ربما غاب عن كثير منا بلوغنا ربع نهائي كأس العالم الأسبوع الماضي لأول مرة في تاريخنا، وغياب ذلك عنا سببه أننا لم نبلغ هذا الدور بالمعنى التقليدي، لأن كأس العالم لكرة القدم بقي له سنتان، إنما بلغناه في مجال آخر أهم برأيي وهو في الحكومة الرقمية، فقد صعدت المملكة في مؤشر الأممالمتحدة للحكومة الإلكترونية لعام 2024 للمرتبة السادسة عالميا بعد سنوات من العمل الجاد في الاستراتيجية والتنفيذ، فبعد عمل متواصل في تنفيذ رؤية 2030 نرى نتائج الاستثمار المحسوب في البنية التحتية الرقمية. ففي مؤشر الأممالمتحدة، حققت المملكة قفزة غير مسبوقة، حيث قفزت 25 مركزا في التصنيف العالمي في المؤشر العام إلى المركز السادس بعد أن كانت في المرتبة 31 في العام 2022. أما في الخدمات الرقمية فقد حققنا المرتبة الرابعة عالميا والثانية على مستوى دول مجموعة العشرين. توقف نجاح المملكة على استثمارها في البنية التحتية الرقمية، مع انتشار الإنترنت بنسبة 99 %، وتحقيق نسبة وصول بنسبة 98 % في الخدمات الحكومية التي يمكن الوصول إليها بالإنترنت، ومع تقدمنا في استثمار هذه البنية في المنصات الخدمية، فإن هذا التحول لا يتعلق بالتقنية فقط، بل يمثل تغييرا عميقا في منهجية العمل في المملكة سواء في القطاع العام أو الخاص. فقد لعبت الأدوات الرقمية دورا كبيرا في إيصال الخدمات إلى المستفيدين في كافة المجالات وكانت منصة أبشر رائدة في تبسيط العمليات التي كانت تستهلك وقتا وجهدا مثل تجديد جوازات السفر أو التقدم بطلب للحصول على تأشيرات، كانت هذه الخدمات مرتفعة التكاليف على الجهاز العام والمستفيدين على حد سواء، فجاءت هذه الأدوات الرقمية من منصات وتطبيقات لتخفف من الأعباء البيروقراطية. خلافا لما يمكن أن ينظر لهذه القفزة إلى المراتب عالميا كما لو كانت بنيت على مكاسب سريعة، فإن من عايش هذا التحول يعرف أن الزخم الذي تكون في السنوات الأخيرة جاء بعد تجربة عميقة في التحول الرقمي تعلمنا منها كثيرا في المملكة. نتيجة لذلك لن تجد فجوات رقمية تذكر في هذا التحول كما يحدث عادة عندما يتخلف الأقل حظا من الاستفادة من التقنية، لأن التحول بدأ مبكرا وتأسس جيدا. وفي خضم هذا النجاح، لا يجب أن ننسى أن مواصلة التقدم هي الهدف الحقيقي، وحيث إننا تجاوزنا دولا كثيرة كانت سبقتنا، فإن علينا أن نتذكر أن هذه البنية التحتية ملفتة للانظار ولا بد من حمايتها بالتقدم المستمر، صعودنا في تصنيف الأممالمتحدة شهادة على نجاح خططنا الاستراتيجية وقدرتنا على التنفيذ. ووجودنا في المقدمة يعني أننا نقود التحول الرقمي إقليميا ودوليا، لذلك، فإن التحدي الحقيقي يكمن في المستقبل، وهو الحفاظ على هذا التقدم مع تحقيق التوازن بين الريادة والفاعلية.