في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، نشأ سليمان الوايلي في بيت يعج بالعلم والمعرفة، حيث بدأ شغفه بالكتب يتشكل منذ نعومة أظفاره. هذا الشغف المبكر قاده ليصبح أحد الجنود المجهولين الذين يسهمون بشكل غير مباشر ولكن جوهري في إثراء المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية. كانت انطلاقته من حي الروابي شرق الرياض، حيث أسس "المكتبة التراثية" التي سرعان ما أصبحت ملاذًا للمثقفين والأدباء وعشاق القراءة. لأكثر من ثلاثين عامًا، كان الوايلي يسقي نبتته المعرفية بعناية وحب، دون النظر للكسب المادي. بدلاً من ذلك، كان يستمتع بتوفير الكتب لمحبيها، ويحرص على تزويدهم بمئات العناوين التي يجلبها من معارض الكتاب ودور النشر العريقة في الوطن العربي. "أبو وايل"، كما يحب أن يُنادَى، لم يكن مجرد تاجر كتب، بل كان صديقًا للكتاب والمثقفين، ومرجعًا يُعتمد عليه في عالم الكتب، سواء القديمة أو الجديدة. عُرف ببساطته ولطفه، وكذلك بشطارته في توجيه القراء إلى العناوين المهمة، لدرجة جعلت منه مقصدًا أساسيًا للقارئ السعودي، مغنيًا إياه عن البحث في مكتبات القاهرة وبيروت والبحرين. الكاتبة الجزائرية فضيلة الفاروق وصفت بائع الكتب المثالي بأنه يجب أن يكون شخصًا تتدفق الكتب في دمه، وأنه يدرك أن للكتب أرواحًا: روح كاتبها، وروح قارئها، وأرواح شخصياتها. هذه الروحانيات هي ما يجسده الوايلي في مسيرته. ختاماً، نسلط الضوء على هذا الرمز الثقافي المتواضع، الذي يفضل البقاء بعيدًا عن الأضواء والمقابلات. وندعو المؤسسات الثقافية إلى تكريمه على دوره التنويري والمعرفي الذي لا يُقدّر بثمن حسين الحربي