أثناء زيارة وزير التجارة ماجد القصبي سوق التمور ببريدة، ومن باب استشعار المسؤولية من المسؤول تجاه المواطنين العاملين بتجارة التمور، كان سؤال معاليه لتاجر تمور عن المشاكل التي تواجههم، لمحاولة حلها وتذليل الصعوبات والعقبات، والمفاجأة أن رد التاجر كان مختلفا وذا بعد كبير بمضمونه، ولا يتعلق الأمر بصفة عملية بوزير التجارة! المشكلة الكبرى التي عرضها التاجر على وزير التجارة هي مشكلة "النقل المكذوب" لنشاطهم من وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل غياب الإعلام الرسمي كما يذكر، كلام خطير ونعاني منه بالفعل نحن جميعا في جميع المجالات وليس فقط بسوق تمور بريدة. المبالغة في التركيز على أمور بهدف الإثارة، والتركيز على تفاصيل محدودة تتعلق بارتفاع أسعار بعض أنواع التمور النادرة وتعميمها كقياس للسوق بصفة عامة، مُضرة لهذا السوق وللتاجر وللاقتصاد الوطني، سيكون هناك ابتعاد من المتسوقين، وسيكون هناك استغلال من بعض التجار لرفع الأسعار بالاعتماد على المؤثرين بوسائل التواصل الاجتماعي، والنتيجة خسارة للكثيرين والانتقال من المرحلة التجارية إلى المرحلة الإعلامية المبالغ فيها. التاجر كان يطالب بالإعلام الرسمي الرصين، الذي ينقل الحقائق كما هي، الإعلام الذي اعتاد عليه هذا التاجر وزملاؤه، بالإمكان أن تكون أيضا وسائل التواصل الاجتماعي "مُنصفة" لو تم التعامل مع ما تنقله بثقافة مختلفة، ورقابة أيضا، وأقول ثقافة، لأن معاناة هذا التاجر وزملائه، لو لم تكن كبيرة، لما تغاضى عن الكثير من المشكلات التي تواجههم تجاريا، وركز مع وزير التجارة إعلامياً، صحيح أن الوزير لديه خبرة إعلامية إبان توليه وزارة الإعلام كمكلف، ولكن سؤاله هنا كان بما يتعلق بوزارته الأصلية. المعاناة مع وسائل التواصل الاجتماعي قصة لا تنتهي، لأنها قنوات يمتلكها أي فرد لمجرد امتلاكه لجهاز الجوال، الكل يعتبر نفسه وسيلة إعلامية، البعض يعتقد أن نقل الأمور المبالغ فيها وتضخيمها، هو النجاح له وتحقيق "الترند"، العملية مختلفة عندما تكون لأمور حيوية وحساسة، من المهم أن نعيد الاستماع لهذا التاجر وزملائه، ومعالجة الإشكالية التي يعانون منها، وتفاديها بالمواسم القادمة، لأن الموضوع يمس سلعة اقتصادية مهمة، ويمكن أن تكون هذه الإشكالية كنموذج لمعاناة الكثيرين من الإفراط في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لمناحٍ كثيرة في حياتنا دون وعي أو "كنترول".