المملكة من الدول الرائدة في المشاركة بمختلف الفعاليات الرياضية العالمية، فمنذ تأسيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية عام 1964م، شاركت المملكة في أول ظهور لها في الألعاب الأولمبية عام 1972 في ميونيخ بإرسال 7 رياضيين، وبالرغم من أنها مشاركه متأخرة نسبياً كون انطلاق الألعاب الاولمبية بدأت في أثينا عام 1896م إلا أنها كانت خطوة مهمة في مسار المملكة نحو التواجد الرياضي على الساحة الدولية، أيضا بالنسبة لمشاركة المرأة السعودية في الأولمبياد كانت كذلك خطوة هامة نحو تعزيز دورها الرياضي في المملكة مع اول مشاركة لها في دورة الألعاب الأولمبية بلندن عام 2012م. في دورة الألعاب الأولمبية بسيدني عام 2000 كانت اللحظة الحاسمة في تاريخ المملكة الأولمبي عندما حصدت المملكة ميداليتان "فضية وبرونزية"، والذي كان بمثابة الحافز للرياضة السعودية إلى تحقيق المزيد الميداليات في الدورات القادمة، إلا أن إجمالي ما حصدته المملكة في الألعاب الأولمبية الى الآن 4 ميداليات (فضيتين وبرونزيتين). مشاركة المملكة الأخيرة في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، كانت أقل من المتأمل، حيث شاركت بعشرة رياضيين في رياضة قفز الحواجز والتايكوندو وألعاب القوى والسباحة، وكان الطموح أن تحصد المملكة أكثر من ميدالية، وكذلك الأمل كبيراً بأن تحصد أول ميدالية من رياضية سعودية بعد ما تأهلت لاعبة التايكوندو دنيا أبو طالب بشكل مباشر من التصفيات التأهيلية الآسيوية، ولكن للأسف لم تكن المملكة ضمن الدول ال84 التي حصلت على الميداليات من مجموع 204 دولة مشاركة، مع أن للمملكة حضور جيد في مختلف الألعاب على مستوى دول الخليج والوطن العربي وقارة آسيا وعلى مستوى الألعاب الاولمبية للشباب وتُحقق فيها مراتب متقدمة، ولكن قد لا يكسبها ذلك الاحتكاك القوي مع المنافسين كون الكثير من الرياضيين العالميين لا يشاركون في دورات الألعاب التي تكون أقل مستوى من أرقامهم العالمية، ومع ذلك تعتبر هذه المشاركات دافعاً لتقديم الأفضل في المسابقات الدولية والحصول على الميداليات وتحقيق البطولات. الجدير بالملاحظة في أولمبياد باريس 2024 استمرار احتدام المنافسة المعتادة بين أمريكاوالصين حيث تعادلا في عدد الميداليات الذهبية ب40 ميدالية ذهبية ولكن تفوقت أمريكا بإجمالي عدد الميداليات 126 مقابل 91 للصين، كما نجد من خلال ترتيب الدول الحاصلة على أعلى عدد ميداليات أنها تتمركز بين دول أوروبا وأمريكا الشمالية وشرق آسيا، أما دول أمريكا الجنوبية لا نجدها بالزخم الذي اعتدنا عليه في كرة القدم، حيث إن تواجدها ضعيف وأفضل دولة بينهم في الألعاب الاولمبية هي البرازيل في المرتبة 20 بعدد 20 ميدالية وكذلك الحال أيضاً لقارة أفريقيا وغرب آسيا. بالتأكيد من المنطقي حصول دول مثل أمريكاوالصين على أكثر عدد ميداليات نظراً لكبر عدد سكانها، حيث يبلغ سكان أمريكا 340 مليون نسمة تقريباً وعدد سكان الصين 1.4 مليار نسمة، ولكن إذا عدنا وقارنا عدد الميداليات التي حصلت عليها كل دولة مقارنة بعدد سكانها الذي يعرف بمقياس (Total Modals Per Capita) سوف نجد دول الكاريبي في المراتب الأولى في أولمبياد باريس، حيث كان ترتيب الدول على التوالي في المرتبة الاولى غرينادا، دومينيكا، سانت لوسيا، ثم نيوزلندا وفي المرتبة الخامسة نجد مملكة البحرين الشقيقة بحصولها على 4 ميداليات مقارنة بعدد سكانها 1.7 مليون نسمة، ثم نجد هنا أمريكا في هذا المقياس بالمرتبة 46 مع انها أكثر دولة بعدد الميداليات، أما إذا قارنا إجمالي الميداليات التي حصلت عليها كل دولة مقارنة بالناتج المحلي (Weighted Medals per GDP) نجد كذلك دول الكاريبي تتصدر المراتب الأولى نظراً لقلة الناتج المحلي لديها مقارنة بعدد الميداليات التي حصلت عليها، أما أمريكا نجدها في هذا المقياس بالمرتبة 75. دول العالم قاطبةً تحرص على المنافسة والحصول على الميداليات والبطولات في مختلف المحافل الرياضية العالمية، لما لذلك من أثر إيجابي على صورتها أمام العالم في إظهار التطور الذي تشهده على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي يرتكز بشكل أساسي على نظام تعليمي يعزز الرياضة، ويعتمد على مستوى عالٍ من التدريب الرياضي، بالإضافة الى الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية الرياضية، والبحوث العلمية في مجالات علم الرياضة والتغذية، والتقنية الرياضية، والى استثمار المجتمع الأمثل للوقت، وبالتأكيد الشعور العظيم بالفخر الوطني عند الحصول على الميداليات ودور ذلك في تعزز الوحدة الوطنية. المملكة تنظم سنوياً دورة الألعاب السعودية منذ عام 2022م كأكبر حدث رياضي وطني بهدف تقديم منصة للرياضيين السعوديين تساعدهم على التميز والتطور تحقيقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030 في ظل الدعم اللامحدود من القيادة بزيادة عدد الممارسين الرياضيين والتفوق في مختلف الألعاب، وإظهار قدرات المملكة عالميًا في استضافة أكبر الفعاليات الدولية، وبخاصة عندما تستضيف المملكة دورة الألعاب الآسيوية 2034م الذي سينعكس بالفائدة إن شاء الله ليس فقط على الرياضيين بل على مستوى تجهيز المنشآت الرياضية وإعداد اللجان المنظمة والمشاركين والاداريين والمتطوعين وخلق وظائف جديدة، إضافة إلى الرعايات التي ستجنيها من الشركات العالمية، الذي بدورة سيعزز الاقتصاد المحلي، ويساهم في الترويج الدولي لهوية السعودية وتاريخها العريق وسيكون مصدر إلهام للأجيال القادمة، الأمر الذي يمهد لمستقبل مشرق بإذن الله في تحقيق المملكة المزيد من الميداليات والمراكز المتقدمة في مختلف الألعاب الأولمبية والبطولات العالمية.