«الشورى» مبدأ إسلامي، يستمد مشروعيته من القرآن الكريم، والسنة النبوية والشريفة، وهي منهاج مرتبط بالشريعة الإسلامية، كما هي قاعدة عميقة الجذور، واسعة النطاق في نفوس الأفراد، وفي كيان المجتمع المسلم، والمتتبع لتاريخ الحكم في المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها يجد أنه قام على منهج الشورى، الذي استمر دون انقطاع منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - يرحمه الله - حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - يحفظه الله -، وتعد تجربة الشورى في المملكة تجربة ثرية في مراحل تطورها، وفي ممارستها وما شهدته من نقلات تطويرية عبر تاريخها لتتواكب مع مستجدات العصر والمتغيرات الداخلية والخارجية، وليست هي مستمدة فقط من روح الشريعة الإسلامية الخالدة، بل هي منتمية لإرث وطني عريق، وغني بصور التلاحم والتواصل العاطفي بين القيادة والشعب، إضافة لمكانة المجلس التي تتعزز من خلال اختيار الشوريين بعناية، ومنحهم صلاحية التعبير عن كافة الأطياف بحكمة ورعاية مصالح، على هدي رؤية تُعلي شأن لُحمتنا الوطنية، وتوطّد عراها المؤصلة لمنهج التكامل بين مؤسسات الدولة، وفق منهجٍ ناصع العطاء والأداء، وتجعل المواطن شريكا فاعلا في صناعة القرار. في هذا المقال الموجز نقف مع مواطن صالح تقلد مناصب عدة وانتهى إلى الفوز بثقة ملكية حينما تم اختياره ليكون عضواً بمجلس الشورى لثلاث دورات متتابعة بدأت بالسادسة وانتهت بالثامنة، 12 عاماً كان فيه عساف بن سالم أبوثنين يحمل هم الثقة الملكية وأمانة المسؤولية والصوت الرصين للمواطن مشاركاً زملاءه الأعضاء مهمتهم في إبداء الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إلى مجلس الشورى من رئيس مجلس الوزراء، ومناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإبداء الرأي نحوها، ودراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات، واقتراح ما يراه بشأنها، وتفسير الأنظمة، إضافة إلى مناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات، والأجهزة الحكومية الأخرى، واقتراح ما يراه حيالها، وكان الأستاذ عساف في طرحه يتميز بملامسة المشكلات مباشرةً سواء في تقارير الأداء السنوي للوزارات والهيئات وأجهزة الدولة المختلفة أو مشروعات الأنظمة ويقترح ما يراه حلاً لتلك المشكلات أو المعوقات مبتدأ بالمواطن ومنتهياً به وباختصار غير مخل وإطالة غير مملة، فكانت له ملاحظات ومداخلات ومداولات ومطالبات في معالجة البطالة وتوظيف المواطنين والمواطنات والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وتجويد التعليم والصحة ومشكلات الإسكان والعقار وغيرها من الملفات التي يدرسها مجلس الشورى عبر لجانه المختلفة ويشخص مشكلاتها ويضع الحلول والعلاج، واجتهد في أن يكون أهلاً لتحقيق أهداف القيادة الرشيدة من إنشاء مجلس الشورى وجعله ركيزة أساسية في حكمها، تثبيتاً لأمر المشاورة وفق الأسس الشرعية، وذراعاً للتشريع وتنمية الوطن والمواطن. وخلال خبرتي التي تجاوزت 17 عاماً في حضور ومتابعة ونقل وقائع أعمال جلسات الشورى وأنشطته الكثيفة التي فتحت رئاستها مشكورة الباب للإعلام لحضور الجلسات ونقلها للمواطن، فقد وجدت الأستاذ عساف يعمل بصمت دون استدعاء الإعلام أو لفت انتباهه وكنت حريصاً على تدوين مداخلاته بعناية، وقد بث خبرته في لجان وموضوعات متعددة خلال عضويته في الشورى، ومن ذلك لجنة الشؤون الأمنية ونائب رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الثامنة في الدورة السادسة ثم رئيساً لها في الدورتين السابعة والثامنة، ورئيس لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى في دورته الثامنة، ورئيس اللجنة المشكلة في مجلس الشورى للجنة العليا للعلاقات السعودية الإفريقية، كما كان عضواً في البرلمان العربي منذ عام 1442 وعضو اللجنة السياسية والأمنية وأيضاً عضو لجنة فلسطين في البرلمان العربي حتى العام الجاري، يضاف إلى ذلك أنه عضو مؤسس الجمعية الخيرية بمدينة رماح التي شهدت ولادته عام 1375 وعضو لجنة التطوير وتنمية الموارد بالجمعية الخيرية لرعاية الأيتام (إنسان) بالرياض، وعضو مجلس إدارة المسؤولية الاجتماعية بالرياض حتى عام 1432 وعضو ثم رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لمساندة كبار السن (وقار) حتى عام 1443ه. ودون شك أن من المحطات الفاعلة والرئيسة في صقل خبرات الأستاذ عساف أبوثنين هي عمله مستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حينما كان أميراً لمنطقة الرياض، وكونه أيضاً مديراً عاماً للمكتب الخاص، وقد تقلد وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، وكذلك وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الرابعة. نسأل الله لعضو الشورى السابق عساف أبوثنين التوفيق، وهو أينما حل نفع ولعلنا نراه في موقع آخر ضمن أجهزة الدولة الغالية. عبدالسلام بن محمد البلوي