في الكلمة التي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة في اجتماع الدورة السابعة والستين للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، المنعقد في العاصمة النمساوية فيينا في الفترة 25 - 29 سبتمبر 2023، أكد سموه في مُستهل حديثه التزام المملكة بسياستها الوطنية للطاقة النووية التي تضمن أصدق معايير الموثوقية وتطبيق أعلى المستويات الأمنية، كما أبان سموه أن المملكة تؤمن بالإسهامات الإيجابية للطاقة النووية في أمن الطاقة واستخداماتها المتعددة وفوائدها الاجتماعية ومزاياها الاقتصادية، مُوضحًا أن المملكة، انطلاقًا من هذا التوجّه الثابت واليقين الراسخ، تعمل على تطوير الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في مختلف المجالات الإنسانية بالتفاهم والتنسيق والتعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقًا لأفضل التجارب الدولية والممارسات الشفافة في هذا الخصوص، بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرات والخدمات الاستشارية التي تقدمها الوكالة في مجال تطوير البنية التحتية والقدرات البشرية في هذا الشأن، بما في ذلك مشروع المملكة الوطني للطاقة النووية بما يحتويه من مكونات أحدها مشروع بناء أول محطة للطاقة النووية في المملكة. كذلك أشار سموه إلى تطلُّع المملكة نحو تفعيل مركز تعاونٍ إقليمي مع الوكالة لتطوير القدرات البشرية في مجالات التأهب والاستجابة للطوارئ الإشعاعية والنووية، والجوانب الرقابية والوقائية الأخرى على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، وفي هذا بلا شك تجسيد لتضافر الجهود الدولية لتنفيذ أحكام معاهدة عدم الانتشار النووي في الشرق الأوسط وجعله منطقة خالية من الأسلحة النووية. وفي إطار تعبير سموه عن تقدير قيادة المملكة لجهود الوكالة وموظفيها، والمبادرات المتميزة التي أطلقتها الوكالة لتسخير التقنية النووية للاستخدامات السلمية، وإيجاد حلولٍ للتحديات العالمية في بيئة آمنة من التهديدات النووية، أعلن سموه عن دعم المملكة لمبادرة "أشعة الأمل"، التي أطلقتها الوكالة، بمبلغ مليوني ونصف المليون دولار، من أجل المساعدة في إنقاذ الأرواح، والتصدي لأعباء الأمراض الخبيثة وتداعياتها الضارة جراء استخدام تقنيات الطاقة النووية، مُبيناً أن هذا الدعم يأتي من المملكة مساهمة في جهود الوكالة ومبادراتها الدؤوبة المتميزة لخدمة البشرية. كما هنأ سموه الوكالة والدول الأعضاء باقتراب بدء تشغيل مركز تدريب الأمن النووي، في مختبرات التطبيقات النووية في زايبرسدورف، بالنمسا التي تنفذ الأنشطة التي تلبي الاحتياجات الإنمائية للدول الأعضاء في الوكالة المقرر افتتاحه في شهر أكتوبر من هذا العام وهو المشروع الذي بادرت المملكة بطرح فكرة تأسيسه ودعمه ماليًا، بتعاونٍ من دولٍ أخرى، موضحًا سموه أن المملكة تتطلع إلى أن يكون مركزًا دوليًا للأمن المرجعي ورافدًا أساسيًا يُمكّن الوكالة من تكاتف وتعزيز قدرات جميع الدول الأعضاء في العديد من مجالات الأمن النووي. وفي كلمة سموه عبَّر عن إشادة المملكة بحرص الوكالة على الحفاظ على حيادها، وبجهودها المتميزة في التعامل مع قضايا عدم الانتشار النووي من منطلق الحفاظ على مسؤولياتها تجاه الضمانات والتحقق، إلى جانب ما تبذله من جهود لتأكيد أن هذه الأنشطة ما هي إلا مبادئ أساسية وجوهرية تُسهم بفاعلية في تنمية الاستخدامات السلمية للأغراض الإنسانية للطاقة النووية مؤكّداً سموه حق الدول الأصيل في الاستفادة من التقنيات النووية السلمية، بما فيها دورة الوقود النووي، واستغلال ثرواتها الطبيعية من خامات اليورانيوم تجارياً، بما يتوافق مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. من خلال حديث سموه يبرز مدى دعم المملكة للوكالة من أجل تسخير التقنية النووية لخدمة البشرية، ودعوتها المجتمع الدولي إلى التعاون الإيجابي نحو دعمها وتطويرها، والتصدي بحزم لجميع محاولات الاستخدام غير الأمن والسلمي للتقنيات النووية. والمملكة ترنو في مسارها لاستخدام الطاقة النووية أن مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة تمضي قدمًا وبخطى متسارعة لتحقيق الريادة العالمية في الطاقة المتكاملة، ولنقلة جذرية تتنظر صناعة الطاقة الذرية والمتجددة والتي بدورها سوف تسهم في تحقيق رؤية ومستهدفات المملكة 2030، حيث ارتكزت الخطط على أن تكون المدينة منارة علمية مشرقة ومركزًا بحثياً متميزًا من شأنه أن يسهم في التنمية في المملكة من خلال البحث والتطوير في المجالات ذات الصلة بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وتطبيقات الطاقة المتجددة. وتأتي هذه الوثبة الواثقة التي لا تعترف بالمستحيل من عظم مهام المدينة والتي تعمل على تنفيذ عدد من مكونات المشروع الوطني للطاقة الذرية في المملكة بالإضافة إلى تنفيذ أعمال مبادرة توطين تقنيات الطاقة المتجددة اللازمة للمملكة لدعم قطاعات الطاقة وتحلية المياه ومبادرة تأهيل رأس المال البشري اللازم لقطاعي الطاقة الذرية والمتجددة ضمن برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية، أحد برامج رؤية المملكة 2030. * الأستاذ بجامعة الملك سعود