بدءًا من عمق الصحراء إلى آفاق المستقبل، نسجت بلادنا حكاية توحيد لا مثيل لها، ومع حلول اليوم الوطني، نعود نستذكر تلك اللحظة الفارقة التي ولدت منها دولة عربية إسلامية متلاحمة قيادةً وشعب، أضاء نجمها سماء العالم. في اليوم الوطني السعودي 94، نحتفل بذكرى تاريخية تبرز مسيرة التحول والتطور التي شهدتها المملكة منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه - ثم واصل المسيرة أبناؤه الملوك البررة -رحمهم الله-، والملك سلمان -حفظه الله-. يعود تاريخ هذه المناسبة إلى 23 سبتمبر 1932م عندما أعلن الملك عبدالعزيز توحيد المملكة تحت راية واحدة بفضل الله ثم إرادته القوية وحكمته ومشاركة رجاله المخلصين الذين وقفوا صفّاً واحدًا مع قائدهم، وساهموا بكل ما أوتوا من قوة في بناء الوطن، فكانوا الجنود الأشداء في المعارك، والأيادي المخلصة في بناء نهضة الوطن، والمزارعون الذين أخصبوا الأرض، والتجار الذين نشروا خيرات وإنتاجات وطننا؛ فتحولت إلى دولة حديثة تزخر بالبنية التحتية المتطورة والاقتصاد المتنوع، وحققت إنجازات عظيمة في مجال التعليم والصحة، وأصبحت رائدةً في مجال الطاقة. هذه البداية لم تكن سهلة، فقد واجهت المملكة تحديات جمة، لكن بإصرار القيادة، أصبح لدينا دولة قوية حققت إنجازات على مختلف الأصعدة، فبات قوة اقتصادية بارزة بفضل اكتشاف النفط وأصبحت من أهم اللاعبين في سوق الطاقة العالمية، ومع تنامي الاقتصاد. على الصعيد الإقليمي والدولي، أثبتت المملكة دورها كمحور رئيس، من خلال مشاركتها في منظمات دولية وإقليمية مثل منظمة التعاون الإسلامي ومجموعة العشرين، أصبحت السعودية لاعبًا أساسيًا في صياغة السياسات العالمية وتعزيز الاستقرار الإقليمي. لم تقتصر إنجازاتها على الاقتصاد والسياسة فحسب، بل شملت قضايا إنسانية وإغاثية، ودعمت التنمية في الدول النامية كما أنها تسعى إلى تعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات، مما يعكس التزام المملكة بدعم المبادرات العالمية والإقليمية، وقد مثلت المملكة دوراً بارزاً في تقدمها لاستضافة العديد من القمم العالمية والمؤتمرات الدولية واستعدادها لاستضافات المحافل الكبيرة أبرزها إكسبوا وكأس العالم، كما لا يمكن تجاهل الدور الحيوي الذي لعبه الشعب السعودي في هذا المسار، فقد كان المواطنون السعوديون جزءًا لا يتجزأ من قصة النجاح، من خلال عملهم الجاد وتفانيهم في خدمة وطنهم، مما ساهم في تحقيق التنمية والازدهار، إن التزامهم وعملهم المستمر كانا أساسين في بناء المملكة وتحقيق أهدافها. وفي الوقت الذي نحتفل فيه باليوم الوطني، نرى رؤية 2030 كخطوة استراتيجية نحو تحقيق مستقبل أكثر إشراقًا، تحت قيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تُعَتَبر رؤية 2030 خطة طموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتعزيز القطاعات غير النفطية مثل: السياحة والتقنية والثقافة والترفيه وبرنامج جودة الحياة. بدأت هذه الرؤية تؤتي ثمارها، مع زيادة الاستثمار في البنية التحتية، وتحسين مستوى التعليم، وتعزيز الابتكار والبحث العلمي، وتمكين الشباب، وبناء مجتمع حيوي ومبدع. تعتبر رؤية 2030 بوابة لتحقيق التنمية المستدامة ورفع جودة الحياة، مما يعزز مكانتها كقوة اقتصادية وثقافية عالمية. عبدالله بن يوسف العثمان