العقود القليلة الماضية حيث شمل ذلك إجراء عمليات تحديث وتحسينات مستمرة، فقد حددت مسارا طموحا في برنامج التحول الوطني ضمن رؤية المملكة 2030. ويكمن في صميم هذه الرؤية هدف إحداث تحول كامل في خدمات الرعاية الصحية في المملكة، بما في ذلك تسهيل الحصول على خدمات الرعاية الصحية، وتحسين قيمة خدمات الرعاية الصحية ونوعيتها وفعاليتها؛ وتعزيز الوقاية من التهديدات الصحية. كما ساعد ظهور جائحة كوفيد-19 في بعض النواحي على دفع المملكة نحو أهدافها مثل اعتماد أدوات الصحة الرقمية، وفي الوقت نفسه كشفت الجائحة بعض العيوب في قطاع الرعاية الصحية، ويعتقد الخبراء أن مستقبل خطة الرعاية الصحية السعودية مدروس جيدا، ولكن كل هدف يواجه تحديات كبيرة ولكي ينجح القائمون على قطاع الرعاية الصحية في المملكة، ينبغي معالجة أبرز المشاكل القائمة حالياً والتي تهدد جاهزيتها لإحداث مزيد من التغيير. وأشار التقرير أنه على الرغم من التحديات المالية التي تواجهه دول العالم جرّاء التعامل مع جائحة كورونا، إلا أن المملكة حرصت على إعطاء قطاع الرعاية الصحية والتنمية الاجتماعية أولوية حيث شكلت أعلى ميزانية بين مجالات الإنفاق، وقد أعطت ميزانية السنة المالية 2020 أولوية للصحة والتنمية الاجتماعية لقطاع الرعاية الصحية بما يشكل ثالث أعلى ميزانية بين مجالات الإنفاق المختلفة، بميزانية مخصصة قدرها 174 مليار ريال سعودي (ما يعادل 46.7 مليار دولار أمريكي)، ولطالما ركزت المملكة على الخدمات الطبية التفاعلية والمستشفيات بدلاً من خدمات الرعاية الصحية الأولية الوقائية، على الرغم من أن تغيير هذه النظرة جزء لا يتجزأ من رؤية 2030، إلا أن هذا الجهد تلقى انتكاسة مؤخرا خلال جائحة كوفيد-19، حاولت وزارة الصحة ضمان الوصول إلى خدمات الطوارئ لجميع السكان. وتتيح مجموعة متنوعة من القدرات والاتجاهات الناشئة لأنظمة الصحية تصور مستقبل الرعاية الصحية يعتمد على التنبؤ. وتشمل هذه التطورات والمجالات الرئيسية التي تستثمر فيها المملكة التطورات السريعة في تكنولوجيا المعلومات مثل إنترنت الأشياء والأجهزة القابلة للارتداء والأدوات الجينية والتشخيصية الجديدة ووسائل التواصل الاجتماعي، كما أن تحسين القدرة على تقييم الصحة ومخاطر الأمراض وخيارات العلاج وتطور المرض ونتائج العلاج والقيمة المضافة أصبح بحاجة إلى ضرورة تسجيل بيانات شامل من خلال السجلات الطبية الإلكترونية، والبيانات المختبرية، وسجلات علم الجينات، والتجارب السريرية، والمطالبات الطبية، والقياسات الحيوية في الوقت الفعلي المسجلة من خلال أجهزة قابلة للارتداء. ويتشارك القائمون على الرعاية الصحية بما فيهم مقدمو الرعاية الصحية، والممولون، والمصنعون، والمنظمون، وواضعو السياسات رؤية واضحة تتلخص عبر جوانب متعددة تشمل تحسين رعاية المرضى، وخفض التكاليف، وتحسين قدرة القائمين على الرعاية الصحية على العمل بشكل سوي. ويعتبر جمع البيانات مسألة أساسية لا غنى في قطاع الرعاية الصحية إذ أن البيانات هي شريان الحياة للرعاية الصحية. وبالتالي فإن الحصول على البيانات من شأنه أن يساعد القائمين على الرعاية الصحية على فهم الأماكن التي توجد بها الفرص وتحديد مجالات التحسين ودعم تطوير البرتوكولات الصحية. وتقر الرؤية بوضوح بهذه التحديات وقد وضعت العديد من الأهداف الموحدة لجمع البيانات وتحليلها لتحسين جودة الرعاية الصحية وخدماتها. ومن بين 70 مبادرة رئيسية في إطار "تطوير القطاع الصحي" لرؤية 2030، هناك 12 مبادرة مرتبطة بالتقنية، والكثير منها يرتبط بجمع البيانات وتحليلها، وهي: مبادرة الصحة الإلكترونية، ومركز تقييم التكنولوجيا الصحية، والمركز الوطني للمعلومات الصحية "مبادرة الصحة الإلكترونية الشاملة"، والمركز الوطني للابتكار الصحي، وإنشاء نظام تتبع إلكتروني، ومركز تطوير التكنولوجيا، وإنشاء النظام الإلكتروني القياسي، والمركز للتعيينات والإحالات الطبية، وخطة الإحالة الصحية الوطنية، وبرنامج HESN (شبكة المراقبة الصحية الإلكترونية)، والسجلات الصحية الوطنية الأفقية، والسجل الوطني لفشل الأعضاء. تكنولوجيا الصحة الرقمية خلال جائحة كوفيد-19، تم اختبار استخدام الأدوات الرقمية، وقد تم تخصيص أسرة المستشفيات بشكل كبير للمصابين بالعدوى، كما زادت الحاجة إلى دعم مرضى العيادات الخارجية والرعاية المنزلية، وكذلك الزيادة في استعمال تطبيقات الجوال لتوفير هذا الدعم، لذلك فقد ازدادت الحاجة إلى الاستشارات الافتراضية والخدمات الصحية عن بُعد وتم استخدامها بشكل كبير خلال الأزمة.