تحتضن العاصمة المقدسة أول حديقة حجرية على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 1000 متر مربع، والتي سيتم تنفيذها في حي النزهة بشارع عبدالله عريف بمكةالمكرمة. يأتي ذلك ضمن مشاريع الحدائق التي تنفذها أمانة العاصمة المقدسة، حيث وضعت حجر الأساس لمشروع الحديقة الحجرية، التي تهدف إلى استغلال المواد المعاد تدويرها والاستفادة من مخلفات القطع الصخري الناتجة عن بعض المشاريع في مكةالمكرمة، وتحسين المسطحات الخضراء والمرافق العامة، وتحقيق مفهوم الاستدامة البيئية، وتوفير أماكن فريدة تجمع بين الجمال الطبيعي والتراث المحلي من خلال استخدام موارد محلية وتقنيات مستدامة. وتهدف هذه المبادرة إلى تحقيق مفهوم الاستدامة البيئية، حيث تُعد مثالًا حيًا للاستغلال الأمثل للموارد المادية والطبيعية والإمكانات المتاحة بشكل فعال ومتوازن بيئيًا وعمرانيًا، والحفاظ على المرافق العامة، والرفع من جودة الحياة بتقديم الحلول الابتكارية، وتعزيز المشاركة المجتمعية من خلال إشراك الفرق التطوعية ورفع مستوى الوعي الإنساني ومستوى الثقافة البيئية لأفراد المجتمع تجاه الحفاظ على البيئة وتعزيز السلوك الإسلامي القويم الذي يرسخ العلاقة المتبادلة بين الإنسان والبيئة. بالإضافة إلى ذلك، تساهم المبادرة في تحقيق وفر مالي وتقليل تكلفة تغطية المسطحات والمرافق العامة بمكةالمكرمة. ومن أهم الأهداف التي تسعى الأمانة إلى تحقيقها من خلال هذه المبادرة الاستفادة من مخلفات القطع الصخري الناتجة عن عدد من المشاريع في العاصمة المقدسة، مثل مشروع الطريق الدائري الرابع، ومشروع شركة ذاخر للتطوير، ومشروع الطريق الدائري الثالث، وعدد من مشاريع بلدية عسفان. وتم تنفيذ المبادرة من خلال عدد من الإدارات المعنية بالأمانة، مثل بلدية العتيبية الفرعية، والإدارة العامة للحدائق، والإدارة العامة لتشغيل وصيانة الطرق والإنارة، والإدارة العامة للخدمات الاجتماعية، والإدارة العامة للنظافة. وتتميز الحديقة الحجرية بأنها نُفذت من مواد صديقة للبيئة، مما يتيح إضافة مرافق جديدة مثل مناطق الجلوس، وممرات تعليمية حول الأحجار، ومناطق لعب الأطفال، كما أن الصخور والأحجار المستخدمة هي مواد متينة وسهلة التنظيف والصيانة، مع تقليل الحاجة إلى الصيانة الدورية، إضافة إلى ذلك، تتميز باستخدام تصميمات بسيطة ومكونات متوفرة محليًا مثل الصخور والأحجار الناتجة من مخلفات الأعمال الجارية في محيط المواقع المقترحة، مما يسهل عملية التنفيذ ويقلل من التكاليف والجهد اللازمين. تعتمد الحديقة على توفير استهلاك المياه باستخدام الصخور والأحجار المتوفرة من مخلفات المشاريع، وتبني تصاميم مرنة يمكن تعديلها لتناسب مختلف المواقع في مكةالمكرمة، بالإضافة إلى وضع خطط للصيانة الدورية بتقنيات عالية للحفاظ على الحديقة بأقل تكلفة ممكنة، واستخدام مبادئ التصميم المستدام السلبي الذي يمكن تطبيقه في أي بيئة مشابهة، مما يعزز إمكانية نقل التجربة إلى أماكن أخرى. وتم تصميم الحديقة بطريقة مرنة تسمح بالتكيف مع التحديات المناخية، واعتماد تصاميم متنوعة تتناسب مع تغييرات درجات الحرارة وكميات الأمطار. يمكن تعديل أجزاء الحديقة بسهولة حسب التغيرات، مع استخدام الأحجار المحلية الملائمة لتحقيق استدامة أكبر من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، وذلك عبر تركيب أضواء الحديقة التي تعمل بالطاقة الشمسية لتقليل استهلاك الكهرباء من الشبكة العامة وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية التي تنتج انبعاثات الكربون. تجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرة تجسد مفهوم حماية البيئة الذي يُعد أحد أجندات رؤية المملكة 2030 لتعزيز الاستدامة البيئية وتقديم مشاريع مبتكرة تعزز من جودة الحياة لسكان المملكة وزوارها، وذلك سعيًا لتحقيق أعلى مستوى من نماذج التنمية المستدامة التي توازن بين التقدم الاقتصادي وحماية البيئة، مما يجعلها إضافة قيمة للمشاريع البيئية في المملكة بشكل عام، وفي مكةالمكرمة بشكل خاص. وقد حصدت أمانة العاصمة المقدسة مؤخرًا إحدى الجوائز الأولى على مستوى أمانات المملكة عن ملف «الحديقة الحجرية» ضمن جائزة وزارة البلديات والإسكان «بصمة بلدي»، التي تنظمها وكالة الإسكان التنموي، بهدف تشجيع الابتكارات والمبادرات الفردية والمؤسسية لتحسين المشهد الحضري في المرافق العامة في مختلف مدن المملكة.