منذ وصولي إلى المملكة العربية السعودية في عام 2019، كانت مهمتي تتعلق باستكشاف وفهم التجارب والتحديات والفرص التي تواجهها النساء في مشاريعهن الريادية. خلال هذه الفترة، اكتشفت نسيجًا غنيًا ومتنوعًا من قصص ريادة الأعمال، حيث تتشكل كل قصة ضمن إطار التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمؤسسية التي تشهدها المملكة في إطار رؤيتها 2030. وقد يفاجئ البعض من ترتيب المملكة في المركز الثالث عالميًا في تعزيز منظومة ريادة الأعمال وفقًا لتقرير مرصد ريادة الأعمال العالمي (GEM) 2023-24، حيث تشهد تطورًا ملحوظًا يعكس الجهود الحثيثة في التنويع الاقتصادي ودعم مناخ المشاريع الريادية. وليس من المستغرب أن تكون نسبة النساء اللاتي يبدأن أعمالهن التجارية ثماني نساء مقابل كل عشرة رجال، مما يبرز الدور المتنامي للنساء في هذا المجال. وعلى الرغم من هذا النجاح، يشير التقرير نفسه إلى أن المملكة إلى جانب دول الخليج الأخرى، تمتلك واحدة من أعلى معدلات خروج من الأسواق للشركات الناشئة على مستوى العالم، حيث تُغلق نحو 8٪ من الشركات الصغيرة في المملكة. بناءً على هذه المعطيات، ركزت في بحثي الشامل على دراسة الشركات الناشئة التي تقودها رائدات الأعمال، وكذلك الشركات التي خرجت من السوق، بهدف تحديد السبل التي يمكن من خلالها تعزيز استدامة المشاريع الريادية، وتقديم الدعم اللازم للنساء المشاركات فيها لتمكينهن من النجاح والتفوق في مجال الأعمال. وقد أبرزت دراسة أخرى عملت عليها على الأدوار الحيوية التي يلعبها التعليم والشبكات المهنية المتنوعة في تمكين رائدات الأعمال في المملكة. ومع أن هناك اعترافًا متزايدًا بأهمية تعليم ريادة الأعمال وتطوير المهارات الريادية، إلا أن هناك بعض المناطق في المملكة التي لا تزال تعاني من حواجز هيكلية تمنع النساء من تحقيق إمكانياتهن الكاملة في ريادة الأعمال. على سبيل المثال، تظل التحديات مثل الوصول المحدود إلى التمويل وغياب التوجيه من العقبات الكبيرة، خاصةً في المناطق البعيدة عن المدن الكبرى مثل الرياضوجدة والدمام. لذلك، هناك حاجة ماسة إلى مبادرات أكثر شمولاً تهدف إلى تقديم الدعم والتوجيه في جميع أنحاء المملكة، وليس فقط في المراكز الحضرية الكبرى، بالإضافة إلى إنشاء منظومات شاملة لريادة الأعمال، تُتيح للنساء في جميع أنحاء المملكة الوصول إلى الموارد والتدريب والتوجيه، وهذا يعد أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز بيئة ريادية مزدهرة وشاملة. في هذا السياق، أشعر بالفخر لقيادة برنامج إرشادي يركز على تعزيز القيادة الريادية النسائية في المملكة، حيث يجمع هذا البرنامج بين كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال وجمعية النهضة ومركز بابسون العالمي للقيادة الريادية، بهدف تقديم الدعم الشامل للنساء الطموحات في مختلف أنحاء المملكة. ومن المجالات الأخرى المثيرة للاهتمام التي تناولها بحث آخر هي الأدوار التي تلعبها النساء في الشركات العائلية السعودية، حيث يشهدن مشاركة متزايدة في تولي أدوار قيادية. إن تسليط الضوء على هذه الاتجاهات يسهم إلى حد بعيد في تشجيع تحول في مفاهيم ثقافية، تعترف بمساهمات النساء وتقدر دورهن في دعم وتنمية الشركات العائلية، وكونهن مثالا يحتذى به ومرشدات لرائدات الأعمال الطموحات الأخريات، مما يعزز من وجود المرأة في مشهد الأعمال، ويشجع المزيد من النساء على الانخراط في أدوار قيادية داخل وخارج نطاق الشركات العائلية. آمل أن يلهم عملي البحثي الشامل صناع السياسات والعلماء والممكّنين للاعتراف بالإمكانات التحويلية لريادة الأعمال النسائية وقبولها، ليس فقط لصالح النساء أنفسهن، بل أيضًا لصالح أطفالهن وأسرهن ومجتمعاتهن. لذلك، من خلال الدعوة إلى إنشاء بيئة ريادية أكثر شمولاً ومساواة في جميع أنحاء المملكة، حيث يمكن للنساء في السعودية تحقيق تطلعاتهن الريادية والمساهمة بفعالية في التحول المستمر والتنمية والنمو الذي تشهده المملكة، يمكن أن تصبح ريادة الأعمال النسائية قوة دافعة تعزز من التقدم الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. * بروفسورة ريادة الأعمال ومديرة مقرر تجربة التعلم المتميزة كلية الأمير محمد بن سلمان للأعمال وريادة الأعمال