"دعونا نفعل شيئاً مختلفاً لمشروعنا النهائي" كان هذا لسان حال مجموعة من طلاب سنة التوجيهي في ثانوية "مليتون" بولاية ماساتشوستس الأميركية، الذين خرجوا بفكرة إبداعية، لتحويل حافلة مدرسية متهالكة إلى حافلة منزلية، يعبرون بها أميركا من شرقها نحو غربها! خلال شهر "مايو" الماضي، وقبيل تخرجهم من الثانوية، اتفق عشرة شباب على فكرة مبتكرة، وهي شراء حافلة مدرسية قديمة، ثم صيانتها، وإعادة تأهيلها من جديد، واستخدامها في رحلة لا تنسى قبل التحاقهم بالجامعات، احتاج الأمر إلى سبعة آلاف دولار، جمعوا مدخراتهم، ولكنهم كانوا بحاجة أيضاً للعمل في وظائف جانبية، لشراء الحافلة الصفراء، وتوفير المعدات والمستلزمات، ثم عملوا بأيديهم على حافلتهم. كانت البداية بإطلاق حسابهم عبر منصة إنستغرام "boys.with.the.bus"، والإعلان عن رحلتهم، وتصوير رحلة تحوّل الحافلة الصفراء العتيقة، إلى حافلة منزلية عصرية، تحتوي على سرائر نوم، ومقاعد ومناضد وإضاءات، وكافة مستلزمات السفر والتخييم، مما لفت اهتمام الكثيرين نحو فكرتهم المختلفة، هذه الشرارة قادت وخلال أسابيع معدودة، إلى أن يصل عدد متابعيهم إلى 2.3 مليون متابع! رغم أن عدد منشوراتهم ضئيل، ولكنه -للحقيقة- ثري ورائع. لم يكونوا يعرفون ماذا يفعلون! لكنها كانت فرصة للتعلّم والتطوير الذاتي، والأهم تنمية روح الفريق الواحد والتعاون المشترك، فمثل هذه المشاريع هي ما يكسب الشخص المعارف والخبرات أكثر من الكتب والدورات، فمثلاً في بدايات عملهم على الحافلة، وبعد نزعهم المقاعد القديمة، أخطأوا في تنفيذ النوافذ والأبواب، مما اضطرهم لإعادة العمل من جديد! غير أنها كانت فرصة لاستقبال ملاحظات الخبراء واقتراحات المهتمين، مما طوّر الفكرة، وجعل منتجهم النهائي يبدو كما لو كانت نتاج محترفين مختصين! ناهيك عن تحولهم لمصدر إلهام للشباب. كانت الأيام تمضي سريعاً، منذ اليوم الأول لوصول الحافلة العتيقة، وكل يوم يتم تعديل وتطوير جزء أو قطعة ما، حتى اليوم الثامن والعشرين الذي صادف يوم تخرجهم من الثانوية! وكانت فرصة لدعوة زملائهم الآخرين لزيارة الحافلة بعد حفل التخرج! ثم بعد استكمال التحسينات والأفكار المجنونة، كان الانطلاق إلى ساحة "تايم سكوير" في نيويورك، حتى تكون البداية من أقصى أميركا حتى أقصى غربها. ذاع صيتهم، لدرجة أن قدمت عنهم شبكة أيه بي سي الأميركية تقريراً مصوراً في نشرة أخبارهم! واستضافتهم في برنامج صباحي، مما حفزهم لتطوير ظهورهم في شبكات التواصل الاجتماعي، والتوسع نحو منصات أخرى، ومدونتهم التي تحتوي على متجر لبيع منتجات تحمل شعارهم وعباراتهم، مثل القمصان والقبعات. والرائع أنهم لم ينسوا دعم المجتمع لهم في تطوير الفكرة وتحويلها إلى واقع، فبدأوا باستغلال متابعيهم لتحفيزهم على الدعم والتبرع للجمعيات التي تنشط في أوساط الشباب. وتبقى دوماً الأفكار ملقاة على قارعة الطريق، ولكن التحدي ليس فيمن يلتقطها؛ بل من يُؤمن بها ويجتهد عليها، حتى يصل إلى النجاح.