مع بداية الأسبوع الماضي أُعلن تحقيق المملكة لتقدم مشهود وفقًا لمؤشرات الأممالمتحدة في مسيرة التحول الرقمي، التي تخوضها بنشاط منقطع النظير لمواكبة التطورات العالمية في المجالات التقنية، فعلى سبيل المثال قفزت المملكة 9 مراكز على مستوى العالم في مؤشر الأممالمتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية، كما حلت على المرتبة ال27 على مستوى العالم في المؤشر الفرعي حول البنية التحتية الرقمية، وأصبحت بذلك الثامنة في المؤشر ذاته على مستوى دول مجموعة العشرين، أما فيما يتعلق بمؤشر «رأس المال البشري» فوصلت المملكة للمرتبة ال35 عالميًا متقدمة بواقع 15 مركزاً، كما جاءت الرياض في المرتبة العاشرة عالميًا بمؤشر التقنية الفرعي والمركز ال31 في التنافسية بين المدن، وذلك التقدم الملموس خير دليل قاطع ومادي على رجاحة استثمار المملكة منذ سنوات عدة في قطاع التقنيات والاتصالات، الذي لم ينضم لقائمة الأولويات سوى منذ عقود قليلة، إلا أن القيادة الرشيدة كانت على دراية بالأثر الخاص الذي يمكن أن يخلفه القطاع على شؤون الحياة كافة، ما إذا ازدهر بالقدر الكافي وتمكنت المملكة من جني ثماره. ولا يُقصد بالثمار هنا تحقيق تقدم على المقاييس الدولية فقط، فتلك المؤشرات إنما تعبر بحق عن تغييرات اقتصادية واجتماعية عميقة الجذور، شهدتها المملكة خلال الفترة الماضية، وطالت وسائل التواصل وأسواق العمل والخدمات الحكومية وتفاصيل معيشة المواطنين اليومية، وتجلت خير تجلٍ خلال الأشهر القليلة الماضية وبالتوازي مع تفشي جائحة «كوفيد - 19» وزيادة الضغط على المرافق الرقمية وخدمات الإنترنت، إلا أن المملكة عبرت الاختبار العسير بسلاسة ونجاح رجوعًا للاستثمار الحقيقي والفعال في البنية التحتية الرقمية، فتلك القفزة النوعية في مسيرة التحول الرقمي تمثل فقط بوابة عبور لمستقبل أكثر رحابة، وألوان أخرى من الرفاهية والاستقرار للمواطنين، فضلًا عن الأثر الحتمي للتقدم التقني وحُسن استغلال الأدوات الحداثية على القطاعات الحيوية بالمملكة كالتعليم، وهو قطاع لصيق الصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومُرشح بقوة للاستفادة من الاستثمار فيه. ومن جهة أخرى، تجني المملكة بالفعل بعض ثمار التحول الرقمي المتعلقة بتدعيم دورها الإقليمي والدولي، ومسيرتها الدبلوماسية، فالرقمنة لغة المُستقبل والتمكن من أدواتها هو السبيل الأيسر لمخاطبة العالم مع القيام بدور فعال في القضايا المطروحة على طاولات التداول.