إنها بادرة مشجعة ذات دلالة، أن يجدد بلدنا نفسه، ويراجع بصورة دائمة ما يتخذه من قرارات. وأنا أذكر كيف غمرتنا الفرحة عندما تم إنشاء الهيئة العامة للاستثمار وإجراء تعديلات جوهرية حينها على نظام الاستثمار. والآن تجدد المملكة مرة أخرى هذا النظام. فهذه خطوة إن دلت على شيء فإنما تدل على حيويتنا ورفضنا أن نتأكسد ويتراكم الصدأ علينا. إن تحديث نظام الاستثمار سوف يدخل حيز التنفيذ العام القادم 2025، وذلك بهدف خلق بيئة أكثر جذباً للاستثمار وزيادة رؤوس الأموال المتدفقة علينا لدفع عملية إعادة هيكلة اقتصادنا وتقليل اعتمادنا على النفط. فأحد أهم أهداف «رؤية 2030»، هو رفع وزن قطاع الأعمال في الناتج المحلي الإجمالي وتقليل مساهمة القطاع الحكومي فيه. ومن أجل هذا الغرض نحتاج إلى خلق بيئة مناسبة لجذب أكثر من 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنوياً بحلول عام 2030. وبالتأكيد، فإن خلق الظروف المناسبة لرؤوس الأموال الأجنبية لتدفق على بلدنا، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بديلاً عن زيادة نشاط رؤوس الأموال السعودية والمحلية في الحياة الاقتصادية. فكحد أدنى، يفترض أن تجد رؤوس أموالنا بيئة في الداخل مشجعة لنشاطها مماثلة للبيئة المتوفرة في الخارج وخاصة في دول الجوار، حتى لا تهرب رؤوس الأموال هذه إلى هناك. ولكن الحد الأدنى لا يكفي لطموحاتنا التي حلق بها ولي العهد إلى عنان السماء. وعلى هذا الأساس، نحتاج إلى بيئة جاذبة للاستثمار خلال الفترة المقبلة، بحيث تكون مغرية أكثر من البيئة الاستثمارية في البلدان الأخرى وعلى رأسها في المحيط الإقليمي. وهكذا يواصل بلدنا مسيرة الإصلاحات والتجديد باستمرار، بقيادة ولي العهد، وعلى رأسها الإصلاحات الاقتصادية، التي يدخل ضمنها تحديث نظام الاستثمار. فهذا النظام سوف يدشن مرحلة جديدة من علاقتنا بالاستثمارات المحلية والأجنبية. فنظام الاستثمار المحدث يحمل في طياته الكثير من المزايا، وعلى رأسها: تعزيز حقوق المستثمرين من خلال المعاملة العادلة وحماية الملكية الفكرية والحرية في إدارة الاستثمارات وتحويل الأموال بيسر وسهولة، والشفافية والوضوح في الإجراءات، بما يتماشى مع أنظمة الاستثمار في البلدان الرائدة. طبعاً المقاس لعملية تحديث نظام الاستثمار والنتائج المتمخضة عنه سوف تجد لنفسها انعكاساً في التقييمات التي تصدرها العديد من الجهات مثل تقرير التنافسية وتقرير ممارسة أنشطة الأعمال، حيث من المتوقع أن يتقدم تصنيفنا في هذه التقارير، بعد أن تعطي التحديثات دفعاً للاقتصاد. ولكن أهم مقاس هو الناتج المحلي الإجمالي. إذ من المتوقع أن تؤدي عملية التحديث لنظام الاستثمار إلى رفع مساهمة قطاع الأعمال بشقيه السعودي والأجنبي في هذا الناتج أولاً، وهذا بدوره سوف يؤدي ثانياً إلى رفع حجم هذا الناتج إلى مستوى جديد، ربما يصل إلى 1.5 تريليون دولار، خلال الفترة القريبة المقبلة.