قطاعا التعليم والعمل تغيرا بشكل جذري في الأعوام الأخيرة، ويعود ذلك إلى رؤية المملكة التي تعمل على بناء مواطن منافس على المستوى العالمي في تأهيله ومهاراته، وتهتم بضرورة التدريب العملي أثناء الدراسة الجامعية ولمدة لا تقل عن ستة أشهر، وبواسطة مكاتب خدمات التوظيف في بعض الجامعات، أو البرامج المشتركة بين الجامعات وجهات التوظيف، وبما يضمن وظيفة للطلبة بعد التخرج.. وزارة التعليم تحولت إلى جهاز تشريعي منذ عام 2023، وهذا فيما يخص التعليم العام، واهتمامها أصبح محصوراً في الأمور التربوية، أما الجانب التشغيلي فهو من مسؤولية شركة (تطوير)، والجامعات -مثلما نعرف- أصبحت مستقلة في قرارها المالي والإداري، ورغم ترؤس الوزارة لمجلس شؤون الجامعات، إلا أن سلطتها عليه إشرافية، ولا تتدخل إلا في سياساته العامة، ومجلس الجامعات قرر في 2022، مضاعفة القبول في كليات الصحة والهندسة والتقنية وإدارة الأعمال، وخفض القبول إلى النصف في التخصصات غير المتوافقة مع احتياجات سوق العمل، كالعلوم الإنسانية والترجمة، والتوسع في تطبيق الشهادات الاحترافية والمهنية في كل التخصصات، وقياس نسبة توظيف الخريجين في كل تخصص، ولا يغير في ذلك كون الدوام جزئياً أو كلياً، ومتوسط الراتب الشهري، الأساسي والإجمالي، للخريجين العاملين، وبطريقة تشبه عمل تطبيق (أوديماتيك) الفرنسي، الذي يقيس نسب المشاهدة الفعلية للبرامج التلفزيونية، ويتم بناء عليه، اتخاذ قرار بالإبقاء عليها أو إلغائها. حتى التخصصات التي يتم فيها الابتعاث الخارجي، في الوقت الحالي، تحددها لجنة وزارية برئاسة وزارة الموارد البشرية، وبما يحتاجه سوق العمل، والابتعاث لمرحلتي الماجستير والدكتوراه لا يكون إلا لأفضل مئتي جامعة في العالم، وفي التخصصات المطلوبة لسوق العمل، وهناك ابتعاث للتدريب التقني يبدأ بالتوظيف، وتوجد اتفاقات عليه وقعت مع شركات متمرسة في مجالها، ومن الشواهد، من تم ابتعاثهم إلى كوريا واليابان، ويعملون في مشاريع التعدين بأم الخير، ومن ابتعثوا إلى أميركا كمتدربين في شركة لوسيد الأميركية، ووظفوا قبل ذلك في مقرها بالمملكة. الشهادة في الواقع السعودي الجديد لا تأخذ وزنها إلا إذا كانت مدعومة بالمهارة والخبرة العملية، ما لم نقل بأنهما معيار التفضيل الأول في وظائف كثيرة، ومن أهمها، تقنية المعلومات بفروعها مثل (البلوكتشين)، وعلم البيانات، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي والبرمجة، وتعتبر فرص التوظيف فيها عالية مقارنة بغيرها، وفي المقابل توجد تخصصات تحتاج إلى الشهادة يجانب المهارة والخبرة كالطب، والتخصصات الأكثر طلباً في الشركات السعودية تشمل الموارد البشرية والقانون وتقنية المعلومات والخدمات اللوجستية، وتتراوح رواتبها الشهرية ما بين عشرة آلاف ريال، أو ألفين و667 دولاراً في بدايتها، وتصل إلى 150 ألف ريال، أو 40 ألف دولار شهرياً، وبعض الرؤساء التنفيذين في الشركات تقدر رواتبهم بحوالي 350 ألف ريال في الشهر، أو ما يزيد على 93 ألفاً و300 دولار، وكلها أرقام منشورة في موقع شركة (هاي غروب)، المهتمة بمعدلات الرواتب في مجموعة من الدول الإقليمية. في الظروف الحالية القيمة السوقية والوظيفية للشخص تحددها مؤهلاته وخبراته ومهاراته، والطلب على تخصصه في سوق العمل، والمفروض على من لا يجد وظيفة أن يغير مساره المهني ويستثمر في شهادات الاعتماد والاحترافية، ويؤهل نفسه تعليمياً وعملياً في تخصص يطلبه السوق، بخلاف إن شخصية الباحث عن عمل وامكاناته القيادية، وكفاءته في إنجاز المهام الصعبة تلعبان دوراً مهماً في حصوله على وظيفية، ويوجد أشخاص يشغلون وظائف قيادية، في المستويات التنفيذية الحكومية والخاصة، لا تربطها علاقة بتخصصاتهم، والسبب أنهم يحملون هذه المواصفات. كل ما سبق يخص الجنسين، لوجود تصور خاطئ لمفهوم تمكين المرأة في التعليم والعمل، عند بعض النساء، وأنهن سيحصلن على الوظيفة بمجرد التخرج، وبصرف النظر عن كفاءتهن، وسيعاملن بطريقة مختلفة، والصحيح أن التمكين يضع المرأة في درجة مساوية للرجل، وبالأخص في الحقوق والواجبات، باستثناء الظروف القاهرة كالحمل والولادة، والمعنى أن وظيفتها ليست مضمونة، ما لم تؤدها بالصورة الصحيحة والكفاءة في الوظيفة لا يجب معايرتها بحسب الجنس، وخصوصاً في القطاع الحكومي، وفي كل الأحوال، لا يجوز في القطاع الخاص الإعلان عن وظيفة وتحديد جنس شاغلها، ووزارة الموارد البشرية أوضحت ذلك في تشريعاتها، وقامت بتجريمه. قطاعا التعليم والعمل تغيرا بشكل جذري في الأعوام الأخيرة، ويعود ذلك إلى رؤية المملكة التي تعمل على بناء مواطن منافس على المستوى العالمي في تأهيله ومهاراته، وتهتم بضرورة التدريب العملي أثناء الدراسة الجامعية ولمدة لا تقل عن ستة أشهر، وبواسطة مكاتب خدمات التوظيف في بعض الجامعات، أو البرامج المشتركة بين الجامعات وجهات التوظيف، وبما يضمن وظيفة للطلبة بعد التخرج، ومن أمثلتها، الشراكات مع وزارة السياحة، ومع شركة أرامكو في برامج استخراج النفط، ومع أكاديمية الطيران المدني في تخصص صيانة الطائرات، والثانية تقبل في حدود ألف ومئتي سعودي كل عام، وهؤلاء هم من يقومون بصيانة مجمل الطائرات في الأراضي السعودية، والطرق السابقة، ساهمت في توظيف 56 %، من خريجي كامل الجامعات الحكومية والأهلية في 2023، وعددها 45 جامعة، والجامعات المحلية جيدة، والدليل إدراج ثلاث جامعات سعودية ضمن قائمة أفضل 200 جامعة في العالم، ووجود أكثر من 70 ألف طالب مبتعث فيها، من دول خليجية وعربية وإسلامية، ولا تدخل فيها جامعة (كاوست) لأن هويتها دولية.