في الحياة اليومية، تظهر الكثير من الصراعات والتحديات التي تتطلب منا التصرف، سواء عن طريق المواجهة المباشرة أو التجنب، وهما استراتيجيتين أساسيتين في التعامل مع المشاكل والصعوبات، سواء على المستوى النفسي أو الاجتماعي، فالمواجهة Confrontation مفهوم يتخذ أبعادًا متعددة تمتد من النطاق النفسي إلى الاجتماعي، حيث تتقاطع فيها خيوط الشد والجذب بين الفرد والمحيط الذي يعيش فيه. المواجهة هي استراتيجية مهمة في التعامل مع المشاكل والصعوبات، فهي تساعد في حل المشاكل والصعوبات بطريقة فعالة، حيث يتم التعامل مع الأمور بشكل مباشر وصريح، وعندما نواجه التحديات ونتغلب عليها، يزيد ذلك من ثقتنا بأنفسنا وقدرتنا على التعامل مع المواقف الصعبة، والمواجهة البناءة تساعد في تحسين العلاقات الشخصية والاجتماعية، من خلال التواصل الصريح وفهم احتياجات الآخرين، ومن خلال مواجهة التحديات، يمكن للفرد أن يتطور وينمو شخصيًا. ولكن قد تسبب المواجهة المستمرة للصعوبات في زيادة مستويات الضغط النفسي والقلق، وفي بعض الحالات، قد يؤدي الاصطدام المباشر إلى نشوب صراعات ومشاكل بين الأفراد، وقد يصعب على الأفراد فهم وتقبل وجهات نظر الآخرين عند المواجهة، مما يزيد من حدة الصراع، وقد تؤدي المواجهة غير البناءة إلى تعقيد العلاقات بدلاً من تحسينها. هناك عدة أسباب قد تجعل البعض يخافون من المواجهة، فقد يخاف البعض من ردود الفعل العاطفية القوية التي قد تنجم عن المواجهة، مثل الغضب أو الحزن، وهذا يمكن أن يكون مرهقاً عاطفياً، ويخشون تبعاتها السلبية، مثل تدهور العلاقات أو زيادة التوتر، وبعض الأشخاص قد يكونون غير قادرين على التعامل بفعالية في مواجهة الصراعات والصعوبات العلاقية، ويمكن أن يكون التفكير في المواجهة مثيرًا للقلق بسبب مجموعة معقدة من العواطف مثل الخجل أو العار، وبعض الأشخاص يخشون أن المواجهة قد تؤدي إلى فقدان السيطرة على الوضع، مما يثير لديهم شعورًا بعدم الأمان، والبعض يخافون من المواجهة لأنهم يفضلون تجنب الصراعات والتوترات، حتى لو كان ذلك يعني تجاهل المشكلة. التجنب Avoidance كاستراتيجية أخرى في التعامل مع المشاكل والصعوبات يساعد في الحفاظ على الراحة النفسية قصيرة الأجل، حيث يتجنب الفرد التعامل مع المواقف الصعبة مباشرة، وعندما يتجنب الفرد المواجهة المباشرة للصعوبات، قد يساعد ذلك في تقليل مستويات التوتر والقلق، ويمكن أن يسهم في الحفاظ على السلام الاجتماعي وتجنب الصراعات المحتملة مع الآخرين. التجنب هو كيفية تجنب الأشياء التي نخاف منها دون النظر إلى الأسباب، وهو ليس حلاً، فهو مجرد طريقة لتأجيل المشاكل إلى وقت لاحق، فهو مثل الثلج على الطريق؛ يعطل الحركة ويجعل الحياة تبدو أكثر جمالاً، ولكن في النهاية يذوب وتظهر المشاكل، وهو يعطي شعورًا بالراحة قصيرة الأمد، ولكنه يؤدي إلى مشاكل أكبر في المستقبل، فالتجنب لا يحل المشاكل، بل يعمقها، وهو يمنع ويحد من التعلم والنمو، وهو عملية تدميرية تتخذها العقول لتجنب الصدمات النفسية. ولكن قد يؤدي التجنب إلى تأجيل المشاكل وعدم حلها، مما يمكن أن يزيد من تعقيد المواقف في المستقبل، وعندما يتجنب الفرد المواجهة، قد يمنع نفسه من التطور الشخصي والنمو، وقد يؤدي إلى ضعف التواصل والفهم بين الأفراد، مما يمكن أن يؤدي إلى تباعد العلاقات، وعندما يتجنب الفرد التعامل مع المشاكل في الحاضر، قد يزيد من قلقه المستقبلي وتوتره بشأن تلك المشكلات. بداية الحل هي المواجهة، فإذا كنت لا تتحدى نفسك، فلن يحدث أي تغيير، فالمواجهة تعني تقبل الحقيقة بكل صدق، وهي ليست بالضرورة حلاً، لكنها خطوة أساسية نحو النمو، وتمنحك الفرصة لتغيير الأشياء التي لا ترضيك في حياتك، والمواجهة الصحيحة تتطلب شجاعة القلب وقوة العزيمة، وعندما تواجه المشاكل بثقة، تظهر قوتك الحقيقية، وهي الخطوة الأولى نحو تحقيق التغيير والنمو الشخصي، وأن تكون صادقًا مع نفسك وتواجه الواقع كما هو، وتمنحك الفرصة لتحقيق النجاحات التي لم تكن تعتقد أنك قادر عليها.. يقول (David Schwartz): التجنب هو رد فعل قائم على الخوف، بينما المواجهة هي رد فعل قائم على الشجاعة.